في البدء لابد من الاشادة بالدور الكبير لوزارة الصحة السودانية وطواقمها المختلفة و الجهود المستمرة من أجل كبح انتشار فيروس كورونا بالبلاد ، وهنا أود التذكير بمناشدة وزير الصحة الاتحادي الدكتور اكرم علي التوم لكافة المواطنين بالبقاء في المنازل كأحد معطيات بروتوكولات الوقاية التي يشكل فيها التزام الأفراد بالتوجيهات دورا محوريا في الوقاية والحد من الانتشار ، و خالص التعازي لأسر ومعارف المتوفين و للمصابين شفاء عاجل .
تشير حقائق الواقع إلى بلوغ البلاد مرحلة الانتقال المجتمعي كنمط لحالة انتشار الفيروس ، يعزز ذلك الاحصائية الرسمية لوزارة الصحة لليوم الثاني من مايو 2020 بوصول الحالات الي 592 حالة ، متضمنة 41 وفاة و 52 حالة تعافي .وصول الجائحة الى هذه المرحلة يدق ناقوس الخطر مما يتطلب المزيد من الإجراءات و الجهد ، وهذا يتطلب نظرة شاملة للواقع حال البلاد من عدة نواحي
اولاً : من الحقائق الأولية هو فقر البيئة الصحية كنتيجة مباشرة لتراجع واقع الدولة السودانية جراء سياسات سوء ادارة الدولة خلال الفترة المنصرمة ، مقابل انتشار للفيروس يتسع نطاقه ليشمل حوالي 13 ولاية سودانية .
ثانياً : تاريخيا شهدت الدولة السودانية سلسلة من النزاعات المسلحة لفترات متصلة طويلة مما ينتج عنها مناطق نزاع واسعة تضم معسكرات للنازحين سواء في دارفور و جنوب كردفان و النيل الازرق ، هذا بالاضافة الي من اجبرتهم ظروف الصراعات أو الحالة الاقتصادية في تاريخ ما بعد الإستقلال ليشكلوا احزمة فقيرة الخدمات حول المدن الكبيرة الأمر الذي انعكس سلبا في بنية المناعة للمواطنين بشكل عام سواء داخل المدن أو بالمعسكرات مع تراجع الخدمات الصحية الاساسية ناهيك عن تلك المرتبطة الجائحة .
ثالثاً : تطورات الحالة السياسية في بعض دول الجوار مثل دولة ليبيا والاحداث الاخيرة بين دولة تشاد وجماعة البو حرام تشير الى امكانية تسلل بعض المجموعات والأفراد من المشاركين في الصراع إلى داخل الحدود السودانية وقد يتم ذلك بسهولة نسبة لاتساع الحدود
هذه الأسباب المشار إليها تشكل نقاط تحدي اضافية لمكافحة الجائحة بالبلاد مما تتطلب تدابير اضافية وصارمة من مراقبة الحدود بشكل فعال ، بالإضافة إلى الاستفادة من الجهود المبذولة سياسيا عبر ترتيب الأولويات واعطاء مكافحة الفيروس الأولوية القصوى وهنا اناشد المجلس السيادي السوداني وحركات الكفاح المسلحة بإدراج مسألة التنسيق لمجابهة فيروس كورونا في اجنده مسار التفاوض واعطائه أولوية قصوى ، علي أن تتوج الجهد بنتاج ينصب في تمكين وزارة الصحة السودانية من الوصول الى كافة انحاء البلاد لأداء دورها المرتبط بالمكافحة والعلاج مع ضرورة تسهيل ذلك عبر التحرك الأمن والتعاون بمدها بالمعلومات المطلوبة ، و يتطلب ذلك توسيع عضوية اللجنة الوطنية لمجابهة الفيروس بما يشمل ممثلين من الحركات المسلحة المعارضة من أجل تعزيز الجهود بشكل أوسع وأشمل في كل انحاء البلاد حتي لا تبقي المناطق تحت سيطرة حركات الكفاح المسلحة خارج دائرة الاشراف الصحي لوزارة الصحة الإتحادية.
للاستفادة من الموارد المتاحة يجدر علي المجلس السيادي السوداني مخاطبة بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي الخاصة حفظ السلام في دارفور اليوناميد من أجل تخصيص بعض محطاتها لتصبح مراكز للعزل وإن دعت الضرورة للعلاج مع تقديم ما يمكن من معنات لوجستية ، كما يجب علي المجلس السيادي اتخاذ خطوات جدية بتمكين وزارة الصحة الاتحادية من كافة المحطات التي انسحبت منها البعثة وتم تسليمها لحكومة السودان بدءاً من العام 2017 .
اخيراً: الواقع التطورات السياسية عقب أبريل 2019 بالبلاد يمثل فرصة تاريخية لتعاون كافة الأطراف السودانية من المجلس السيادي السوداني و حركات الكفاح المسلحة و الشركاء الاخرين لبذل جهد يعزز من امكانية العبور الامن من تحديات فيروس كورونا فالحال هنا خارج دائرة احداثيات الازمة السياسية ولو مؤقتاً
شارك هذا الموضوع: