يا عسكري التالفين
و يا تالف العسكر
يا قابعا في يمين
و الشعب قد أيسر
في محاولة فجة تعكس بؤس الحال الذي وصلت إليه العصابة ، خرج علينا زعيمها بخطاب يليق تماما بمستوى بؤسها ، ليكرس نفسه حكما على الشعب ، محاولا فرض ارادته على من له كامل العظمة و الارادة ، في تحايل مكشوف لتكريس التمكين و الافلات من العقاب ، نكتفي بإيجاز ملاحظاتنا عليه فيما يلي:
١- الخطاب جعل من الانقلاب مرجعية تعطي المشروعية للمرحلة القادمة، و بالتالي تتحكم فيها. فهو لم يلغ أي من القرارات و التشريعات غير الدستورية التي تمت منذ الخامس و العشرين من اكتوبر ٢٠٢١م، و بهذا شرعن الانقلاب مجددا و لم يلغ مفاعليه الدستورية و القانونية.
٢- الخطاب حدد ملامح الحوار و عين اطرافه و قرر نتيجته المطلوبة، و اعفى المؤسسة العسكرية من اعبائه و وضعها فوق نتائجه ، بحيث تعطي هي المشروعية للحكومة التنفيذية التي ستنتج عن الحوار ، عبر اعتمادها حتما من الجهة التي قررت الحوار و حددت شكل مخرجاته ( مجلس الانقلاب الحاكم حالياً!!)، و هو نفس السلطة التي ستحل مجلس السيادة و تشكل المجلس الاعلى للقوات المسلحة!!!
٣- الخطاب حدد ان الحوار يفضي لسلطة تنفيذية (حكومة) و لم يحدد الجهة التي سيكون لها السلطة السيادية ، و بما ان المجلس الاعلى المقترح غير محدد السلطات، و سيضم السلطة الانقلابية التي ستتفضل على الشعب بأن يتحاور ليختار سلطة تنفيذية فقط ، يصبح منطقيا الاستنتاج بأن الانقلاب سيحتفظ بالسلطة السيادية.
٤- الخطاب لم يشر من قريب او بعيد للسلطة التشريعية ، و هذا يعني احتفاظ عصابة الانقلاب بسلطة التشريع، و في احسن الفروض ستكون من مهام مجلسها الجديد التي تستكمل مع الحكومة التنفيذية، لنعود لوضعية التشريع المختطف الشاذة التي كرستها بدعة تشريع مجلس السيادة و مجلس الوزراء مجتمعين.
٥- سكت الخطاب عن السلطة القضائية و المؤسسات العدلية ، مما يعني استمرارها وفقا للوضع الذي كرسه الانقلاب، مع استحالة تحقيق أي عدالة في ظل وضعها الراهن.
٦- شرعن الخطاب مجددا الجنجويد و رفعهم مع جهاز امن الانقاذ لوضع السلطة الحاكمة فعليا، مع سلطة تنفيذية تابعة تشكل واجهة مدنية لسلطة التمكين.
٧- اخرج الخطاب سلطة الانقلاب و اللجنة الامنية من سلطة السلطة التنفيذية ، بترفيعها لمجلس اعلى للقوات المسلحة مجهول السلطات مبهم الصلاحيات ، و بالتالي منع اعادة هيكلة القوات المسلحة و حل الجنجويد و جهاز امن الانقاذ ، و بالتبعية اخرج مؤسساتهم الاقتصادية المسيطرة على اقتصاد البلاد و الجاثمة على صدر شعبنا ، من سلطة السلطة التنفيذية. و هذا يعني استمرار سيطرة راس المال الطفيلي، و فشل أي حكومة قادمة في إدارة شئون البلاد او رفع المعاناة عن كاهل الجماهير.
٨- فرض الخطاب حوارا يشمل الفلول و لم يستثن أحدا ، حيث اضاف الى القوى السياسية و الثورية المكونات الوطنية الاخرى. و اذا كانت القوى الثورية معروفة بتسيدها لشوارعها، ماذا يعني الخطاب بالقوى السياسية؟ و ماهي هذه القوى السياسية غير الثورية التي يريد اشراكها؟ و ما هي المكونات الوطنية الأخرى التي يتحدث عنها؟. من الواضح انه يقصد الفلول و حركات اتفاق جوبا الشريكة في الانقلاب، و القوى الداعمة للانقلاب اجمالا. أي انه يريد فرض القوى الداعمة للانقلاب على العملية التفاوضية، و اشراكها في السلطة التنفيذية وفقا لذلك، ليضمن سلطة تنفيذية و متوائمة مع سلطة المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي سيحكم البلاد فعليا.
٩- الخطاب يؤكد وقوف الانقلابيين (المؤسسة الامنية و العسكرية) الى جانب العدالة و المساعدة في التحقيق الذي يفضي الى تبيان الحقائق و تقديم المتورطين في ازهاق الارواح للعدالة!!! و هذا تصريح في احسن احواله سخيف. إذ كيف ستساعد المؤسسات المتهمة بأزهاق الارواح في المساعدة في تقديم نفسها للعدالة ، و ما هو السبيل إلى ذلك ، و كيف سيتم التحقيق و من سيتولاه ، و أي نوع من الحصانات سنواجه هذا التحقيق ، خصوصاً لاعضاء المجلس الاعلى المقترح و مؤسساتهم المتهمة بإزهاق الارواح ، و التي تتوفر بينات كافية لتقديمها للعدالة، بوصفها الجهات التي واجهت التظاهرات السلمية بالرصاص و القمع الوحشي؟.
١٠- الخطاب حدد ملامح الفترة الدستورية القادمة و مصدر مشروعيتها ، و لم يعط الحوار أي سلطة لانتاج وضع دستوري جديد، يتجاوز الوثيقة الدستورية الميتة و يؤسس لوضع انتقالي حقيقي. و هذا يعني أن أي وضع دستوري جديد، سيستمد مشروعيته من الانقلاب و يعتبر امتدادا له. أي أن أي وضع جديد سيعتبر شرعنة للانقلاب لا اكثر و لا اقل.
١١- الخطاب يكرر شروط العسكريين لتسليم السلطة، بإشتراطه الوصول إلى توافق وطني بين كل القوى المبهمة التي حشدها في خطابه المرائي ، ليصل هذا التوافق الى انتخابات ، و هذا يعني تمسك الانقلابيين بالسلطة و عدم تسليمها للمدنيين ، و البقاء حراسا على الفترة الانتقالية المزعومة، لحين قيام الانتخابات المسيطر عليها لتعيد انتاج الازمة.
١٢- ختام الخطاب بتأكيد دعم جهد الآلية الثلاثية و اصدقاء و دول جوار السودان، يستبطن موافقة هؤلاء على محتوى الخطاب. فالخطاب جاء كمحصلة طبيعية لفشل المجتمع الدولي في فرض التفاوض مع العصابة الحاكمة على الشعب السوداني ، و هلع التيار التسووي و خوفه من نتائج مواصلة الحوار سرا، بالرغم من الوصول لتوافق مع العصابة على ٨٠٪ على حسب تصريح عراب التفاوض فولكر ، و قناعة جميع الاطراف باستحالة فرض الشراكة الجديدة على الشعب بعد مليونيات ٣٠ يونيو ٢٠٢٢م. و هو يعتبر بمثابة اقرار من الانقلابيين بفشل محاولتهم الخروج من الانسداد السياسي عبر تعويم المجتمع الدولي لهم تفاوضيا ، و القناعة بفرض انفسهم على المعادلة السياسية بحيلة مجلس الاعلى للقوات المسلحة، الذي سيحافظ على مكتسبات التمكين و يسمح لهم بالافلات من العقاب، و لكن هيهات!!
المطلوب من الشارع الثوري هو رفض هذه المناورة جملة و تفصيلا، و مواصلة تصعيده المتراكم في اتجاه اضرابه السياسي العام و عصيانه المدني ، فالعصابة في اوهن حالاتها.
و قوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!!!
٤/٧/٢٠٢٢
شارك هذا الموضوع: