الاقتصاد السياسي للتضخم في السودان
معالجة التضخم يجب أن تتم من خلال برنامج سياسي اقتصادي وطني متكامل!!!
يعد التضخم من اكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد السوداني منذ عقد السبعينيات علي الرغم من العديد من المحاولات للتخفيف من حدته
ارتفاع معدلات التضخم يؤثر علي المجتمع بارتفاع المستوى العام للأسعار وتدهور القوة الشرائية للعملة الوطنية وبالتالي ارتفاع معدلات الفقر في المجتمع وتؤثر معدلات التضخم المرتفعة والخارجة عن السيطرة علي مجمل النشاط الاقتصادي٠
انواع التضخم
يعرف التضخم بشكل عام علي انه الارتفاع المستمر في المستوي العام للأسعار كما يمكن تعريف التضخم اعتمادا علي معرفة اسبابه سواء ان كان مصدر التضخم من جانب الطلب او من جانب العرض٠
فنظريات جانب الطلب وتشمل النظريه الكينزية والتي تركز علي ان اهم اسباب التضخم تكون في زيادة الطلب الكلي علي العرض الكلي ومن نظريات جانب الطلب ايضا النظريه النقدية والتي تؤمن بأن التضخم ظاهرة نقدية بحتة في كل زمان ومكان تحدث بزيادة عرض النقود بمعدلات تفوق معدلات الانتاج٠
اما نظريات جانب العرض فنجد المدارس الهيكلية والتي تري ان من اسباب التضخم اختلالات هيكلية في قطاعات الانتاج وقصوره عن تلبية الطلب الكلي فيؤدي ذلك لارتفاع معدلات الاسعار والتضخم٠
التضخم في السودان
التضخم ظاهرة اقتصادية مزمنة في الاقتصاد السوداني وتسارع وتيرة التضخم تعبر عن اختلالات اساسية في هياكل الاقتصاد في الانتاج والاستهلاك والتوزيع وعجز مزمن في الميزانية والميزان التجاري وكذلك تعبر عن خلل واضح في السياسات النقدية والمالية والتجارية٠
وفي دراسة جادة قام بها د٠كباشي سليمان استاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم بعنوان
"The Determinants of Inflation in Sudan"
تشرح محددات التضخم في السودان في الفترة من 1970/2002
ويوضح د٠كباشي الاساس النظري للدراسة
"The model adopted here assumes that inflation originates from both the demand and supply sides of the economy. Various studies on inflation in developing. countries represent the aggregate demand side by the demand for money relation. The influence from the supply side could be represented by the external sector. In a small open economy like that of Sudan, with underdeveloped local sources of inputs, the share of tradable inputs in production of consumer goods is large.
It is more likely that changes in import prices pass-through to the consumer prices. Hence, the analytical model allowed overall inflation to adjust to long-run disequilibria in the money market. and the external sector as well as to short-term impact of the variables determining these equilibrium conditions including other relevant factors."
"يفترض النموذج المعتمد هنا أن التضخم ينشأ من جانبي العرض والطلب للاقتصاد. دراسات مختلفة عن التضخم في البلدان النامية اعتمدت علي تعريف جانب الطلب الكلي من خلال علاقة الطلب على النقود. التأثير من جانب العرض يمكن أن يمثله القطاع الخارجي٠ اقتصاد مفتوح صغير مثل اقتصاد السودان يعاني من مصادر محلية متخلفة لمدخلات الانتاج نجد ان مدخلات إنتاج السلع الاستهلاكية المستوردة يمثل نسبة كبيرة. من المرجح أن التغيرفي أسعار الواردات ينتقل الي أسعار المستهلك النهائي. ومن هذا التحليل نجد النموذج المستخدم سمح للتضخم الكلي بالتكيف مع اختلال التوازن على المدى الطويل في سوق المال والقطاع الخارجي وكذلك الأثر قصير المدى للمتغيرات التي تحدد شروط التوازن ويشمل ذلك العوامل الأخرى ذات الصلة" انتهي
وخلصت هذه الدراسة الهامة الي الاتي:
اولا/ هناك عوامل بعض العوامل لها تأثير قصير المدي علي التضخم مثل الصدمات الموقتة علي الطلب الكلي واخري ذات تأثير طويل المدي مثل
purchasing power parity
تعادل القوة الشرائية وتقارب الاسعار المحلية الي الاسعار العالمية٠
ثانيا/ التضخم في السودان يتحدد علي المدي الطويل بأسعار الصرف والاسعار العالمية وفِي المدي القصير يتحدد من تأثير سعر الصرف والاسعار العالمية اضافة لمعدل نمو الكتلة النقدية وتوقعات التضخم في المستقبل٠
ثالثا/ تزايد النشاط الاقتصادي يقلل من التضخم في المدي القصير وتحرير سعر الصرف يخلق ضغط علي الاسعار ويزيد مستوي التضخم٠
رابعا/ التخفيضات المستمرة في قيمة العملة تؤدي الي خلق توقعات بارتفاع التضخم من جانب العرض عن طريق مدخلات الانتاج المستوردة ويقوم بعض المنتجين بزيادة الأسعار لأسباب غير مرتبطة بتكاليف الانتاج٠
خامسا/ الصدمات السالبة علي الانتاج خاصة في القطاع الزراعي كالجفاف لها تأثير سلبي علي ارتفاع معدلات التضخم٠
سادسا/ عرض النقود المفرط ليس له تأثير علي التضخم في المدي الطويل، ولكن عرض النقود يؤثر علي ديناميكية التضخم في المدى القصير ويعزي ذلك لتمويل عجز الميزانية عن طريق طباعة النقود
Direct Monetization of Fiscal Deficit
وكان من اهم توصيات الورقة تركز علي ان سياسات الإصلاح في سعر الصرف رغم انها تهدف الي تخفيف حدة التضخم الا انها غير مستدامة علي المدي الطويل وذلك لبط تحرك سعر الصرف الحقيقي نحو التوازن
كما اوصت الورقة أيضا ان علي السلطات خلق أدوات نقدية غير مباشرة لتساعد سياسة ركيزة سعر الصرف
Foreign Exchange Anchoring
كذلك كان التوصيات الهامة للورقة التخفيف من حدة تأثير صدمات جانب العرض والإنتاج في القطاع الزراعي مثل مواسم الجفاف وكذلك تغيرات الاسعار العالمية للواردات وخاصة مدخلات الانتاج٠
الأساس النظري والتطبيقي لدراسة د٠كباشي جيد الا ان الدراسة قد
غطت الفترة 1970/2002 ولَم تشمل تغيرات سياسية واقتصادية هامة حدثت بعد فترة الدراسة مثل انفصال الجنوب وثورة ديسمبر
كما لم تتحدث الدراسة عن دور السياسة والسياسات ودور تطبيق روشتة الصندوق في ارتفاع معدلات التضخم خاصة تضخم جانب العرض٠
الا ان من الملاحظ ارتفاع معدلات التضخم في الفترة الاخيرة منذ العام 2019 وانعكس ذلك من خلال ميزانية العام 2020 والعام 2021
مستوي التضخم المتوقع في الموازنة الأصلية للعام 2020 كان يهدف ان يصل بنهاية العام الي 30% وفي الموازنة المعدلة كانت توقعات معدل التضخم ان يبلغ نسبة 65.2%، وكلها تقديرات غير واقعية فنجد في واقع الامر ان مستوي التضخم قد تسارع بوتيرة عالية خلال العام 2020 وقد كان عند 57% في شهر ديسمبر 2019 وفي شهر يناير 2020 بلغ 64.28% بينما بلغ نسبة 61.86%، في فبراير وسجل نسبة 66.83%، لشهر مارس وبلغ نسبة 98.8% في أبريل ونسبة 114.2% خلال شهر مايو وارتفع التضخم السنوي إلى 136.36% خلال شهر يونيو اما في يوليو فقد بلغ نسبة 143.78% وفي اغسطس قد بلغ 167% اما في سبتمبر فقد بلغ نسبة 211 % وفي اكتوبر فقد وصل الي نحو 229.85% ونجد إن التضخم السنوي قد تسارع إلى 254.23% في نوفمبر 2020 اي ان نسبة التضخم قد ازدادت من بداية العام حتي نهايته بنسبة 295%
ومع بداية العام 2021 تجاوز التضخم حاجز ال 300% ليصل الان في فبراير 2021 الي 331% وفي تزايد مستمر بشكل يومي٠
انواع التضخم في السودان
التضخم في السودان يمكن ان يكون من جانب زيادة الطلب الكلي وكذلك من جانب الافراط النقدي وطباعة النقود لتمويل العجز المزمن للميزانية وايضا يمكن ان يكون تضخما "هيكليا" بمعني ان يكون بسبب قصور حاد في هياكل الانتاج والانتاجية٠
مصادر التضخم في السودان
التضخم ظاهرة هيكلية مزمنة في الاقتصاد السوداني ويعزي ذلك لعدة اسباب تتعلق بحانب العرض وهياكل الانتاج وايضاً بحانب الطلب وتمويل عجز الموازنة عن طريق الاستدانة المفرطة من النظام المصرفي وتعد هذه الأسباب التقليدية تشرح اسباب التضخم بشكل عام الان ان معدلات التضخم قد ارتفعت بوتيرة عالية في الفترة من بداية العام 2020 ومستمرةٍ حتي الان فمعدل التضخم في بداية العام 2020 وعند إجازة اول ميزانية للفترة الانتقالية كان معدل التضخم حوالي 64.28% ووصل الان الي مستوي ال331% بزيادة قدرها 415% وبمتوسط زيادة شهرية متزايدة بدأت ب15% ثم ارتفعت الي 22% واستمرت في ازدياد بشكل يومي وشهري وسنوي ومن اهم الأسباب لهذا التدهور مجمل السياسات الاقتصادية الخاطئة والمحفزة للتضخم وتتسبب في تسارعه بوتيرة متصاعدة ويتلخص ذلك في اتجاه الحكومة تماما لتطبيق مجمل روشتة صندوق النقد الدولي حتي قبل الاعداد الجيد لاحتواء معظم اثارها التضخمية كما نري لاحقا ومن اهم هذه السياسات التضخمية الاتي:
اولا/ عجز الميزانية
ميزانية 2021 خصصت زيادات ضخمة للصرف علي الدفاع والشرطة والأمن والدفاع الشعبي وكذلك الصرف السيادي علي القصر ومجلس الوزراء ويزيد هذا النوع من الصرف غير التنموي من عجز الميزانية وكل ذلك علي حساب بنود التعليم والصحة وشبكات الضمان الاجتماعي والسؤال المشروع هل هذه الحكومة فعلا تعبرعن الثورة وتعمل علي تحقيق رغبة الجماهير في توفير سبل العيش الكريم؟؟؟؟
ويتم تمويل كل ذلك بالعجز والاستدانة من النظام المصرفي مما يؤدي الي تفاقم حدة التضخم٠
ثانيا/ زيادة المرتبات
قامت الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور في مايو 2020 للعاملين بالدولة، بنسبة بلغت 569% في المتوسط، وبالرغم من ان القرار وجد قبولا جماهيريا من ناحية المساعدة في تخفيف أعباء المعيشة علي المواطن في ظل الارتفاع الكبير لأسعار السلع ولكن سرعان ما اكتشف الجمهور ان زيادة الاجور لا تعدو اكثر من الوهم النقدي او ما يسمي ب "Money Illusion" فسرعان ما يلتهم غول التضخم هذه الزيادة في المرتبات وتفقد القيمة الفعلية في فترة وجيزة ،وفي الواقع كان لهذا القرار الغير مدروس اثارا سلبية كبيرة، فازداد الطلب على الدولار بشكل أكبر “كمخزن لحفظ القيمة" وارتفعت أسعار السلع نتيجة امتصاص السوق للسيولة الجديدة، وادي ارتفاع معدل التضخم الي لجوء بعض المواطنين إلى سحب ودائعهم بالجنيه السوداني من المصارف واستبداله بالدولار للاحتفاظ بالقيمة الحقيقية لثرواتهم مما اثر علي تمويل الانتاج وادخل الاقتصاد السوداني في حالة الكساد التضخمي٠
ثالثا/ سياسة الافراط النقدي
رغم ماورد في تقرير الموازنة ان من اهم اهداف الموازنة "لاستمرار في الانضباط المالي ليعضد السياسة النقدية للتحكم في الكتلة النقدية لضمان استقرار المستوى العام للأسعار، وذلك بضبط وتوجيه الاستدانة من البنك المركزي، من خلال إعادة ترتيب الأولويات للإنفاق العام"
ولكن في حقيقة الامر نجد ان الحكومة قد قامت بضخ حوالي 150مليار جنيه سوداني في الستة شهور الأولى من عام 2020
كما نجد ان الموازنة قد اقرت زيادة عرض النقود إلى 1,202,5 تريليون جنيه، أي حوالي واحد تريليون ومائتي مليار جنيه، مقارنة ب واحد تريليون وثلاثين مليار جنيه في الموازنة قبل التعديل.
علي الرغم من قرار تقليل الاستدانة من البنك المركزي من 200 مليار جنيه إلى 52 مليار جنيه في ميزانية 2021 الا ان تجربة ميزانية 2020
تؤكد عدم التزام الحكومة ببنود الصرف مما يؤدي الي اللجوء للاستدانة من النظام المصرفي ففي ميزانية العام 2020تم رصد سقف للاستدانة من النظام المصرفي بحوالي 61 مليار جنيه في الموازنة قبل التعديل وارتفع الي 200 مليار جنيه في الموازنة المعدلة٠
اما الاداء الفعلي يؤكد ان الحكومة قد استدانت من البنك المركزي 108 مليار جنيه في النصف الأول فقط لسد العجز بزيادة 77% من سقف الاستدانة المحدد ب 61 مليار وحسب الاتفاق مع البرنامج المراقب من صندوق النقد الدولي والذي اوصي ان يتم تمويل العجز عن طريق التمويل الداخلي وأدوات الدين والتي تقدر بنحو 200 مليار جنيه ومن المتوقع ان تقوم بتمويل نحو 81.4% من العجز الجاري كما ورد في الموازنة٠
رابعا/ سياسات سعر الصرف
تم تحديد سعر الصرف في الموازنة المعدلة على أساس 120 جنيه بعد ان كان يعادل 55 جنيه للدولار في الموازنة الاصلية وهذا مؤشر واضح لخفض سعر صرف الجنيه السودان بنسبة 118.18%
اما في السوق الموازي فنجد ان قيمة سعر صرف الجنيه انخفضت بمعدلات متسارعة للغاية ففي يناير 2020 كان الدولار يعادل 80 جنيه وفِي فبراير صعد الدولار الي 90 ثم الي 110 جنيه وقفز الي 144 جنيها في نهاية مايو وبداية يونيو بلغ سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار 147 جنيها وفِي يوليو بلغ سعر الدولار 180 جنيها ووصل الي مستوي 220 جنيها في اغسطس ليبلغ في أكتوبر 255 جنيها وفِي نوفمبر وديسمبر 2020 صعد الدولار في السوق الموازي ليبلغ ال 268 و270 مع نهاية العام٠
وفي فبراير 2021 اعلنت الحكومة سياسة توحيد سعر الصرف وتخفيض قيمة الجنيه بنسبة 581%
مع تحديد أسعار الوقود بالعملة المحلية يؤدي انخفاض سعر الصرف بشكل تلقائي إلى زيادة حجم الدعم المالي للوقود ويتسبب ذلك بدوره في زيادة العجز النقدي مما يؤدي إلى ضغوط على سعر الصرف والتضخم٠
" وفي تقرير لصندوق النقد في العام 2020 يوضح الحلقة الشريرة والعلاقة بين التضخم وتخفيض سعر الصرف
. With limited external financing or possibilities for domestic borrowing, large fiscal deficits were monetized. This monetization fueled a vicious circle of high inflation, exchange rate depreciation, and further deficit expansion. With domestic fuel prices fixed in Sudanese Pounds; exchange rate depreciation has automatically increased the size of the fiscal subsidy, further contributing to deficit monetization and pressure on the exchange rate. As of September 2020, the parallel market exchange rate has quadrupled the official rate of 55 pounds to the US dollar" انتهي.
خامسا/ عجز الميزان التجاري
توقعت الموازنة الاصلية لعام 2020 تراجع الصادرات إلى 2.85 مليار دولار وفي الموازنة المعدلة نجد توقع المزيد من تراجع الصادرات ليصل الي 4.14 مليار دولار فيما انخفضت توقعات الواردات من 7.36 مليار دولار الموازنة الاصلية إلى 5.7 مليار دولارفي الموازنة المعدلة وبذلك انخفض عجز الميزان التجاري انخفاضا طفيفا من (3.2) مليار دولار الموازنة الاصلية إلى (2.85) مليار دولار الموازنة المعدلة كما اشارت الموازنة المعدلة أن معدل نمو الاستثمار الكلي سينخفض من 12.5% الموازنة الاصلية إلى رقم سالب (7.1%) في الموازنة المعدلة٠
يؤدي عجز الميزان التجاري الي ازدياد نشاط السوق الموازي لتلبية الطلب الفائض علي العملات الاجنبية لتمويل فاتورة الإستيراد٠
ومن اهم أسباب التضخم السلع المستوردة وخاصة مدخلات الانتاج وفِي ظل تدهور سعر صرف العملة الوطنية نتيجة لسياسات التخفيض سترتفع فاتورة الاستيراد وتكلفة مدخلات الانتاج وتزيد من معدل تضخم جانب العرض والتكلفة وكذلك تحرير اسعار الوقود والكهرباء والدولار الجمركي كل ذلك سيزيد من تسارع وتيرة تضخم جانب العرض والتكلفة ويترك كل ذلك اثارا انكماشية خطيرة٠
سادسا/ عدم تغيير العملة
اهم واخطر أسباب صعوبة التحكم في التضخم تزايد وجود الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي ومصدرها العملة المزورة والتي تؤكدها الأخبار المتداولة يوميا وترفض الحكومة تغيير العملة كحل نهائي لسد هذه الثغرة الاقتصادية والأمنية الخطيرة متعللة بأسباب غير مبررة وغير منطقية مثل القول بان تغيير العملة يكلف أمولا طائلة وليس هناك حاجة له في هذا الوقت٠
سابعا/ ضعف البنيات الاساسية للإنتاج والتضخم
ضعف الإنتاج والإنتاجية وعدم تنويع قاعدة الاقتصاد يؤدى فى المدى البعيد إلى ضمور القاعدة الإنتاجية للاقتصاد، خاصة في قطاعات الصادر. هذا ما حدث للاقتصاد السوداني في فترة النفط عندما انخفضت نسبة الصادرات غير النفطية بصورة كبيرة وصلت مساهمتها في إجمالي الصادرات إلى أقل من 10%٠
لم يتعافى الاقتصاد من هذه الأزمة الهيكلية حتى الان لإستمرارسيطرة الطفيلية والعقلية الريعية علي مفاصل الاقتصاد حيث اصبح الان التركيز على الذهب بدلا للنفط كمصدر جديد للريع، بينما استمر تجاهل قطاعي الزراعة والصناعة ومازال نصيبهما في الموازنة أقل من 10%٠
ثامنا/ النزعات الاحتكارية وعدم اكتمال الاسواق والتضخم
الاحتكارات وعدم تفعيل قوانين المنافسة ومنع الاحتكار تفاقم من حدة التضخم وارتفاع اسعارالعديد من السلع والخدمات فنلاحظ ان تجد ان كل سلعة يحتكر استيرادها أو تسويقها مجموعة من رجال الأعمال أو التجارفي شبهه اتفاق ضمني. شركة دال شركة الفاخر محفظة السلع وشركة زادنا مثالا٠
تاسعا/ توقعات التضخم تزيد من معدلات التضخم
تلعب التوقعات دورا كبيرا في ارتفاع معدلات التضخم كما تقول النظرية الاقتصادية ويعكس الواقع المعاش فنظرية التوقعات المتأقلمة او المعدلة
Adaptive Expectation
تقول يبني الناس توقعاتهم للتضخم في المستقبل علي متوسط مستويات التضخم في الماضي فإذا ارتفعت مستويات التضخم الان يتوقع الناس ان يكون التضخم مرتفعا في المستقبل ويتصرفون علي هذا الأساس فيرتفع معدل الانفاق الاستهلاكي الان خوفا من ارتفاع الاسعار في المستقبل ويؤدي ذلك لارتفاع معدلات التضخم
اما نظرية التوقعات العقلانية
Rational Expectation
تقول ان الناس عقلانيون يتصرفون بشكل عقلاني ويستخدمون ما يتوفر لديهم من معلومات فإذا كان التضخم الان عاليا وتعمل الحكومة في تطبيق سياسات مالية ونقدية للحد من التضخم فمعظم الناس لا يؤمنون بنجاح هذه السياسات ويتصرفون بشكل عقلاني لما يفيدهم للتخفيف من اثار التضخم
ونلاحظ ذلك الان في سلوك البعض نحو شراء الأصول الثابتة مثل الذهب والأراضي والسيارات والدولار كملاذات آمنة لحماية اموالهم من فقدان قيمتها الشرائية وهذا يؤدي الي تزايد موجات الكساد التضخمي المدمر
عاشرا/ السياسات التضخمية والانكماشية
سياسة تجاهل تغيير العملة يساعد في إشعال المزيد من التضخم خاصة في ظل ظروف الإفراط النقدي وعدم التحكم في الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي٠سياسة الإفراط النقدي وإدمان طباعة النقود لتمويل عجز الموازنة سياسة تضخمية ونلاحظ ذلك في ميزانية العام الماضي حيث تم تجاوز سقف الاستدانة من البنك المركزي في النصف الاول من العام
سياسة زيادة المرتبات لصورة جنونية بنسبة 569% أدت الي خروج مستوي التضخم عن نطاق السيطرة٠
زيادة الانفاق الحكومي علي القطاعات غير المنتجة سياسة تضخمية
سياسة تحرير سعر الصرف سياسة تضخمية انكماشية٠
سياسة تحرير الوقود والكهرباء سياسة تضخمية انكماشية ٠
سياسة زيادة الضرائب والدولار الجمركي سياسة تضخمية انكماشية ٠
سياسات البدوي التضخمية!!
علي الرغم من ان صندوق النقد الدولي يحذر من خطورة ارتفاع معدلات التضخم وضرورة تطبيق سياسات تقشفية لاحتوائه مثل الانضباط النقدي والمالي وتخفيض عجز الموازنة وزيادة الضرائب ورفع سعر الفائدة وتمويل عجز الموازنة عن طريق أدوات الدين الداخلي٠
نجد ان وزير المالية السابق د٠ البدوي كان يتبع سياسات تضخمية خطيرة ويدعي عدم تأثيرها في خلق التضخم أو يقلل من شان تأثيرها في خلق التضخم ومن هذه السياسات زيادة المرتبات بنسبة تقارب ال 600% من دون ضمان لمصادر تمويل ثابتة وتم تمويل الزيادة الجنونية للمرتبات بالمزيد من طباعة النقود٠كذلك نجد سياسات الذهب وإطلاق يد القطاع الخاص الطفيلي في شراء وتصدير وتهريب الذهب وتجنيب عوائده من العملة الحرة في الخارج أو تهريبها٠ وايضا سياسات محفظة السلع الاستراتيجية واحتكار البنوك التجارية الاسلامية الطفيلية لاستيراد وتصدير السلع الإسترتيجية٠
ولاننسي سياسات البدوي في تمكين شركة الفاخر وغيرها من الشركات من احتكار تصدير واستيراد السلع الإستراتيجية مما يضعف المنافسة ويخلق مشكلة عدم اكتمال الاسواق والذي يدعي البدوي انها من اهم أسباب خلق التضخم في السودان وايضاً سياسات الإفراط النقدي والاستدانة من النظام المصرفي لتمويل عجز الميزانية المزمن
وايضاً سياسات رفع الدعم عن الوقود والمحروقات وأخيرا سياسة تحرير سعر الصرف والتي تعتبر من اهم الأسباب لارتفاع وتيرة التضخم في الأشهر الماضية٠
والغريب في الامر ان وزير المالية السابق دكتور البدوي يقلل من شان التضخم ويعتبر معالجته أمرا "ميسورا" كما عبر عن ذلك في اكثر من لقاء والاغرب من ذلك اقترح لمعالجة التضخم الاستفادة من أموال صندوق المعاشات!!!! وايضاً استخدام مشروع سلعتي للتخفيف من حدة التضخم!!!!!!!
الاقتصاد السيلسي للتضخم
الوضع الاقتصادي المتردي الماثل للعيان الان اسبابه سياسية دوافعه سياسية وحلوله سياسية٠
الالتزام التام بتطبيق كامل روشتة صندوق النقد الدولي خيار سياسي وانحياز أيديولوجي غير مبرر في ظروف وجود بدائل اخري تنكرت لها الطبقة الحاكمة نتيجة لتحالف مخزئ مع اللجنة الامنيةً والطفيلية المتأسلمة في صفقة الهبوط الناعم والتي مازالت جماهير الثورة تدفع ثمنها بشكل يومي٠رفع الدعم عن السلع الأساسية وخاصة المحروقات بعد ان كان مجرد مشكلة عجز في الميزانية بسبب تدهور سعر الصرف يمكن تداركه بحلول كثيرة قدمت من قبل الكثيرمن الاقتصاديين اصبح الان مشكلة عجز متضاعف وتضخم جامح متزايد وكساد تضخمي بل أصبحت مشكلة عدالة اجتماعية وتوزيع غير عادل للموارد٠
كان يمكن السيطرة علي هذا العجز في الميزانية عن طريق خفض جاد في الإنفاق الحكومي غير المنتج او فرض ضرائب تصاعدية علي اصحاب الدخول العالية والثروات الطفيلية وفرض ضرائب علي شركات الاتصال واستعادة املاك الشركات الامنية والعسكرية لوازرة المالية والكثير من الحلول الجيدة والتي تتطلب وجود الإرادة السياسية المنحازة لتحقيق أهداف الثورة وبكل اسف هذه الإرادة السياسية غائبة تماما في ظل هذه الحكومة المتآمرة علي الثورة٠
قرار تحرير سعر الدولار الجمركي المتوقع فرض من خلال الالتزام بتطبيق شروط برنامج مراقبة الصندوق وهو قرار سياسي بامتياز وليس له اَي منطق اقتصادي يبرره بل علي العكس هذا القرار الكارثي سيفاقم الوضع التضخمي ويؤدي الي كساد تضخمي خطير وعجز كبير في الميزانية سيتم تمويله بطباعة النقود ويزيد ذلك من معدلات التضخم وعجز في الميزان التجاري وانخفاض حاد في معدلات نمو اجمالي الناتج القومي٠ وكذلك سياسات سعر الصرف الاخيرة ستؤدي الي نفس النتائج الخطيرة وستشهد الأسابيع القادمة التأثير التام لسياسات تخفيض سعر الصرف بعد ان يعود السوق الموازي لكامل نشاطه بعد خروجه من حالة الصدمة والانتظار والترقب جراء قرار سعر الصرف المفاجئ
وأجمع الاقتصاديين علي حتمية فشل قرار تحرير سعر الصرف من حيث التوقيت وغياب الترتيبات المطلوبة قبل صدور القرار مثل توفر احتياطيات مناسبة من العملات الحرة وايضاً اجراء إصلاحات أساسية في النظام المصرفي ونظام تحفيزي مغري لتشجيع تحويلات المغتربين٠
الاقتصاد السياسي الراهن ينذر بمخاطر عديدة ولايساعد حتي في التغلب او التحكم في معدلات التضخم، بل علي العكس ربما يفاقم الوضع بشكل خطير ويخرج التضخم عن السيطرة وربما يتجه في اتجاه التضخم الانفجاري لأسباب الاتية:
اولا/ من أهم الخطوات للسيطرة علي التضخم خفض العجز المزمن في الميزانية عن طريق التحكم في الانفاق الحكومي والراهن السياسي يؤكد عكس ذلك فحكومة المحاصصات والترضيات المترهلة تسير في اتجاه زيادة الصرف الحكومي علي جهاز الدولة العسكري والسياسي والسيادي
ثانيا/ من حيث الإيرادات مازال الهيكل الضريبي مختلا وغير فعال ويفتقد لتحقيق مبدأ العدالة الضريبية فبدلا من فرض ضرائب عالية علي الدخول العالية والثروة يظل التركيز علي فرض ضرائب غير مباشرة تطال الفقراء ومحدودي الدخل (ضريبة القيمة المضافة)
ثالثا/ تحرير الدولار الجمركي قرار كارثي له اثاره الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وسيؤدي الي خروج مستوي التضخم عن السيطرة تماما
رابعا/ الميزان الخارجي مواجه بنفس التحديات السياسية سواء ان كان في ذلك في قرارات الحد من الواردات الكمالية والذي يواجه بضغوط سياسية من لوبي قطاع الاستيراد واتحادات اصحاب العمل وكذلك الحال في قطاع الصادر والذي يواجه باختلالات هيكلية أساسية٠
خامسا/ قطاع الذهب والسيطرة عليه من قبل الحكومة يواجه بصراع مصالح شرس برز علي السطح بعد قرار عودة بنك السودان في التحكم في شراء وتصدير الذهب وكذلك قرار انشاء بورصة للذهب وايضاً نري نفس المشهد وصراع المصالح في قرار عودة انشاء الشركات الحكومية لقطاع الصادر في الصمغ والحبوب الزيتية والمواشي واللحوم٠
مكافحة التضخم لا يمكن ان تتم الا من خلال برنامج سياسي اقتصادي متكامل ووطني منحاز لتحقيق أهداف الثورة وهذا لايمكن تحقيقه في ظل هذه الحكومة٠فعلي قوي الثورة الحية الأن تنظيم الصفوف والتوحد ونبذ الخلاف والالتفاف نحو تحقيق هدف وقف تطبيق خطة الهبوط الناعم والتعجيل بتنفيذ خطة السقوط الحاسم٠
مقترحات عاجلة تستهدف معالجة المشكلة الاساسية الان
كبح جماح التضخم:
يعد التضخم الحالي من أكبر المشاكل الاقتصادية التي تواجه البلاد والمقدر بنسبة 331% وعليه لابد من وضع سياسات عاجلة تستهدف مصادر التضخم في الاقتصاد السوداني والتي تتلخص في الاتي:
اولا/ التضخم الناجم من عدم التحكم في الكتلة النقدية والطلب الفائض ويشمل:
a/ عدم التحكم في الكتلة النقدية داخل النظام المصرفي والإسراف في طباعة العملة لتمويل عجز الميزانية٠
b/ عدم التحكم في الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي لتزايد النشاط الاقتصادي غير الرسمي وتجاوزه نسبة 60% وربما أكثر٠
c/ تزايد معدلات العملة الوطنية المزورة بواسطة الفلول واجهزة مخابرات اجنبية٠
ثانيا/ التضخم الناجم عن إشكالات من جانب العرض وتكلفة الإنتاج ويشمل:
a/ مدخلات الإنتاج المستوردة.
b/ ارتفاع تكلفة الإنتاج محليا كارتفاع الأجور والترحيل.
c/ ارتفاع سعر الدولار الجمركي.
d/ ضعف هياكل الإنتاج المحلي وعدم مرونته.
بعد أن يتم العمل على كبح جماح التضخم تتم الخطوات التالية:
اولا/ الفصل في العلاقة بين المضاربة في سوق العملات وسوق الذهب عن طريق احتكار الدولة انتاج وتصدير الذهب وإنشاء مصفاة الذهب ثم بورصة الذهب٠
ثانيا/ الاحتفاظ باحتياطي معتبر من الذهب لدى البنك المركزي لدعم موقف العملة الوطنية٠
ثالثا/ تأسيس شركات حكومية مساهمة عامة لتعمل في مجال المحاصيل البترول والمعادن الهامة٠
رابعا/ تحفيز تحويلات المغتربين بسياسات تحفيزية مدروسة وجادة٠
إجراءات أخرى لكبح جماح التضخم ورفع المعاناة عن كاهل المواطن وتخفيف حدة الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة:
اولا/ تعميم مجانية وإجبارية التعليم العام خاصة في السنوات الأولي وكذلك تعميم مبدأ مجانية الخدمات الصحية ودعم الادوية المنقذة للحياة٠
ثانيا/ بناء شبكة مواصلات عامة في العاصمة والمدن الكبرى تكون مترابطة بشكل جيد وبأسعار مجزية لذوي الدخل المحدود بسعر مدعوم للمعاشيين وذوي الاحتياجات الخاصة٠
ثالثا/ تعميم ودعم فكرة إقامة الجمعيات التعاونية الانتاجية والاستهلاكية خاصة في السلع الغذائية الهامة (البنوك التعاونية)٠
رابعا/ إقامة مشاريع خدمية لاستيعاب أكبر عدد من الشباب العاطلين عن العمل واستيعاب الخريجين في مشاريع زراعية وصناعية صغيرة وتعميم فكرة التدريب المهني في الحرف والمهن اليدوية الهامة وتمويل مشاريع صغيرة تناسب تخصصاتهم٠
خامسا/ توجيه التمويل المصرفي نحو القطاعات الإنتاجية الهامة وتمويل المشاريع الصغيرة للشباب٠
سادسا/ كسر الاحتكارات من خلال تفعيل قوانين المنافسة الحرة للسيطرة على أسعار السلع التي تشهد ارتفاعات متكررة٠
اجراءات هامة وعاجلة في مجال اعادة توازن الاقتصاد الكلي:
اولا/ العمل على دراسة الميزانيات القادمة بشكل دقيق علي ان يشمل ذلك دراسة توقعات الإيرادات الضريبية بعد الإصلاح الضريبي المنشود (زيادة ضريبة ارباح الشركات ضريبة تصاعدية على الدخل فرض ضريبة علي الثروة والممتلكات) وكذلك الإيرادات غير الضريبية وإيرادات الوحدات الانتاجية والخدمية. التقليل من حدة الضرائب غير مباشرة والتي عادة ما يقع عبئها الفقراء ومحدودي الدخل٠
ثانيا/ التحقق من إمكانية الاستفادة من الأموال المستردة حتى الآن وخاصة النقدية والتي يمكن تحويلها إلى نقدية في مدة وجيزة وكذلك حصر كل المنح والهبات من العملات الحرة٠
ثالثا/ العمل على ترشيد المصروفات بشكل حاد ومدروس وخاصة الصرف الحكومي البذخي على السفر والبعثات والمكاتب والسيارات واستهلاك الوقود٠
رابعا/ تغيير العملة واعادة هيكلة النظام المصرفي والقطاع المالي بشكل عام واستخدام تكنولوجيا المعلومات وتعميم فكرة الشمول المالي٠
خامسا/ جذب مدخرات المغتربين وتحفيزهم في إقامة مشاريع ذات عوائد سريعة لدعم الميزانية (بنك المغتربين) كذلك إقناعهم في دعم الميزانية بودائع دولاريه أو صكوك دولاريه في المدي المتوسط والطويل بأسعار فائدة مغرية٠
سادسا/ تحسين أداء الميزان التجاري بتحفيز قطاع الصادر وتحسين مستوى تنافسية الصادرات وترشيد الاستيراد والتركيز على مدخلات الانتاج والادوية٠
سابعا/ دعم كامل القطاعات الانتاجية وقطاع الصادر٠
ثامنا/ التركيز على ايجاد مصادر جديدة للطاقة (الطاقة الشمسية) وتطوير البنيات الأساسية (بنك البنيات الأساسية).
تاسعا/ تدريب وتأهيل القوي البشرية وتعميم التكنولوجيا والحكومة الالكترونية٠
عاشرا/ دعم القطاع الاجتماعي التعليم والصحة٠
يقترح ان ينفذ هذا البرنامج ويترك دعم السلع الأساسية في الميزانية وان يحرك سعر الصرف قليلا ليكون أقرب إلى سعر التوازن تقريبا٠
الفرضية الأساسية ان يتم تطبيق هذا البرنامج بشكل جاد خاصة في جانب التحكم في الكتلة النقدية وتحسين أداء الميزانية والميزان التجاري وتغيير العملة والتحكم في انتاج الذهب و الاحتفاظ باحتياطي مناسب من الذهب لدى بنك السودان لدعم موقف الجنيه والتحكم في المال العام وسيادة وزارة المالية على شركات الجيش والأمن ووقف التجنيب وإعادة هيكلة النظام المصرفي وازالة التمكين بعد تنفيذ كل ذلك قطعا سيتحسن مجمل الأداء الاقتصادي وخاصة عندما يتم التحكم في مستويات التضخم العالية وبالتالي تحسن مستوى سعر صرف العملة الوطنية٠
د٠محمد محمود الطيب
wsamm56@gmail.com
مارس 2021
References
https://www.alrakoba.net/31515703/%d8%b9%d8%b2%d9%8a%d8%b2%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%b7%d9%86-%d9%84%d8%a7-%d8%aa%d8%b3%d8%aa%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d9%81%d9%87%d8%b0%d9%87-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%b2%d8%a7%d9%86%d9%8a/
https://www.imf.org/en/Publications/CR/Issues/2020/03/10/Sudan-2019-Article-IV-Consultation-Press-Release-Staff-Report-and-Statement-by-the-Executive-49254
https://aercafrica.org/wp-content/uploads/2018/07/RP243.pdf
شارك هذا الموضوع: