للأسف نحن شعب عبث الأسلام السياسي بعواطفه الدينية والوطنية، فصار له قدم فيالفجيعة، يتوجس خيفة إن سحت دموع العين من الساسة ورجال الدين وعلماء السلطان!
فحين بكي السيد وزير الإعلام والثقافة فيصل محمد صالح، في المؤتمر الصحفي مؤكداً ان قرارتمديد فترة الحظر الشامل ماهو الا لحماية الشعب من الهلاك بسبب وباء الكورونا، و مشيرا اليقضية العالقين والمسئولية الاخلاقية والدينية.
لاشك عندي انه بكاء من العين ومن القلب، تجلت فيه الإنسانية ونقاء السريرة، فشاطرناه احزانثقل تركة ثلاثين عاماً من القبح والدمار والفساد! حينها تذكرت نقدي المباشر للسيد الوزير حينقابلته وكان تعقيبه ( في النقد أنتم أصحاب حق وهذه ثورتكم) فقلت له (بل انتم أكرمنا اذ وضعتمإيديكم علي جمر مسئولية الثورة! لذلك نسألكم ان لايعيل صبركم بنقدنا)!
ولا أجد في بكائه من المسئولية! ما يعيب فقد بكي سيدنا عمر بن الخطاب خوف التفريط فيالعدالة ( لو عثرت بغلة فى العراق لسألنى الله تعالى عنها: لِمَ لم تمهد لها الطريق يا عمر) !
لكن دون أدني شك حين بكي أشفقنا علي مكتسبات الثورة من الأعداء! وان يظنوا بالسيد الوزير ظنون الضعف وانفراط عقد الأمور، وفرح الشماتة، وهو الذي أوكلنا اليه زمام الإعلام والسلطةالرابعة وبيده مقاليد نجاح الثورة او تقاعسها وتقهقر صيتها!!
لقد عقدنا علي الاعلام الآمال العراض ولا نزال! في صد هجمات التخلف والهوس والرجعية، واننشهد فيه ماقد شهدنا من ابداع وحرية ومدنية وأدب وفن راقي في ساحة الاعتصام، وان يكونمسارب ضوء ملك الشباب فيتكئون عليها نحو تحقيق الحرية والسلام والعدالة. متحرراً من تبعيةالقديم وان يجد الإعلام السعي في قطع الطريق علي الكائنات المتحولة التي تزحف عبر قنواتالإعلام المختلفة فتقوض الحكومة الانتقالية باجمعها .
الشاهد ان تخوفنا الإيجابي من دموع الوزير يرجع الي ان مدخل السيد الوزير علي الوزارةسابقاً كان به تسامح لايتناسب وخطورة المنصب، اذ لم يستفيد من عظمة الثورة وضراوتها فيانجاز التغيير المطلوب، وان يكون التحدي الاساسي للإعلام هو مواكبة الثورة المدنية المعلوماتيةوالتكنولوجية. والانقلاب علي ما يذكر بالاعلام السابق من الشعار الي الشخوص! وليس مهادنةوجبر خواطر سدنة النظام السابق وحارقي البخور للانظمة السياسية.
الحقيقة هو توجس لا نلام عليه اذ هو ضارب في عمق المعرفة بسؤ حكام الاخوان المسلمين، الذينلم تذرف منهم الدموع حين أبادوا وشردوا 300 الف من ابناء دارفور ! ولم تقتلهم العبرات اوذهبت أنفسهم حسرات من عار اغتصابات الكنداكات، والثوار، والمعلم، والعنف الذي عصفبوجدان كل حر في مذبحة وعار القيادة العامة! ولم يبكوا اسفاً علي ضياع سيادة الدولة وهوانانسانها، ولم تدر المآقي خشية او خوفاً حين عبثوا بدين الله واستغلوا الشريعة الاسلامية لأهوائهم السلطوية!
بل كانت دموع وزراء المتأسلمين للسلطة وللجاه، فلقد الفنا استخدام الاعلام للبكاء والتضليل، والنواح علي فقد الوظيفة والمخصصات والتقرب من الحكام، واشعال الفتنة والتفرقة العنصرية،والبون شاسع ما بين دموع المناضل الشجاع فيصل محمد صالح الذي بكي احزان الناسوالاهل، ودموع ابراهيم غندور وزير الخارجية السودانية في الحكم البائد.
فالاخير قد بكي فرحاً وابتهاجا حين رجع ولي نعمته المخلوع عمرالبشير هارباً من جنوب افريقيابعد ان تمت ملاحقته بقرارات المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم الحرب والابادة الجماعية وجرائم ضد الانسانية.
وغيرها من نماذج دموع التماسيح فلقد بكي وزيرالطاقة والتعدين كمال عبداللطيف وانهمرتدموعه حسرات علي انه لم يتكمن من الوظيفة بالقدر الكافي! قبل ان تنزع منه! حتي عرف بينالناس (بالوزير البكاي )!
ولم يكن رجال الدين بافضل حالاً من الساسه فهم أرباب الحكام والاعلام احتكروه ثلاث عقودفصار جميع الشعب يكبر ويهلل لتكبيرهم وتهليلهم، يبكون اذا الوالي بكي واشتكي، ويشعلونالاعلام بما يشتهي السلطان، استغلوا منابر المساجد الطاهرة للبكاء الزائف من أجل قضاياالدولة الاسلامية، فساهموا في اشاعة الفاحشة بالصمت علي دموع المظلومين والاراملواليتامي، واستغلوا الاعلام في التطرف والتفرقة العنصرية والدينية.
العاطفة الانسانية هي اسمي مافي الوجود ان هي وظفت لاعمار البلد، والاستفادة من طاقاتالشباب الثائر واصلاح حال الإعلام ليصبح بوق الثورة فينهض علي صوته كل من نام علي غفلةووهم ان الذي مضي قد يعود.
كما تظل قضية العالقين امر يحتاج جهود وتدابير حكومية جادة، وتحية للجهود الشعبيةالطوعية في مد يد العون للعالقين في مصر والهند وخلافها.
فلنتوحد علي يقين ان النقد للحكومة الانتقالية تتبعه معرفة انه احد معاول البناء وليس الهدم،واننا في وضع ينذر بان الطائفية امامنا والهوس الديني خلفنا، لكن اليقين في ان هذا الشعبرغم ضراوة المحن لا يرتضي غير المدنية.
شارك هذا الموضوع: