ليستُ
وحدها القطاراتُ التى هناك
تهدر بأزيز وعنفوان
تحط بقادمين
حملت حقائبهم الممتلئة
اللحوم الباردة
والأسماك الناشفة
والاحلام.
ليست المحطاتُ
أو الفيافي
يقطعها المترو بالناس
الناس المكدسة بالعربات
تلتحم
بالأجساد
وبالأفكار
على مدار الخطوط
والاصوات
وأوقات الزحام.
ليس الجنود
الحرس الاحمر
الذي يدور
دون ان ترمش أعين
او ترتجف آذانٌ
امام العم فلاديمير
المستيقظ لمائة عام
ونيف،
وأخرى،
بغرفة مفتوحة
بالساحة الحمراء،
الساحة المفعمة بالزوار
في تساقط الثلج،
يرسلون الضحكات
والابتسامات بكل اتجاهٍ،
عدا قصر
القيصر،
المشيد
من طوب الاستبداد.
ليس وحده بموسكو معرض المنتجات،
او يوم النصر،
او يوم العمال.
ليست حديقة الثقافة،
اوستوديو غوركي،
او موظف تشيخوف الصغير
الذي من قسوة رئيسه مات.
بموسكو
الجميلاتُ
الفاتنات
المفعمات بالحياة
يسحرن بالشدو،
والبهاء،
والحنان،
في رابعة النهار،
ويجزلن العشق للعشاق،
بالورود،
والقبلات،
ويطرن كمركبات
الدهشة
بحرير الرغبة
وتواطؤ الغمام .
بموسكو اثار روحي،
وموج ذاكرة يغسل
الصفصاف،
واشجار البتولا،
والصنوبر،
ترش بالإعجاب
قوام بوشكين
الرصاصي هناك حيث،
يبسط يدا للحمام.
يدندن بالترانيم،
التي طالما عهدتُ،
عندما اقترب منه،
فاسمعه يقول:
( أيها الحب
أصغِ لصراخي أيها الحب
وارسل رؤاك ثانية إليّ
وعندما ينبلج الصبح
لا توقظني
بل دعني أرقد رقدتي الأبدية).
بموسكو حفيف الأُغنيات
وطيران نورس
من بحيرة البجع
بمسرح البلشوى.
هنا تحلقن
هنا تطير الراقصات،
راقصات الباليه،
بدون أجنجة
كالبالونات
فوق سماء وضاح
وقاد
هنا أرفل بلا قيد
من زهو يطوقني
يحفنى ببديع البصر
للحسناوات الملهمات.
الغيمة في البنطال -
قل لمايكوفسكي
وحدث (ايسنين)
في القمر المضي،
وبالسعادة الزرقاء.
قل افرش الفراش،
واستلقى قدر المستطاع،
فما عاد الوقت
للرحيل في مجرات السهاد
الوقت لنهار
يخرج بين طيف اخضر
كالخضرة في الرونق
تهشها العصاة من الامام الى الامام.
لموسكو العصافير،
والمزامير،
ولها ضوء العين،
والألق الحليب،
من نغم السحاب
وبين البين
ما شاءت الذكريات،
والبشاشات،
بشاشات الأفلام
ودوران الماكينات
بالعروض البهيجة
بالحركات والسكنات
تكاد لا تغمض عينا،
او تموت من الخسوف حينا
فبالحانات موسيقى
وفودكا
وصديقة
وصوت (بوغاشوفا) النغم الحديقة
تداعبك أواخرِ الليل
فتضجُ روحك
بشوارع المتاهاتِ
لا ينبلج لك فجر
إلا وينشط حولي صباح
يلقاني بعتاب
انا المشرد بالغفواتِ
انا الطريد بالحسراتِ
ترتجف من البردِ أذني
ويرتج ماء نوري
الوذ بقفضي الصدري
من تحت المعطف
المبتل ارسل تحاياى المرهفات ابتسم للبنات السماوياتِ
كمراهقِ،
بصوتٍ مخدوشٍ،
وبآخر أجش،
اوزع غزلي الخاص
للشقراوات منهن والصاخبات
امازح
العامل المخمور يتعجل سيره من رقابة،
شرطي
يسير
على قطن خوفه
فيفاجئه الانزلاق،
والتزحلق
بعد ان
يكتشف أن غوايته
كانت بشتاء ذات جليد.
بقلبي الأناشيد
ترفع القبعات
تمنحُ الازهار
وتهدي الأزاهير تبذل المراسيل بالصبابات
لكل ما عشت
لكل من أحببت
ومن نسيت.
شقيتُ، وما شفيتُ من ذكراهْ.
شارك هذا الموضوع: