ال(30) من أغسطس من كل عام يمثل اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري،حيث انضمت(68) دولة للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي دخلت حيز النفاذ منذ حوالي (12) عاماً اثني عشر عامًا ، فى هذا المقال أود الإحالة إلى الحالة السودانية هذا يلزم البدء بالإشارة إلى بعض تواريخ الاختفاء القسري في السودان، فقد شهدت دولة ما قبل الإستقلال حالات واسعة ارتبطت بممارسة تجارة الرق آنذاك،استمر الحال عقب أحداث توريت 19 ديسمبر 1955 فى توقيت متزامن مع إعلان الإستقلال لتستمر الحالة عقب ذلك مستهدفة أسري الحرب بشكل غالب، كما شملت الأطفال على خلفية ممارسات تمت من بعض الذين شاركوا في الحرب الأهلية باستقدامهم للعمل بالمنازل شمالا وشملت حالات متعددة ظلت فى سياق المسكوت عنه لفترات طويلة.
فى 1984 برزت ظاهرة الاختفاء القسري مع بداية تكوين السلطة المركزية للمليشيات من مجموعات على الشريط الحدودي بين إقليمي شمال وجنوب السودان آنذاك، أي بعد عام من تأسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل الدكتور جون قرنق دمبيور، حيث إباحة لهم القتل، والاسترقاق والنهب والحرق للقرى مجموعات داخل الإقليم الجنوبي على نسق العقاب الجماعي، إنعكس الأمر فى رسم أنماط العنف ذهنيا وماديا بالإضافة إلى غرس عنصر العسكرة داخل المجتمعات التى انخرطت فى سلك المليشيات بالإغراء السياسي بدلا من تقديم لها السلطات المركزية الخدمات لتنعم بحياة كريمة، تفلح جهود لجنة سيواك" لجنة محاربة إختطاف النساء و الأطفال" التي أسست فى 30 يناير 2022 من إعادة الآلف الأشخاص الي أسرهم من المنحدرة أصولهم من إقليم جنوب السودان آنذاك، أشرف سيواك على الاسرى ال(112) الذين أطلقت الحركة الشعبية لتحرير السودان سراحهم فى 2005، ظلت جهود اللجنة مستمرة وفقا لمصادر إعلامية مستمرة لتتمكن فى 2013 من إعادة (127) طفل مخطوف من ولاية شرق دارفور إلى دولة جنوب السودان
كان النمط قد تواصل مع تديين الحرب الأهلية بعد استيلاء الإسلاميين على السلطة فى 1989، إلى جانب حالات أخرى للسجناء الذين يتم استبدال عقوبة السجن بالقتال فى الحرب الاهلية آنذاك، حيث يقابل القتال لمدة عام بإلغاء عشر سنوات من السجن، حيث أن القتل فى الحرب من الراجح أن حول الحالة إلى الإختفاء القسري في بعض الحالات.
إستمر الإختفاء فى حالة حرب دارفور سواء لبعض أعضاء الحركات المسلحة أو من المجموعات المنحدرة أصولهم من مجموعات مشتركة مع قادتها هنالك حالات فردية شملت أبا ذر الغفاري ثم البروفيسور عمر هارون، ثم حالات لأعضاء بالعدل والمساواة أثناء الهجوم على امدرمان فى 2008، برزت حالات فى 2017 بمنطقة جبال عدولة بشمال دارفور بعد المعارك التى تمت بين القوات الحكومية وقوات حركتي تحرير السودان قيادة مني مناوي والمجلس الإنتقالي قيادة الدكتور الهادي إدريس، امتد السجل إلى الحالات التي نتجت من فض اعتصام القيادة العامة في 3 يونيو 2019 ويشار إلى الموثقة منها ب(11) حالة، برزت الحالة مرة أخرى عقب انقلاب 25 أكتوبر 2021 دون سجل لتوثيق دقيق للأعداد حتى الراهن.
كل هذه الحالات لم يطالها التحقيق الجاد الإ بعد الثورة حيث شكل مولانا تاج السر الحبر النائب العام السابق للجنة شملت ممثلين للأسر ومبادرة مفقود إلى جانب محاميين ووكلاء نيابة للتحقيق والكشف عن مصيرها، بل ذهب مولانا الحبر خطوة بطلب فريق طبي أجنبي قدم إلى الخرطوم فى أبريل ٢٠٢١ للقيام ببعض مهام الطب الشرعي إلا أنها لم تتمكن من إكمال مهمتها العملية التى كان إكمالها سيمكن الفريق من إعداد دليل للتعامل مع الحالات، لابد من الإشارة إلى أن تكلفة الفريق بلغت وفقاً لبعض المصادر حوالي 200 ألف دولار ذهبت أدراج الريح حيث واجه الفريق عقبات الوصول إلى أحد المشارح المستهدفة،ليفقد السودان ذوي الضحايا فرصة تاريخية كانت ستدفع العدالة خطوة نحو الأمام ولا سيما أن الدليل العلمي العملي كان قد يمكن من المساهمة فى سجل الحالات على سبيل المثال لا الحصر، ملف ضباط رمضان الذين أعدموا فى العام 1991، ومجزرة طلاب العيلفون التى حدثت فى 1994، بالإضافة إلى سلسلة المقابر الجماعية بإقليم دارفور عقب الأحداث فى 2004 ثم النيل الأزرق بعد أحداث 2011، حيث برزت خلال فترة تولى مولانا الحبرعدد من المواقع التى يرجح انها مقابر جماعية لأشخاص لم يتم التعرف على هوياتهم لربطهم بأحداث قتل جماعية، عقب إنقلاب 25 إكتوبر2021 أصدر الدكتور عبدالباقى العضو المقال بالمجلس السيادي الإنقلابي قرار بتشكيل لجنة لتولي دفن الجثث بالمشارح الأمر الذي قابلته بعض أسر المفقوديين بمذكرة رفض إستندت على أسباب القدح فى بالمهنية والحياد، ذهبت المذكرة إيجابآ واقترحت إستقدام فريق طبي أجنبي محترف مع اقتراح آخر وهو نداء للأطباء السودانيين العامليين بالخارج فى مجال الطب العدلي لتولي المهمة، هاهو قرار أخر يصدر فى 29 أغسطس2022 صدر بدفن الجثث قابله بيان للجنة الأطباء طالبت فيه بحزمة إجراءات طبية يجب إتباعها وتوفرها قبل القيام بالدفن، فى تقديري أن التفكير الجدي فى تذليل العقبات التى واجهت الفريق الطبي الارجنتيني فى اقرب وقت سواء منفردين أو مع شركاء الصحة من المنظمات العاملة بالبلاد حتى يتم إنجاز الدليل الذي يمكن من خلاله إكمال عمليات الدفن بطريقة تفي بالمعايير المحترفة، فى حال تعذر ذلك إعادة النداء للأطباء السودانيين بالخارج لتولي الحالة
إذن ملخص الحال فى اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري أنه لا سبيل للمضي قدما الإ بتضافر الجهود لكافة الفاعليين ورسم إستراتجية للتعامل مع الحالات المختلفة بطريقة محترفة ومهنية
أخيرا: عودا قريبا للمفقودين يعيد الطمأنينة للنفوس، تقدير مستحق لمبادرة مفقود التي كشفت عن علو كعب مبادرات جيل الثورة الخلاق، وإحترام للقانونيين الذين عملوا والذين لازالوا يقدمون، وإشادة بجهد مكتب المبعوث السامي لحقوق الإنسان بالخرطوم وكافة المنظمات الحقوقية الفاعلة والمهتمة.
شارك هذا الموضوع: