قصة بعنوان :
هيا لتضحك أمنا الأرض .
الطالبة / شيماء محمد خالد الحاج
مدرسة الثورة الحارة العاشرة بنات
إسيقظنا ذات صباح على جو لطيف والشمس فيه تحجبها الغيوم أكثر الوقت فطرحت على أصدقائي فكرة أن نخرج في طلعة قصيرة الى موقع أشجار الجميز المعمرة عند المرسى على شاطي النيل نتناول الغداء هناك ونستمتع بالعب والهواء الصافي ... فورا رحب الجميع بالفكرة خالد وميناس وميار وأحمد ورونق ومجتبى نسيت أن اعرفكم بهم جميعهم أعمارهم مابين 9 الى 13 سنة .. بسرعة وحماس وزعنا المهام وقمنا بتجهيز المفارش و السندويتشات والعصائر وبعض الحلوى والمكسرات الحلوة والمالحة ولم ننسى الماء مثل المرة السابقة ... بعد الإستئذان من الاهل وصلنا قبل العصر الى الموقع المنشود المنظر بديع للغاية حيث تداعب رياح خفيفة أشجار الجميز الضخمة الظليلة التى انتظمت في شكل هلال على الشاطيء ومرسى البنطون ... إخترنا أحدى الأشجار التي تقع في آخر الصف لننعم بأكبر مساحة للعب والجرى .. قامت رونق بإحضار الفرشات وطرحها وميناس وزعت السندوتشات وخالد العصائر وأنا توليت اصعب مهمة وهي توزيع المكسرات التى نحبها وننتازع دائما فيها من خيرات بلادي الطبيعية مثل الفول والتسالي والنبق والقنقليز والعرديب واللالوب والدوم . . . ميار وأحمد ومجتبى طبعا دائما بيظهروا بعد انتهاء الاعمال وتوزيع المهام وبستلموا نصيبهم دون عناء . يمضي الوقت سريعا ونحن بين المرح والمقالب والالعاب والغناء أحيانا وبعد أن فرغنا من تناول الغداء وشرب العصائر جمع خالد بقايا الطعام والاكياس وعبوات العصائر الفارغة وألقاها في مكان تتراكم فيه القمامة ليس ببعيد من الشجرة التي كنا نجلس تحتها عندها حدث أمر مفاجيء وغريب فقد سمعنا وبكل وضوح صوت بكاء خافت وأنين كمن يتألم من خطب ماء أو إصابة ... إعترانا خوف شديد فتلفتنا يمين ويسار لنعرف أين مصدر الصوت ودخلنا في صمت تام تكرر الصوت عدة مرات حتى تأكدنا تماما أنه صادر من الشجرة التي نجلس تحتها فصرخنا بصوت واحد من هناك ؟
ثم قال :أحمد لحظة ياجماعة ألم تلاحظوا أن هذه الشجرة فيها شيء غريب وتختلف عن بقية الأشجار . أردفت ميار بصوت مرتجف نعم فجزعها يشبه جزع التبلدي .
أضافت رونق بصوت هامس فروعها تشبه فروع الهجليج وأغصانها تشبه جريد النخل .
فقلت نعم حتى أن ثمارها تشبه العرديب ورائحتها كالمانجو فياترى ما قصة هذه الشجرة التي جمعت صفات معظم أشجار بلادي ! .
لم تمضي ثواني على حيرتنا حتى سمعنا صوت حزين وعميق لكنه واضح يقول : ( يا أولادي وبناتي لاتخافوا مني ولاتندهشوا أنا أمكم بيئة هذه الارض الطيبة بكل ماتحمل من تنوع أنا متواجدة حولكم نتشارك الحياة ونكمل بعضنا أنا أحلم دوما أن أكون بينكم وأمامكم في أبهى حلة وأفضل حال ) .
هدأ روعنا قليلا وتشجع خالد قائلا لكن يا أمنا لماذا تتالمين ؟
واصلت ميناس : وماسبب هذا الأنين يا أمنا ؟
ثم هبت رونق واقفة :أخبرينا عن سبب حزنك يا أمنا …
تنهدت الشجرة الأم تنهيدة طويلة حتى إهتزت الفروع والاغصان وقالت : ( إن إلقاء القمامة والأوساخ في كل مكان يؤذي بشرتي ويضرني إنظروا إلى هذا اللون الداكن والتشوية الذي أصابني في هذا الجانب أنه من أثر الحريق العشوائي للنفايات والتعامل الخاطيء مع بقايا الطعام والبلاستيك والمواد الخطرة الأخرى حيث كان بالإمكان إعادة تدوير معظم المخلفات والاستفادة منها مرة اخرى .. . الآن هل عرفتم لماذا أعاني حتى أنني لأجد صعوبة في التنفس وغشاوة في الرؤية من كثرة الملوثات وإنتشارها ) .
قال أحمد : كم أنت مسكينة يا أمنا لقد ظلمناك بتصرفاتنا الخاطئة … هيا بنا جميعا نجمع هذه النفايات والاوساخ ونحفظها بالطريقة الصحيحة ونضعها في المكان المخصص لها .
تقدم خالد : أنا وبقية المجموعة سنجلب أدوات النظافة لنجعل بشرة أمنا في أجمل وأنضر وأفضل حال .
مرت ساعة وإنتظم المكان حركة ونشاط حتى أصبح الموقع آية من الجمال والنظام والنظافة .
وقفت مجموعة الأصدقاء تتأمل بإعجاب إنجازها الجماعي المشترك فقد كانت نتجية العمل الجماعي فوق التوقع صراحة .مرت دقائق هادئة صامتة وفجأة سمع الأصدقاء صوت ضحكة مع إبتسامة عريضة لاحت في الأفق شكلت لوحة مع مغيب الشمس وهي تتوارى خلف الضفة الأخرى للنيل …
هتف الجميع : هل تضحكين يا أمنا ؟
فقالت لهم : نعم نشاطكم الرائع وإصلاحكم للوضع السابق بالمعاول والمكانس يدغدغني ولا أذيع لكم سر فالنظافة تفرحني بشدة وتسعدني .
عندها ضحك الجميع معا الأم الأرض والبيئة والاصدقاء وهتفت مجموعة الأصدقاء ونحن نريد سعادتك يا أمنا …
وهكذا أصبحت ضحكة أمنا موعد دائم نحرص نحن وآخرون عليه ….
شيماء محمد خالد
شارك هذا الموضوع: