المراقب للمشهد السوداني يلحظ تراجع في حالة الأمن خلال الأسبوعين المنصرمين شمل السجل ( ٨ ) أحداث يمكن إستعراضها علي النحو التالي ، ولاية وسط دارفور حادثة طلاب جامعة زالنجي التي راح ضحيتها طالب أثر الإصابة بعيار ناري له الرحمة و للمصابين عاجل الشفاء ، الإعتداء و تخريب و حرق لمبني أمانة حكومة الولاية نتجت عنها خسائر كبيرة شملت عشرات السيارات التى سلمتها بعثة اليونامد للحكومة المحلية ، العنف الطلابي و ممارسة حرية التعبير بجامعة بحري بين تنظيم الجبهة الديمقراطية و طلاب حركة العدل والمساواة ، التعسف في إستخدام السلطة في حالة إقالة عميد طلاب جامعة النيلين الدكتور مجدي عزالدين حسن أثناء إدارته لناظرة حول الفكر الجمهوري بين الأستاذة أسماء محمود محمد طه و الدكتور حيدر إبراهيم مدير مركز الدراسات السودانية ، ظاهرة العنف العرقي بولاية البحر الأحمر و الإعتداء على حي سكني بمدينة بورتسودان و سلب و سرقة لملحقات بعض المساكن ، الترويع و إستخدام السلاح الناري الناتج عن تأخر تنفيذ بند الترتيبات الأمنية فى إتفاق سلام السودان ٢٠٢٠ حمل علي مواجهة مسلحة بين قوة حكومية مدمجة و بعض أفراد الحركات بضاحية سوبا بالخرطوم ، قتل فيها احد منسوبي احد الحركات والقبض علي سبعة ٱخرين كما جرح شرطي من القوة المدمجة ، العنف و التهديد بالسلاح لاحد وكلاء النيابة من قبل احد قادة حركة تمازج حمل رتبة اللواء بمقر عمله بمدينة الجنينة بولاية غرب دارفور ، القبض علي اثنين من منسوبي التحالف السوداني الموقع علي اتفاق جوبا علي خلفية حادث قتل خارج نطاق القضاء مصحوب بعملية سلب راح ضحيته مدنيين بمدينة الجنينة ، العثور علي سيارة بمحلية كلمندو بشمال دارفور بعد تعرضها لعملية سرقة تحت تهديد السلاح بمدينة الفاشر بشمال دارفور ، القتل خارج نطاق القضاء في حالة المدير التنفيذي لمحليه أبو زبد بولاية غرب كردفان صلاح هارون له الرحمة الذي عثرت علي جثته بالقرب من مطار الأبيض بولاية شمال كردفان وهو مصاب برصاصة في الرأس العثور له الرحمة .
بالنظر إلي الأحداث و ما يربط بينها ، اشتركت في كونها جرائم و إنتهاكات وفقا للقوانيين السودانية او مواثيق حقوق الإنسان ، راح ضحيتها (5) اشخاص بينهم (٤) مدنيين ، نطاقها الجغرافي شملت سبع ولايات سودانية (٣) ولايات بدارفور ، (٢) بكردفان ثم ولايتي بورتسودان شرقا و الخرطوم ، (٣) منها شكلت الحركات المسلحة الموقعة علي اتفاق سلام السودان طرفا فيها ، ارتبطت (٣) منها بشكل و ٱخر بجامعات سودانية .
بالنظر اليها في واجب الدولة و الحماية و سيادة القانون ، عبرت عن تراجع تدخل السلطة الوقائي او بعد الحدث مباشرة او بعبارة أخري تراجع دور الشرطة المقترن بالغياب النسبي للمعلومات التفصيلية بشكل رسمي في غالبها و انعكاسها علي المشهد .
سياسيا تمثل عرض لمسار التغيير المرتبط بثورة ديسمبر ٢٠١٨ نتاج لإنحراف مسار القوة الدافعة إلي حالة الإرتداد الداخلي ، و تأثير العاملين موضوعي و ذاتية يمكن قراتها علي النحو التالي
الموضوعي مرتبط بشكل السلطة الانتقالية من الشراكة بين المدنيين والعسكريين ، طبيعة المكون العسكري الذي ارتبط بالمؤسسة العسكرية و المليشيات و ارتباطهما التاريخي معا بالعلاقة مع النظام السابق ، و الصراع غير المعلن داخل المكون العسكري و اثره في الصراعات التي شهدتها الفترة الانتقالية من ( بورتسودان ، كسلا ، الجنينة ، أبيي ، نيرتتي ، قريضه ، و غيرها ) ، إقتران ذلك مع غياب ترسيم شكل الدولة ، كل ذلك مع تغييب المحكمة الدستورية ، أجهزة تنفيذ العدالة ، تأهيل القوات النظامية ، وتشكيل البرلمان ، وتأخر اجازة القوانيين المنظمة لحرية التعبير ، وتشكيل الحكومات الولائية في مستواها التاني المرتبط بالوزراء او التنفيذيين المحترفين ، ذلك اثر في اكتمال السلطات الثلاث التشريعية ، القضائية و التنفيذية بما جعل الامر يرتكز في زاوية السلطة و ممارستها دون ضمانات مما قد يقود نحو تراكم الاخطاء و انسداد افق الحلول او بعبارة اخري ما تحقق ضلع واحد لا يمكن ان ينهض مستقيما .
أما ذاتيا عدم تناسب ترتيب اجندة التغيير جعلت الجهد التنفيذي يهمل مسالة الامن الداخلي في كونه يعزز حالة رفع اسم السودان من قائمة الارهاب ، ومناخ افضل لتطبيق اتفاق السلام ، لانعكاس الاصلاح الاقتصادي ، هو ما جعل التراكم السالب تتجه بوصلته نحو الداخل المستهدف بمراكز مقاومة النظام السابق بكافة الاشكال الاقتصادية و الامنية و الاعلامية التي لا تفتر في ارهاق المشهد بالشائعات و التشكيك بهدف فصم عري العلاقة بين الثورة و غاياتها .
الادوات التي اعتمد عليها الشارع في الثورة شكلت حزم خلاقة استطاعت كسر اطواق الايدلوجيا السياسية والعسكرية التي تحصن خلفها النظام السابق ، في ذات الوقت اعاد تقديم حزم ادوات التغيير السلمية في ماهيتها هزمت سياسات المفاضلة او فلسفة الهبوط الناعم فوجدت اهتمام و احترام اقليمي وعالمي ، هذا التميز والوعي اعاد الثقة و التتويج لإرادة الشعوب و الشارع السوداني بشكل خاص ، لكن تأثير الذاتي و الموضوعي قاد الي ما يمكن وصفه بحالة الياس او الاحباط و عدم القدرة علي استجلاء المشهد
اخيرا: في تقديري ان الحالة تدعو للنظر ابعد من مبادرة رئيس الوزراء ناهيك عن التركيز علي الاسماء التي حملتها لأنه قبل اكتمال السلطات التشريعية و القضائية يمثل الامر إنشغال بفروع في غياب الاصل ، و يتأتى ذلك باستخدام الجهاز التنفيذي لصلاحياته و هو مسنود الظهر بالشارع وقوي الثورة و من ثم فلتاتي المبادرات لتحل المعضلات لكن بعد ان يكتمل الشكل ، و لدفع الاحباط والياس و الحاصل شنو ؟ لابد من النظر الي الثورة و التغيير كحالة مستمرة حتي نهاية الفترة الانتقالية
و الحاصل شنو !
شارك هذا الموضوع: