التعذيب و الطب العدلي في السودان

محمد بدوي - 04-01-2021

التعذيب و الطب العدلي في السودان . " إغتيال بهاءالدين ومغادرة د أكرم . "

التجربة السودانية لبعد الاستقلال ظلت تثبت أن إرادة السودانيين/ات في مقاومة الدكتاتوريات لا يمكن إعاقتها لأن حركتها إيقاع مشترك  جريان نهر النيل الخالد ، و بذات القدر حينما يهدر مد الثورات فانه يوازي الفيضان الذي يختار توقيت معانقته لليابسة خارج مجراه في فعل رافض للعادة و القيود .
تتحصن  الثورات بذاكرة تؤرخ لأحداثها ووعي يكشف عن أن مراحل الصمت خلال الفترات الديكتاتورية  أفعال تراكم لإحداث التغيير ، وذاكرة صلدة مهمتها الرصد و التوثيق للجرائم و  الانتهاكات و أفعال سوء إدارة الدولة  وما ينتج عنها ، وذلك لوعيها بأنه لايضيع حق وراءه مطالب ، ولقناعتها بأن العدالة صمام أمان للدولة للتحول الديمقراطي ، حادثة إغتيال الشاب السوداني بهاء الدين نوري عليه ألف رحمة ونور بالرغم أنها  ليست الأولي منذ 30 يونيو 1989 في سياق القتل خارج نطاق القضاء ، التعذيب الممنهج ، الاختفاء القسري الإ أن الوقفة الصلبة للشارع السوداني أزالت الستر عن كثير من التفاصيل كانت في السابق تحصن بسيطرة السلطة علي أجهزة تنفيذ القانون ، فكشفت بشكل عاري تماما كيف تعمل مافيا  القتل الممنهج بكل أضلاعها .
.
حادثة اغتيال بهاء الدين نوري ألقت بظلال كثيفة  تجربة ممارسة التعذيب في السودان حيث لأول مره بشكل واضح برز ما يشير إلي دور لبعض العاملين في حقل الطب العدل ، دون الخوض في التفاصيل لتولي جهات رسمية التحقيق ، الإ أن الأمر فرض الإنتباه إلي التطورات الجديدة لانها بالضرورة مهمة في سياق التعامل مع سجل حالات التعذيب في الماضي القريب والبعيد منذ 1989 الصدمة التي كشف عنها نتاج إعادة بعض الإجراءات الطبية مثل التشريح  تعيد الإنتباه إلي أعادة النظر في بعض الأحداث والبحث لها عن إجابات بعد أن عبرناها بحسن نوايا علي سبيل المثال لا الحصر  ودون التدخل في سلطات اية جهة مختصة و دون  إتهام مسبق بل في سياق التحليل والتفكير بصوت عالي ماهي العقبات التي أجبرت أو لماذا أجبر  وزير الصحة السابق د أكرم علي التوم علي مغادرة الوزارة ؟ هل ما ظل يشاع عن شبح ما عرف بمافيا الدواء؟  أم ان هنالك اسباب اخري مرتبطة بمقاومة الإصلاح للمؤسسات الطبية ؟ في كل الاحوال الشفافية منفذ آمن من تكرار الأسئلة و طريق معبد للإستفادة من التجارب في ظل الفترة الإنتقالية الراهنة .
التوقيع علي الوثيقة الدستورية2019  بشكلها الراهن  كان إيذانا بالإبقاء علي قانون جهاز الامن الوطني والمخابرات 2010 وأن سحبت منه سلطات الإعتقال , لأن عدم إلغاء القانون والإستعاضة عنه باخر مهني أبقي علي تركة وحدات  التعذيب في كل الوحدات التي كانت علي علاقة بممارستها في الاجهزة النظامية المختلفة ، و هو الوضع الذي قاد الي إستمرار ثقافة وممارسة الإنتهاكات ، الاعتقالات التعسفية و التعذيب المفضي للموت او القتل خارج نطاق القضاء  وتكرار التجربة المرتبطة بالانتهاكات السابقة  من قبل الدعم السريع في مواجهة المدنيين الامر الذي يفرض إتخاذ حزم من الإجراءات من قبل الحكومة الانتقالية لضمان احترام الحق في الحياة والكرامة والحرمة من التعذيب ، واحترام الوثيقة الدستورية و التزامات السودان الإقليمية والدولية نوجزها في الأتي :
1- الحكومة الانتقالية إتخاذ خطوات جدية  للمصادقة علي اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العقوبات القاسية والمهينة و اللانسانية .
2- علي الحكومة الإنتقالية الإسراع في تشكيل  المفوضيات بما يشمل مفوضية الإصلاح القانوني ، للبدء في مهامها .
3- علي المجلس السيادي بالتعاون مع الوزارات المختصة اعلان خطة تفكيك ممنهجة  لكافة مراكز الاحتجاز غير القانونية .
4- علي المجلس السيادي مساندة السلطة الإنتقالية و النيابة العامة بتوفير الموارد المادية والفنية  بما يضمن إكمال هياكلها ، والتدريب و توفير بيئة عمل نوعية .
5- علي وزارة الصحة  اعداد خطة لتاهيل الطب العدلي  و إعتماد نظم اللجان المتخصصة في القضايا المرتبطة بالإنتهاكات .