للسماء قصيدة أخرى

حاتم الكناني - 09-08-2022

لَمْ يعرِفِ الموتُ أنَّكَ
منتشِرٌ كالحَمَامِ
وَ مُنغمِسٌ فِي التَّفاصيلِ
فِي غُربةِ الوَرد
فِي حَجَرِ الغُربةِ المُتَناسِلِ
فِي شَجَرٍ مُهْمَلٍ
فِي جِراحِ (المَعانِي / البلاغَةِ)
فِي وَطنٍ لا يُحِبُّ الإِقامةَ
يهربُ مِنْ أرضِ هِجرَتِهِ للقَصيدةِ
فِي سُرعَةِ الموتِ مِنْ
زَمَنِ السَّيفِ لـ(الآنَ)
فِي النِّساءِ الجمِيلاتِ يخرجْنَ
مثْلَ النَّبيذِ المُخَبَّئِ
مَا زِلتَ مُنشَغِلاً
بِتَدَابِيرِكَ العَاطِفِيَّةِ
بِأناشيدِكَ المُستَديرَةِ كالأرضْ
كأنَّكَ لَمْ تَنْسَ قَلْبَكَ
حِينَ سَلَبتَ التَّشَابِيهَ
فِتنَتهَا
كَأنَّكَ لَمْ . .
والحِصَانُ بعِيدَا . .
يَذُوبُ
وتَتْركُهُ
لَاتُعِدُّ لهُ مَا استَطَعْتَ
مِنَ القَلبِ
مَا زِلْتَ مُحتَملاً
فِي قَصَائدِنَا المًمْكِنَاتِ
الخريفِ/الرَّبِيعِ/الشِّتَاءِ/ المَرَارَاتِ/
طَيشِ النِّهاياتِ/سِحرِ البِداياتِ /
وَمضِ إِيقاعِنَا المُحتمَلْ .

وَ نَشِيدُكَ مَازَالَ يعلُو
وَ يَسْرِقُ أجْفَانَنَا
نُنْصِتُ الآنَ
(يَحتفِلُ الحَيُّ بالمَيْتِ)
وَ العَكْسِ فِي مَوْكِبٍ
العَابِرِي حُلْمِهِمْ للبِدايةِ
فاطْلُبْ لِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ مِنْ
قَهْوَةٍ
وَ حَنِينٍ إلَى خُبزِ حُرِّيَّةٍ وَ سَكَنْ .

الكَمَنجَاتُ تَرفُو ( مُعَلَّقَةً ) فِي
انتِظَارِ حُضُورِكَ
تَغْتابُ سِيرَتَكَ المُشرَعةْ

الكَمنجاتُ تَقرأُ حِكمتَكَ اليوَميَّةَ
تغفُو- علَى مَضَضٍ -
وتَبيعُ النُّواح لنَا

الكَمَنْجاتُ ترقُصُ
للقَادِمِينَ وَ مِنْ خلفِهمْ أحرَقُوا البَحْرْ

الكمَنجَاتُ تبكِي
عَلَى الهَارِبِينَ
وَ قَدْ تَركُوا البرْ

قُلِّي إذَنْ: يا أَيُّهَا المنفِيُّ
مَا الأَشْيَاءُ؟
والأَشْيَاءُ تلعَبُ دَوْرَهَا
مُنذُ ازْدِهَارِ الموْتِ
حتَّى رِحلَةِ النَّاجِينَ
مِنْ غَرَقِ البَصيرَةِ
مَا المُؤنّثُ فِي قصيدتِك الأخيرة؟
مَا المذَكَّرُ فِي السَّماءِ؟
وَ فِي السَّمَاءِ قصيدَةٌ أُخرَى
لِتُنعمَ بالخُلودِ
وَمَا الخُلودُ سِوَى "البَصِيرَةِ
فِي تَذَكُّرِهَا"!

"اجْتَرِحنِّي"
قَالَهَا البدَوِيُّ فِي الصحرَاءِ
قَبْلَ رِسالَةِ النَّثْرِ الأَثِيرَةِ
كَانَتِ اللُّغَةُ ابتكارَكُمَا المُجَرَّدَ للحِوارِ
وَ سالتِ الصَّحْراءُ قَافِيةً سَتُزهِرُ
فِي الغيابْ

قُلْ لِلغيَابِ الآنَ عُدْتُّ
وَ لَمْ تَعُدْ لُغَتِي
وَ لَنْ أحتَاجَ لِلحُلمِ المُعَبَّدِ
كَيْ أطيرَ عَلَى جناحِ حمَامةٍ أُخرَى
وتَمنَحَنِي السّمَاءْ

قُلِّي :
لمَاذا تسْكُنُ الكَلِمَاتِ؟!
تَسبِقُ مَا يُقَالُ
بِربْعِ ثَانيةٍ
وتَمضِي فِي طَرِيقِكَ
مُهمِلاً
مَا قَدْ يَسِيلُ مِنَ الحدِيثِ
عَلَى الطَّرِيقْ؟!
قُلِّي:
لِمَاذَا أنتَ تُكمِلُ
مَا تبَّقى مِنْ حوَارٍ مَّا
وَ تُدْمِنُ كالفَراشَةِ
أنْ يُراوِدكَ الحَرِيقْ.

لاسمك الأُفقي: م.حـ.مـ.و.د درويش

شعر: حاتم الكناني