هذا التقسيم ليس تلاعباً بالألفاظ والمفاهيم ولكنه الواقع السوداني، حيث تنقسم الفئة المتدينة في القطاع المسلم في السودان إلى ثلاث جماعات وتكوينات اجتماعية وفكرية.
هنالك أولاً المسلم العادي الذي يؤدي واجباته الدينية ويعلم أنه مسؤول أمام ربه فقط لذلك فهو يخشاه ويطيعه وهو مرشده الوحيد أو شيخه، ولا يمكن إقناع المسلم العادي بأن يذهب للجهاد في الجنوب مثلاً لأنه يعلم أن الجنوبي هو أخوه في الوطن ولكم دينكم ولي دين. ويفخر أحد الإسلامويين بجهاد شباب التيار الإسلامي العريض في الجنوب ويتحدث عن أنهم شباب مسالم وليس عنيفاً، فكرة التيار الإسلامي العريض فيها كثير من الخبث لأنها تحاول أن تشمل المسلمين العاديين كلهم داخل الحركة الإسلامية والتي غيرت أسماءها عشرات المرات من اجتماع النادي الوطني بأم درمان عام 1955. السؤال هل يحتاج المسلمون إلى تيار أو حزب أو حركة ثم مرشد وأمين عام؟ هم مسلمون وكفى. والحديث عن غزوة بدر الكبرى هو إخفاء للحديث، وغزوة الخرطوم الكبرى 30 نوفمبر 89 وبعده تمت استباحة أموال الشعب السوداني والنساء في دارفور ثم كانت التعددية الزوجية للقيادات بدلاً من التعددية الحزبية، استغلوا أموالهم ونفوذهم في إغواء الفتيات الساذجات المطلقات وهكذا كسب الإخوان الدنيا وخسروا الدين. الإسلام بخير لا يهدد إلا سلوككم وعودة حكمكم الضار.ارفعوا أيديكم عن المسلمين السودانيين ولا يلدغ.
حسن حفني وصلاح الدين الجورشي التونسي ومحمود محمد طه ورضوان السيد (اللبناني) وعبد الله النفيسي (الكويتي) إسلاميون. ويحاول الإسلاميون مواكبة الحداثة والعصر، لذلك يعملون على نسبة كل الإنجازات الإنسانية للإسلام أو أن الإسلام سبق الغرب في هذا المجال أو ذاك. فالديمقراطية أصل في الإسلام، والاشتراكية أيضاً. كما أن ميثاق حقوق الإنسان العالمي مضمن في القرآن والسنة. وحتى العلم الحديث والتكنولوجيا نجد الإسلامي الذي يروج لفكرة الإعجاز القرآني والطب النبوي. ويمكن الحوار مع الإسلامي والنقاش لأنه غير متعصب أو عنيف.
أما الإسلاموي (Islamistic) أو الكوز في السياق السوداني فهو نسخة مشوهة للفاشية في العالم الثالث يرفض الديمقراطية ويمجد القوة والعنف، وعلى استعداد لاستخدام كل الوسائل للوصول إلى السلطة. ويختزل الإسلام في أنه دين ودولة وليس ديناً ودعوة، لذلك يقلد الإسلاموي ميكافيلي في كل سلوكه لأن الغاية تبرر الوسيلة أو فقه الضرورة والتحلل.
كان السودان لسوء الحظ ضحية تجربة إسلاموية، هي المشروع الحضاري أو الأمنوقراطية الإسلاموية سياسياً. وتطبيق إسلام السوق اقتصادياً فقد حول الإسلامويون المجتمع السوداني البسيط المتساوي والعادل إلى مجتمع استهلاكي متوحش كتابه الدولار وليس القرآن كما يدعي الإسلامويون، وتطاولوا في البنيان وجلبوا آخر موديلات السيارات. وراجت في عهدهم المؤمن تجارة تفتيح البشرة أو تبييضها وتكاثرت أماكن التجميل والتداوي بالأعشاب والرقى.يتحول السودان إلى رأسمالية خالية من عقلانية البرجوازية وعلومها، وألحقوا السودان بنفايات العالم من الدول.
مثل هؤلاء الإسلامويين ليس لهم أي حق في الحديث عن الديمقراطية، فالديمقراطية نفسها ترفع شعار لا حرية لأعداء الحرية، لأن عدو الحرية سيقوم بمحاربة الديمقراطية مستفيداً من أجواء الحرية.
فقد فعلها هتلر في ثلاثينيات القرن الماضي، كما فعلها الإسلامويون وهم الكتلة البرلمانية الثالثة فانقلبوا على برلمانهم عام 1989.
حديث الإسلامويين عن الحرية والديمقراطية مجرد استخفاف بالشعب السوداني والذي كابروا ورفضوا الاعتذار له عن اغتيال د.علي فضل ومجدي وغسان أحمد الأمين هارون في معسكر العيلفون ثم مجازر دارفور وجبال النوبة. هذا الاستخفاف سببه التهاون في ردع الفاشيين، ومحاولات بعض النخب تملق الإسلامويين والحصول على شهادة أنهم معتدلون مقارنة بآخرين متشنجين وحاقدين على الإسلامويين.
ولا حرية لأعداء الحرية والفاسدين قبل أن يردوا أموال هذا الشعب ويعتذروا له، ثم يعودوا من تركيا والخليج لتكوين تيارهم العريض أو حزبهم على أسس ديمقراطية ومدنية
شارك هذا الموضوع: