المراقب لتصريحات القائد مني أركو مناوي " سليمان " عقب التوقيع علي إتفاق سلام السودان ٢٠٢٠ يقف علي الحماسة التي ظلت تتسم بها بعض تصريحاته بدءٱ من احتجاجاته السابقة المتكررة علي تأخر تنفيذ بند تعيينه حاكم لإقليم دارفور الى أن تم ذلك في توقيت سبق التشريعات الحاكمة للعلاقة و كإطار يستند عليه تنفذ بنود الإتفاق .
الإستقبال الكبير لمناوي بشمال دارفور ، كان مؤشر أولي ومدعاة للنظر إلي العلاقة الطردية بينها و الرغبة الواسعة للشارع في ترجمة السلام الي واقع معاش ، الانتباه لذلك كان جديرٱ بأن يجعله يبادل تلك الحفاوة و التطلع إلي سلام يعزز من إحترام الكرامة و العيش الآمن والكريم بخطاب يحجب السالب الذي دفع به مهاجما جهات حكومية و مجتمعية بحرمانه قصدا من بعض الأموال للصرف علي مراسم توليه لمهامه بالإقليم ، دون الخوض في الجدل و الأطراف و الإجراءات التي أرتبطت بالحالة و هنا لابد من التذكير بأن الوعي الذي يمثل سمه للشارع لا يشتري مثل ذلك الخطاب ، لأنها معركة من غير معترك ، كما محمولها ينتمي إلي ما قبل ديسمبر ٢٠١٨ ، من ناحية أخري الثورة و الثوار ليست ألقابا مجانية بل تضع طوقا من الإلتزام بمحمولات تفرض على الثائر مقابلة الضفة الأخري بإيجابية عبر مسارات لا تمعن في تحفيز القنابل الموقوتة .
الأمر المهم هو التحول الذي حدث بموجب توليه منصب الحاكم لأنه يجعل كل ما يصدر عنه يشكل خطاب رسمي يعبر عن الحكومة الانتقالية، يرتبط بوضعه تحت إشراف رئيس الوزراء ، لكن يبدو أن مناوي لم يتهيأ لهذه النقلة التي تتطلب أدوات مختلفة ، تعزز التطوير الإيجابي المرتبط بحالة الإنتقال من وجود فرق استشارية سياسي و إعلامي و غيرها تسهل له ممارسة مهامه بروح وجهد الفريق ، علي سبيل المثال جاءت زيارته إلي محطة الكهرباء التي تشرف عليها شركة تركية بالفاشر عقب انقطاع التيار نتيجة لتراكم المطالبة علي الحكومة الإتحادية المتعاقد الرسمي مع الشركة ،في وقت كان يمكنه إستجلاء الموقف قبل زيارته التي توقفت عجلاتها تمام حقيقة مطالبات المالية المستحقة ، الحلول تبدأ وتنتهي من الجانب الحكومي الاتحادي و ليس من اسفل الي اعلي ، رغم ذلك كنت اتوقع ان يستجلي حقائق حول التعاقد هل تدفع الشركة اجرة علي استغلالها المباني الحكومية ؟ ما هو وضع إستغلال الشبكة في العقد ؟ ومن هو الطرف الذي يقع عليه عاتق توفير الوقود ؟ هذا الأسئلة كانت ستقود الي حالة متقدمة في رؤية الصورة الكلية لشروط العقد مع الشركة التركية وقد تدفع للتفكير حول جدية الحلول .
كما جاء الاستقبال الثاني بجنوب دارفور معبرا عن تقديمه " سبت العشم " و في إنتظار " أحد يرتقي لكتف طموحها " ، و هو ما لا يتأتى الإ بالتزام الحكمة و الإحتراف ، فبين الحرب والسلام تغيرات واسعة ، في قمة مشهدها الراهن ، ثقافة و إقتصاد السلام .
أخيرا : إتفاق سلام السودان ٢٠٢٠حدد ٢٨ صلاحية ولائية لمسار دارفور ، فيجدر الرجوع إليها قبل التصريحات بفتح الحدود التجارية مع دول الجوار أو القيام بالترتيبات الأمنية من جانب واحد ، لأن التداخل و الإرادة المنفردة قد تنتج انتهاك للإتفاق و تعيقه ، و لا ينتهي بها المطاف إلي تحقيق أي بند بشكل سليم ، السلام يتطلب الجهود الجماعية ، التعاون ، الحكمة و الشوف فيا مناوي " كج " العين .
شارك هذا الموضوع: