تعرف المادة الأولى من الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري 1969 (والتي انضم إليها السودان في مارس 1977) مفهوم "التمييز العنصري" بأنه يعني "أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم علي أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، علي قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة." ولا نحتاج لخطاب أخلاقي أو فلسفي مطول لإدانة كافة أشكال التمييز العنصري باعتبارها من افظع الأعمال اللاإنسانية التي تنتهك كرامة بل وإنسانية البشر. التمييز العنصري بهذا المعنى الواسع للمفهوم ممارسة موجودة في السودان في الماضي والحاضر سواء من قبل مؤسسات الدولة الرسمية أو من قبل بعض المجموعات والأفراد. وسيتناول هذا المقال القصير صور وأشكال التمييز العنصري في السودان وأسبابها وجذورها التاريخية وسبل مناهضتها والقضاء عليها. يأتي هذا المقال في وقت يشهد فيه العالم ثورة عالمية ضد العنصرية والتمييز انطلقت شرارتها نتيجة لجريمة قتل المواطن الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد على يد أفراد الشرطة الأمريكية، وذلك في 25 مايو 2020 في مدينة منيابولس، مينيسوتا. وهناك مؤشرات عديدة على أن العنصرية ومختلف أشكال التمييز وأوضاع اللامساواة السائدة في مختلف أنحاء العالم لن تستمر بالصورة التي كانت عليها قبل هذه الثورة العالمية.
لايزال المجتمع السوداني في غالبه مجتمعا زراعيا رعويا تتحكم فيه التكوينات القبلية، وتهيمن فيه قيم الثقافة التقليدية التي تسود في مثل هذا النوع من المجتمعات والتي تميز بين المواطنين على أساس إثني وتقسم الناس إلى أحرار وعبيد وعرب وزرقة…إلخ، وتحكم على الفرد ليس من خلال صفاته ومؤهلاته الشخصية ولكن من خلال انتمائه الإثني أو القبلي أو الجهوي. ويتمايز الناس فيها وفقا لانتماءاتهم العشائرية وأشجار النسب المثيولوجية وليس بانتماءاتهم الطبقية أو المدنية. هذه الثقافة التقليدية التي تحتل مفاهيم التمييز والتفرقة العنصرية فيها موقعا مركزيا يُرجح أن تظل سائدة بدرجات متباينة إلى أن يدخل المجتمع عصور وأطوار الحداثة الثقافية والتحديث الاقتصادي والاجتماعي. والمدخل الطبيعي لذلك هو، من بين أشياء كثيرة، نقد وتفكيك قيم الثقافة التقليدية السائدة وقيام الدولة بواجبها في إصلاح التعليم والثقافة والإعلام وإعادة كتابة التاريخ الوطني والاعتراف بمساهمات كل المجموعات السودانية، وسن القوانين التي تجرم كافة أشكال العنصرية والتمييز الإثني وتعاقب عليها بعقوبات رادعة، ويأتي ذلك بعد الوصول إلى عقد اجتماعي دستوري اقتصادي وثقافي جديد يقوم على مبدأ المواطنة المتساوية بلا تمييز.
ويمكن للمجتمع المدني والأهلي والناشطين والجامعات والإعلام والأحزاب أن يلعبوا دورا هاما يعضد الجهود الحكومية في مكافحة العنصرية والتمييز وخطابات الكراهية الإثنية والدينية المنتشرة أيضا، وتنمية ثقافة المساواة وعدم التمييز واحترام كرامة البشر وحقوقهم انطلاقا من مبدأ أن جميع البشر يولدون أحرارا وهم متساوون في الحرية والكرامة. وتدخل في ذلك مهام الإصلاح الحزبي وتساعد فيه وذلك بأن تتضمن برامج الأحزاب مبادئ المواطنة المتساوية وعدم التمييز واحترام حقوق الإنسان، ونبذ وإدانة خطابات العنصرية والكراهية العرقية أو الدينية والمنظمات التي تتبناها والتي ساهمت بالطبع في مفاقمة مشكلة العنصرية في السودان. وينبغي في هذا الصدد لفت الانتباه لنقطة هامة وهي أن مشكلة العنصرية في السودان تتميز عن تجارب مجتمعات كثيرة شهدت ظاهرة التمييز والعنصرية مثل تجربة الفصل العنصري بين البيض والسود في جنوب أفريقيا "الأبارتايد"، أو التمييز والاضطهاد الذي كان يمارس ضد الأفارقة في الولايات المتحدة في أن التمييز العنصري في السودان يمارسه بعض السودانيين ضد بعض بني جلدتهم.
ويتداخل مع ذلك عامل سيادة الفقه الإسلامي التقليدي الذي لا يزال يحوي فقها كاملا يختص بأحكام الرق والأماء والعبيد. لهذا السبب، وكما أشار لذلك البروفِسور عبدالله أحمد النعيم، يتعارض الفقه الإسلامي التقليدي مع بعض المعايير الأساسية لحقوق الإنسان: "على سبيل المثال فإن الرق يعتبر ممارسة مشروعة بموجب أحكام الشريعة الإسلامية، ويمكن أن تعود مؤسسة الرق للحياة متى ما توفرت الشروط التي أقرتها لها الشريعة الإسلامية." وقد رأينا كيف عادت بالفعل مؤسسة الرق وأسواق النخاسة للحياة في القرن الواحد والعشرين على يد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، تطبيقا لهذه الأحكام التي لا تزال موجودة في كتب الفقه الإسلامي التقليدي. وتتضح هنا أيضا العلاقة الوثيقة بين قضية الإصلاح الديني ونقد فقه القرون الوسطى وبين تصفية تركة الرق والعنصرية والمبررات الفقهية التي تستند عليها.
من مخلفات الماضي التي لعبت أيضا دورا رئيسيا في استمرار ممارسات التمييز والعنصرية في السودان حملات الاسترقاق المكثفة في فترة الحكم التركي - المصري ضد سكان مناطق بعينها، خاصة في جنوب وغرب السودان، ومساهمة بعض الأفراد السودانيين في هذه الحملات. ومع الإقرار بأن الرق ظاهرة تاريخية ظلت موجودة منذ عهد الفراعنة والممالك الكوشية القديمة وربما قبل ذلك وكذلك في سلطنتي الفونج والفور وفي الجنوب وكل المجتمعات التقليدية، إلا أنه كان يمارس في نطاق تقليدي محدود. التطور النوعي الذي حدث في فترة الاستعمار التركي - المصري هو تحول ظاهرة الرق إلى ممارسة منهجية واسعة النطاق ومؤسسية بمعنى انها مرتبطة بسياسة الدولة الرسمية كأحد الأهداف الرئيسية لغزو السودان (جلب العبيد والذهب). أدى هذا الانتشار الواسع في ممارسة الاسترقاق ومشاركة أطراف وطنية فيه إلى بذر أخطر بذور الإنقسام والتمييز العنصري في المجتمع السوداني. وفي رأي بروفيسور أمير إدريس (2013)، فإن تركات الرق قد ساهمت في تشكيل نسق مضطرد من ممارسات التمييز والعنصرية، ولا تزال تلك التركات ومخلفاتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية تلعب دورا في تشكيل العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية ما بين دولة ما بعد الاستقلال والمجموعات الخاضعة لها. يحتاج السودانيون للعودة للماضي والاعتراف بكل جرائم الرق التي ارتكبت بحق بعض المجموعات السودانية بغية توحيد الضمير الوطني وإنصاف المجموعات التي واجهت تلك الفظاعات، والاعتراف بمساهماتها ودورها في عملية البناء الوطني التاريخي والمعاصر، وإعادة كتابة تاريخ السودان بمنهج علمي محايد يستهدف إثبات الوقائع التاريخية بعيدا عن التحيزات والروايات المثيولوجية التي تزيف أو تطمس الحقائق التاريخية، أو تلك التي تتعامل معها بطريقة انتقائية.
العنصرية في السودان لها أيضا بعد مؤسسي وبنيوي مرتبط بسياسات تهميش وإقصاء الغالبية من السكان وحرمانهم من التمتع بحقوق المواطنة المتساوية السياسية والاقتصادية والثقافية التي تبنتها الدولة المركزية منذ الاستقلال. والمقصود بالإقصاء العملية التي يتم بموجبها حرمان مجموعات معينة من التمتع بحقوقها الإنسانية المشروعة بسبب التمييز (المباشر أو غير المباشر) الذي يمارس ضدها على أسس الإثنية أو الدين أو النوع (الجندر) أو الرأي السياسي…إلخ. ويتم ذلك عبر المؤسسات وأنماط السلوك التي تعكس وتعزز قيم المجموعات المهيمنة في المجتمع (أصحاب الامتيازات). ويحرم الإقصاء والتمييز الأشخاص من المشاركة الكاملة في المجتمع وخيراته ومن حرية الاختيار والفرص المتاحة للخروج من دائرة الفقر، كما يصادر أصواتهم ويمنعهم من الجهر بحقوقهم والمطالبة بها، ولهذه الأسباب مجتمعة يشكل الإقصاء الاجتماعي السبب الرئيسي للفقر والانقسامات والتوترات في المجتمع.
من وجهة نظر سيد أدجوموبي، فإن تكوين وطبيعة الدولة الحديثة في أفريقيا واللذان يرجعان للحقبة الاستعمارية يجعلانها تنزع باستمرار نحو منح امتيازات وحقوق تفضيلية لمجموعات إثنية معينة وبطريقة مؤسسية على حساب مجموعات أخرى، مما يخلق درجات متباينة وغير متساوية من المواطنة. وتصبح المواطنة بموجب هذه الآليات ظاهرة مرتبطة بالانتماء لمجموعة إثنية أو ثقافية معينة أكثر منها علاقة فردية تربط بين المواطن الفرد والدولة. لذا، وبدلا عن قيام الدولة بتوفير رابطة عامة تجمع مختلف فئات الشعب عبر علاقة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات فإنها تقوم عبر سياساتها التمييزية ومؤسساتها بخلق ولاءات متعددة للسكان. والنتيجة الطبيعة في مثل هذه الوضعيات هي تفشي العنصرية والتمييز بين المواطنين والتوترات والصراعات في المجتمع بسبب مطالب ضحايا التهميش والإقصاء في مواجهة المجموعات المهيمنة وأصحاب الامتيازات، والتي أدت في الغالب إلى اشعال فتيل العنف والنزاعات والحروب الأهلية في أفريقيا. وقد ورث السودانيون عن المستعمر نظام حكم يتميز بالإفراط في المركزية والتسلط، ونمط التنمية غير المتوازنة بين المركز والأقاليم. وتحكمت هذه الاختلالات الهيكلية في تحديد مسار التطورات اللاحقة للدولة السودانية الحديثة، مثلما انتجت ظاهرة التهميش والإهمال التنموي للأقاليم. وكنتيجة لذلك سيطرت أقلية من السكان تتمركز في العاصمة الخرطوم وما حولها بصورة شبه تامة على السلطة السياسية والموارد الاقتصادية للبلاد، وتم بالمقابل تهميش الأجزاء الأكبر من جغرافيا السودان وملايين المواطنين الذين يقطنونها سياسيا واقتصاديا وثقافيا، واهمالهم تنمويا، واخضاعهم لهيمنة المركز بالوسائل الخشنة والناعمة معا.
ويرى كثير من الباحثين أن قضايا الهوية واللغات والصراعات حول الهيمنة الثقافية، لا يمكن فصلها عن قضايا الإهمال التنموي والصراع حول الموارد والقسمة العادلة للسلطة والثروة. ويعتبر بعض الباحثين أن تعريف السودان كدولة ذات هوية عربية إسلامية بواسطة النخب الحاكمة بعد الاستقلال وهيمنة مجموعات إثنية محدودة على أجهزة الدولة في المركز هما الأساس لأوضاع اللامساواة الحادة والتمييز البنيوي. فبالإضافة للتهميش السياسي والاهمال التنموي تعرض المواطنون في الهامش، خصوصا المجموعات المعرضة للتمييز الإثني أو الديني، للتهميش والهيمنة الثقافية والاجتماعية بسبب سياسات الأسلمة والتعريب التي ظلت تتبناها الحكومات المركزية، والتي تهدف إلى إنكار واقع التنوع الثقافي والديني وفرض هوية ثقافية موحدة على جميع السكان. وتتجلى العنصرية الثقافية في أقصى صورها في هذه السياسات، لأنها ترى في الثقافات المقموعة ثقافات ولغات من الدرجة الثانية أو بدائية غير جديرة بالاعتراف والاحترام. وتمتد هذه النظرة العنصرية بطبيعة الحال إلى حملة هذه الثقافات واللغات.
وبسبب فشل النخب السياسية المهيمنة على السلطة المركزية في تطوير مشروع للبناء الوطني وبناء الدولة الوطنية الحديثة، ظلت غير قادرة على، أو غير راغبة في تجاوز تركات الإقصاء والتمييز والعنصرية والعمل على بناء دولة المواطنة المتساوية بلا تمييز التي تمنح جميع مواطنيها أسهما متساوية وإحساسا مشتركا بالانتماء إليها. وقد تصاعدت وتيرة الإقصاء والتمييز بمختلف أشكاله واتسع نطاقهما إلى مديات متطرفة بعد وصول الإسلامويين للحكم في 1989، وشكلت سياسات "التمكين الإسلامي" الإقصائية تطورا خطيرا حيث توسعت دائرة المهمشين ومواطني الدرجة الثانية لتشمل جميع الذين يصنفهم نظام الإسلام السياسي كتهديد حقيقي أو محتمل لمشروع الدولة الإسلامية. وتشكل ظروف التحول والانتقال نحو الديمقراطية التي خلقتها ثورة ديسمبر 2018 الشعبية فرصة نادرة لتبني مشروع للبناء الوطني يتوافق عليه جميع السودانيين يقوم على المواطنة المتساوية والقضاء على كافة أشكال التمييز.
من العوامل الرئيسية التي ساعدت أيضا على استمرار تفشي العنصرية غياب سيادة حكم القانون وبالتالي غياب أو ضعف الحماية الدستورية لحقوق الإنسان؛ سواء فيما يتعلق بكفالة الحقوق نفسها (المساواة وعدم التمييز) أو توفر الآليات التي تضمن حمايتها وعدم انتهاكها (استقلال القضاء)، وذلك في معظم سنوات ما بعد الاستقلال. وفي هذا الخصوص، يقع على كاهل الدولة السودانية بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري 1969، والتي تشكل الأساس المعياري الذي تستند عليه كافة الجهـود الدوليـة للقضاء على التمييز العنصري، واجب حظر التمييز العنصري والقضاء عليه بكافة أشكاله. ويشمل ذلك، من بين التزامات أخرى، الالتزام بعدم إتيان أي عمل من أعمال أو ممارسات التمييز العنصري أو التشجيع عليه، واتخاذ التدابير الفعالة لإعادة النظر في السياسات الحكومية، ولتعديل أو إلغاء أو أية قوانين أو أنظمة تؤدي إلي التمييز العنصري، وأن تشجع الدولة المنظمات والحركات الاندماجية والوسائل الأخرى التي تستهدف إزالة الحواجز بين الأجناس، وأن تمنع كل ما من شأنه تقوية الانقسامات الإثنية أو العنصرية، وأن تتخذ التدابير الكافية، في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها لتأمين النماء والحماية الكافيين لبعض الجماعات العرقية (الأقليات) أو للأفراد المنتمين إليها، وتمتعهم التام المتساوي بحقوق الإنسان والحريات الأساسية. ويقع على الحكومة السودانية بشكل خاص واجب حظر جميع الخطابات والتنظيمات القائمة علي الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل اثني واحد، أو التي تحاول تبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصري، وكذلك القضاء علي كل تحريض علي هذا التمييز وكل عمل من أعماله. ويقع على الدولة السودانية بشكل خاص التزام بأن تجعل كل نشر للخطابات القائمة علي التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض علي التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض علي هذه الأعمال أو المساعدة في ارتكابها، بما في ذلك تمويلها، جريمة يعاقب عليها القانون، وكذلك حظر المنظمات وسائر الأنشطة الدعائية والخطابات التي تقوم بالترويج للتمييز العنصري والتحريض عليه، واعتبار الاشتراك في أيها جريمة يعاقب عليها القانون (المادة 4 من الاتفاقية). وعلى الدولة أن تضمن تمتع جميع المواطنين بحقوق المواطنة المتساوية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون أدنى تمييز على أساس العرق أو الإثنية أو الدين أو النوع ..إلخ (المادة 5). وأن تضمن كذلك لكل فرد داخل نطاق اختصاصها حق الرجوع إلي المحاكم الوطنية وغيرها من مؤسسات الدولة المختصة لحمايته ورفع الحيف عنه علي نحو فعال فيما يخص أي عمل من أعمال التمييز العنصري، وكفالة الحق في جبر الضرر والتعويض (المادة 6). وعلى الدولة كذلك أن تتخذ تدابير فورية وفعالة، ولا سيما في ميادين التعليم والتربية والثقافة والإعلام بغية مكافحة النعرات المؤدية إلي التمييز العنصري وتعزيز التفاهم والتسامح والصداقة والتعايش السلمي بين الأمم والجماعات العرقية أو الاثنية الأخرى، وكذلك لنشر مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإعلان الأمم المتحدة للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، ونصوص الاتفاقية (المادة 7).
لكن وبالرغم من انضمام السودان لهذه الاتفاقية في مارس 1977، لم يصدر تشريع خاص يُضَمِن نصوص الاتفاقية في القانون السوداني أو يُجرم أفعال التمييز العنصري كما هي معرفة في الاتفاقية ويعاقب عليها بعقوبات مناسبة تعكس جسامة هذه الجرائم اللاإنسانية والحاطة من الكرامة الإنسانية. وبالإضافة للتدابير التشريعية والتنفيذية والقضائية المقترحة التي سبقت الإشارة اليها في هذا المقال وكذلك المنصوص عليها في اتفاقية القضاء على التمييز العنصري، يقترح هذا المقال إصدار قوانين تكفل الحق في المساواة وعدم التمييز لأي سبب، وتجرم أفعال العنصرية ومختلف أشكال التمييز العنصري كما هي معرفة في الاتفاقية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وذلك على الوجه المبين أعلاه. ويقترح أيضا إصدار السودان الإعلان الاختياري الذي يعترف باختصاص لجنة القضاء على التمييز العنصري في تلقي بلاغـات الأفراد أو المجموعات الذين يدَّعون أنهم ضحايا أعمال التمييز العنصري بموجب نص المادة 14 من الاتفاقية. ويمكن للمجتمع المدني والأهلي والمبادرات المستقلة والأحزاب والجامعات والإعلام أن يلعبوا درورا هاما في هذه العملية. وفي ظل ظروف التحول والانتقال نحو الديمقراطية التي خلقتها ثورة ديسمبر 2018 الشعبية، ينبغي أن تأتي هذه الإصلاحات المقترحة في إطار مشروع جديد للبناء الوطني يطرح عقدا اجتماعيا ودستوريا جديدا يتوافق عليه جميع السودانيين يقوم على قاعدة المواطنة المتساوية بلا تمييز.
Adejumobi, Said, Citizenship, Rights and the Problem of Internal Conflicts and Civil Wars in Africa, Aflr. j. polit. sci. (2001) Vol. 6, No. 2, pp. 77-96
African Union, Report of the African Union High-level Panel on Darfur (AUPD), 29 October 2009, Doc: (PSC/AHG/2(CCVII))
An-Na’im, Abdullahi Ahmed, Toward an Islamic Reformation, Civil Liberties, Human Rights and International Law (New York: Syracuse University Press, 1990)
Cockett, R., Sudan, Darfur and the Failure of an African State (Yale University Press, 2010)
El-Battahani, Atta, a Complex Web: Politics and conflict in Sudan, 2006, Accord issue: 18
Idris, Amir, Identity, Citizenship and Violence in Two Sudans: Reimagining a Common Future (New York: Palgrave Macmillan, 2013)
International Coalition for the Responsibility to Protect, the Crisis in Sudan, http://www.responsibilitytoprotect.org/index.php/crises/crisis-in-sudan, accessed on: 12/04/2016.
شارك هذا الموضوع: