قاعدة الزرق العسكرية

محمد بدوي - 14-07-2022

لم يكن العديد داخل السودان و خارجه يعرفون عن منطقة الزرق و قاعدة قوات الدعم السريع بها التى تقع جغرافيا بولاية شمال دارفور، لولا زيارة الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد الدعم السريع لها فى يوليو2022. ساعد فى ذلك نشر بعض الوسائط لجزء من خطابه أمام بعض قواته بالمنطقة، اعقب ذلك مقالات إخبارية أشارت إلى أن بعض المدرعات العسكرية التى ظهرت فى مقطع الفيديو الذى يمكن ملاحظة تركيبه من جزئيين " مخاطبة حميدتى وصور للطابور و للأليات العسكرية" و الإشارة إلى أنها تتبع لسلاح المدرعات بالقوات المسلحة أنتهى بها المطاف بالزرق فى العام 2017 على خلفية القوات التى حشدت لحملة جمع السلاح و تقنيين السيارات الواردة عبر الحدود البرية، و كان قد إستندت الحملة على القرار بالرقم 419/2017 الصادر من الرئيس المخلوع عمر البشير، حرص حميدتى فى مخاطبتة إلى الإشارة إلا أن المدرعات المملوكة لقواته بسيطة ثم عدد نوعين من أشكالها.

بالعودة إلى خلفية منطقة الزرق فقد شهدت نشاط من قبل الدعم السريع فى العام 2017، لتتشكل من جزئيين قاعدة عسكرية ظل الإقتراب منها ممنوعا ومنطقة سكنية هدف منها نقل مجموعات من الرزيقات الابالة للإستقرار بعد توفير بعض الخدمات مثل الماء، وبالفعل إنتقلت بعض المجموعات إليها لكن ظهر السيد موسي هلال زعيم عشيرة المحاميد فى مقطع فيديو يرجح تاريخه إلى الربع الاول من العام 2017 رافضا فكرة إنتقال المحاميد إليها، تكرر الرفض فى بيان فى أبريل 2022 حمل توقيع التنسيقية العليا للمحاميد، كان قد برزت فى العام 2020 بيانات لعدد من المجموعات التى تدعي الملكية التاريخية لمنطقة الزرق، ظلت تتري إلى أن نشط نشر البيانات عقب زيارة حميدتى الاخيرة، مجملها تجاذبت إدعاء الملكية التاريخية التى أنحصرت أطرافها بين المجموعة الزراعية و الرعوية .

لعل الخلفية القريبة للمنطقة عقب أحداث دارفور2003 جعلت منها ملجا لبعض الحركات المسلحة نسبة لموقعها الاستراتيجي الذى يقود إلى الوخايم الليبية و إلى وادى هور، سبب نشاط الادعاءات بالملكية التاريخية أرتبط بما أقره أتفاق سلام السودان 2022 من ملكية قبلية للحواكير فى تعارض مع الامر الواقع بموجب قانون الأراضى لسنة 1970 الذى يسند سجلها تحت أسم حكومة السودان.

التسريبات التى خرجت من زيارة حميدتى للزق وملكية المدرعات العسكرية لا تخرج من سياق الصراع بين المكون العسكري الذى يسيطر على السلطة فى الفترة الإنتقالية، حيث فى تقديري أن الاستعراض العسكري أثناء الزيارة قصد به إرسال رسالة على غرار إستعراض القوة العسكرية كما فعلت الحركات المسلحة عقب التوقيع على أتفاق جوبا، لكن بالمقابل المقالات الأخبارية التى اثارت مسالة ملكية المدرعات قصدت بشكل آخر تسليط الضوء على قاعدة الدعم السريع بالزرق فى إعادة لجند الجيش الوطنى إلى المسرح مرة آخري.بالرغم أن المشهد يبدو فى هذا السياق داخليا، لكن بالنظر إلى الموقع الجغرافي الصحراوي فإنه يلفت الإنتباه إلى التحالفات التى تسند أطراف الصراع، والسيناريوهات المحتملة فى حال وصول الأمر إلى مرحلة المواجهة، فسياسيا يمكن قراءة الأمر قريبا من الجدل حول القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر والسباق الدولى حولها ، وهنا يثور السؤال حول الانعكاس المحتمل لقاعدة الزرق العسكرية فى الشهد، و لا سيما فى ظل صراعات المحاور المرتبطة بالموارد الطبيعية فى السودان ، اضف إلى ذلك الانتشار الواسع لشركة فاغنر الروسية فى غرب إفريقيا، و موقع الزرق و العلاقة المحتملة مع الحالة الليبية المرتبطة بوجود مجموعات من المرتزقة و أخري إرهابية تسعى الأمم المتحدة الى دعم خروجهم منها، هذا إلى جانب تنسيق الاستخبارات العسكرية السودانية و الإتحاد الأروبي فى إيجاد مخرج للمجموعات المرتبطة بالحركات المسلحة المتواجدة بليبيا حيث لابد من التذكير بمؤتمر نيامي بالنيجر فى 9-12 يونيو 2022 .

أخيرا: هل ستصبح الزرق محط أنظار دولية كقاعدة عسكرية يمكن أن تشكل تأثيرا على المشهد الداخلى وشمال وغرب أفريقيا، وكذلك دوليا، أم أن مخرج الجيش الوطنى هو الحل الذى قد يعطى السودان مصدرا للقوة العسكرية فى الشمال الغربي لإفريقيا.