خواطر حول خلافات تجمع المهنيين: ثورة فى الثقافة وليس السياسة فقط

حيدر ابراهيم علي - 13-06-2020

ابتلعت السياسية الثقافة والفكر فى السودان لذلك كان لابد ان تقوم لنا سياسة بلا رأس ولا قلب، بل مجرد لسان وقدمين. سياسة تتكلم كثيرا وتتجول باستمرار دون أن تجد الوقت للتفكير والتأمل.

سادت سياسة عقلية السوق العربى :امسك لى واقطع ليك، ثم على الطلاق وعلى الحرام ويحردن بنات ……

من يتحدثون عن الهوية والسوداني الأصيل نعترف لهم بأن السودانى شجاع وكريم (كاتال في الخلا وعقبا كريم فى البيت)) السودانى هو الاداك وكتر ما بقول اديت، اب درعا موشح كله بالسوميت…

نعترف للسوداني بأنه كريم وشجاع ولكنه غير ديمقراطي. يقبل بالاشتراكية والمشروع الإسلامي ولكن لا يتغير تجاه المرأة وغير العربي المسلم. لم يؤثر التعليم ولا الاحتكاك بالعالم فى عقلية الافندي السودانى. من المفارقات ان الاحزاب العقائدية كان نقاشها وحوارها فى أعلى المؤسسات الأكاديمية في جامعة الخرطوم يدار بالسيخ والعصى، وتصور انه فى مسرح الجامعة يقوم طلاب جامعيين بفض عرض مسرحي غنائي بالقوة وإطفاء الأنوار وضرب المشاركين وطردهم.

من أين يرجى للبلاد تقدم وهذا هو حال نخبتنا الحاصلة على أعلى درجات العلم. تجدهم يحفظون المعلومات فقط للنجاح فى الامتحان ويرفضون طرق التفكير والمناهج التي أنتجت هذه المعلومات.

تتميز الشخصية السودانية بعجزها عن العمل الجماعى لذلك تكثر الانشقاقات والانقسامات فى اى عمل جماعى، هل يمكن ان نتصور ان الانشقاق يمكن ان يطال جماعة أنصار السنة وحتى فرقة عقد الجلاد.

الشخصية السودانية تبحث دائما عن العيوب واللوم والعتاب والإدانة وليس عن الأعذار. لذلك نستخدم كثيرا كلمات مثل الحقارة والكرامة. ويصعب على السودانى الاعتذار والاعتراف بالخطأ، ولنا فى ذلك دلالة (الاضينة دقو واتعزر ليهو) كما ان السودانى غير ميال لذكر محاسن الآخر اذ يقول: ان شاء الله يوم شكرك مايجي) فالشكر لا يكون إلا بعد موت الشخص.

أيقظت خلافات تجمع المهنيين هذه الخواطر فى داخلي ورحت اتسائل مع شوقى:

إلام الـخـلـف بينكم إلاما وهذي الضجة الكبرى علاما؟
وفيما يكيد بعضكم لبعض وتـبدون العداوة والخصاما؟

ولكننى نسيت ان فئة الافندية أو البرجوازية الصغيرة لا تعيش دون أن تتنفس الخلاف والشقاق بسبب أن الأنا فوق الوطن وفوق كل شىء. وهى الآن تعصف بالفترة الانتقالية وتحاصر رئيس الحكومة بقصد أن تشله وتحرمه من الحراك الديمقراطي بين الجماهير والنخب الاخرى المختلفة معها. هناك إفشال ممنهج ومنظم للفترة الانتقالية يقوم به الاخوة الاعداء من الافندية.



الكاتب: حيدر ابراهيم علي

حيدر إبراهيم علي مفكر وكاتب وعالم اجتماع سوداني تخصص في علم الاجتماع الديني وأفرد جزءاً كبيراً من مشروعه الفكري لنقد الإسلام السياسي. اشتغل كذلك على فكرة التنوير والتحرير. ولد في 11/5/1943 بالقرير. في عام 1992 اسس دكتور حيدر إبراهيم على مركز الدراسات السودانية بالقاهرة. كتب دكتور حيدر إبراهيم على العديد من الكتب و المقالات و منعت السلطات السودانية معظم مقالاته الناقدة لهم كما منعت بعض من كتبه من التداول في السودان كان ما ابرزها: أزمنة الريح و القلق والحرية، سيرة ذاتية، سقوط المشروع الحضاري، أزمة الإسلام السياسي، الجبهة القومية في السودان نموذجاً، الامنوقراطية وتجدد الإستبداد في السودان، كتاب مراجعات الإسلاميين السودانيين كسب السلطة وخسارة الدين...