يستمر الإسلامويون في ممارسة وقاحتهم المعهودة واستفزازهم للشعب السوداني العظيم الكريم ولكن لهم الحق في ذلك، لأن الثورة لم تقم بردعهم ومحاسبتهم بالطريقة التي يستحقونها وقدر جرائمهم.
لأن علي عثمان محمد طه كان والثورة في ذروتها يتحدث في مقابلة تلفزيونية مع الطاهر حسن التوم عن: “كتائب الظل” ولم يحقق معه أحد ولم تسأله جهة ثورية عن هذه الكتائب وماذا تريد أن تفعل وأين توجد وممن تتكون. لذلك كان من الطبيعي، عوضاً عن الاعتذار للشعب والتوبة لله أن يتحدى علي عثمان لجنة إزالة التمكين وأن يطالب بالمستندات لإثبات فساد امتلاك آلاف الأفدنة وأفخم المنازل. وهي ماثلة أمامنا، ثم يطلق الإسلامويون بلا خجل ولا ورع حملة للدفاع عن فساد شيخ علي.
وهذا يكشف عن الدرك الأخلاقي السحيق الذي يعيش فيه الإسلامويون السودانيون، ليس ممارسة الفساد فقط بل الدفاع عن الفساد وتبريره واعتباره أمراً عادياً.
شاهدت قبل أيام شريط فيديو لسيدة تقول عن نفسها أستاذة جامعية وأكاديمية تدافع عن الشيخ بمنطق ساذج وعبيط، فهي تتساءل كيف نعتبر كثيراً على شخص يعمل في المحاماة منذ نهاية السبعينيات أن يكون له مثل هذا المنزل، وتضرب مثلاً بنفسها أنها عندما عادت من البعثة اشترت قطعة أرض وبنت عليها منزلاً بقرض من البنك وأن هناك عمالاً بسيطين لديهم منازل. هذا منطق يلعب بعقل المشاهد السوداني ولا يحترم فهمه لأنه ليست كل المنازل منازل ولا يبني جهاز الأمن المنازل للمواطنين جميعاً وهذه ليست مهمته. وتحدث الإسلامويون أصحاب “نظرية التحلل الديني” وخلوها مستورة عما أصاب الأخلاق السودانية وأعادت قول الطيب صالح: “من أين أتى هؤلاء؟” لأنهم طردوا أسرة الشيخ من منزل آلت ملكيته للدولة وتم إنذارهم. وملأ الإسلامويون الأسافير بالعويل على الأخلاق والقيم السودانية التي تم تأميمها لمدة ثلاثين عاماً بعد أن استباحوا كل شيء.
أكمل الوزير الطابور الخامس داخل حكومة الثورة المناحة والمسرحية السخيفة ببيان مماثل لكل ادعاءات وأكاذيب الإسلامويين مدافعاً أيضاً عن فساد الشيخ ومؤكداً للوقاحة والاستفزاز ولكن الوزير ظاهرة سياسية جديدة لم يجد بها الزمان من قبل. فهو أولاً لديه قدرة عجيبة لعدم تأنيب الضمير. فالرجل ظل يتجول لأكثر من سبع سنوات في اليابان أغلى بلاد العالم على حساب الشعب السوداني بدعوى الدراسة. وأنفق من الخزينة العامة ما كان يمكن أن ينجز ثلاثة آبار أو حفائر في دارفور التي يدعي الآن الدفاع عنها. ولم يرد هذا الدين للشعب أو الدولة. ثم وجد نفسه زعيماً لحركة مسلحة تعمل ضد الاستبداد والتخلف دون أن يمتلك القدرة السياسية ولا التكوين الفكري المؤهل لتلك المهمة ولكن بالوراثة فقط لأنه شقيق الزعيم الذي تم اغتياله. ثم في غفلة من الزمن وجد نفسه وزيراً لوزارة سيادية في حكومة ثورة ديسمبر المجيدة ممثلاً لجهة يحمل اسمها شعار “الجبهة الثورية” ولكن تحول إلى ممثل الإخوان المسلمين في الجبهة والحكومة.
ووجد الوزير نفسه في تناقض وانفصام شخصية ولكن لأن الضمير نائم لم يتصرف الوزير بأخلاق السوداني أو المسلم.، فهو يعمل ضمن حكومة تهدم الدين لأنها قررت فصل الدين عن الدولة وحكومة وقعت على اتفاقية سيداو المعادية للإسلام. ولو كان الوزير متسقاً مع نفسه ومبادئه لخرج من مثل هذه الحكومة ولكن لأنها هي للجاه لا لله قبل بهذه الوضعية الشاذة. ولكن قد يكون هذا دوره المنوط به من قبل الحركة الإسلامية أن يعمل كغواصة للتنظيم داخل الثورة وحكومتها.
شارك هذا الموضوع: