ماحدث ليس "تعويما"

محمد محمود الطيب حسن النور - 10-03-2021

ماحدث ليس "تعويما" بل هو تخفيض حاد للجنيه السوداني تنفيذا لروشتة صندوق النقد الدولي!!!
حكومة حمدوك تتحدى الشارع وتتنكر لتحقيق أهداف الثورة!!!!
د٠محمد محمود الطيب

ورد في الانباء الاتي:
"أعلن السودان، الأحد، توحيد وتحرير صرف الجنيه السوداني لوقف المزيد من الانفلات في أسعار الصرف بعد أن فاق سعر الدولار الواحد 400 جنيها في السوق الموازي خلال الفترة الأخيرة قبل أن يتراجع قليلا في اليومين الماضيين. وحدد بنك السودان 375 جنيها سعرا تأشيريا مقارنة مع 55 جنيها السعر الرسمي أي بزيادة 700 بالمئة."انتهي

وخبر اخر في نفس السياق
" البيان أن رأي الحكومة الانتقالية استقر على تبني إجراءات تستهدف إصلاح نظام الصرف وتوحيده، وذلك عبر انتهاج ما يعرف بـ"نظام سعر الصرف المرن المدار٠
ويقول البيان إن الهدف من هذه الإصلاحات هو توحيد واستقرار سعر الصرف، إضافة إلى تحويل الموارد من السوق الموازية إلى السوق الرسمية٠ ويراهن القرار أيضا على استقطاب تحويلات السودانيين العاملين في الخارج عبر القنوات الرسمية، واستقطاب تدفقات الاستثمار الأجنبي. ويقول المركزي السوداني إنه يراهن على تطبيع العلاقة مع مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية، فضلا عن الحد من تهريب السلع والعملات وقطع الطريق على المضاربين" انتهي

هذه هي الاسباب المعلنة والتي يتشكك الكثير من الاقتصاديين في امكانية تحقيقها بمجرد قرار فوقي غير مدروس فلايمكن جذب تحويلات المغتربين بمجرد تحرير سعر الصرف فيجب إقامة نظام حوافز متكامل بعد دراسة جادة ومتخصصة تستند علي معلومات دقيقة عن المغتربين ورغباتهم وتطلعاتهم وإمكانياتهم وحالتهم الاجتماعية والاقتصادية وبناء علي خلاصة هذه الدراسات يتم إعداد نظام حوافز متكامل يهدف لجذب تحويلات ومدخرات المغتربين٠
تم تجاهل قطاع الصادر تماما في هذا القرار فيحب دراسة قطاع الصادر بشكل تفصيلي ومعرفة إمكانيات السودان التصديرية والأسواق وإمكانية المنافسة وازالة كل العوائق المتعلقة بالانتاج والتسويق والبنيات الاساسية والطاقة والترحيل وغيرها من الأساسيات المتعلقة بالقطاع الزراعي والصناعي٠

وخبر اخر يشرح الاهداف
"وأكدت الحكومة أن للقرار فوائد كبيرة، حيث يساعد في جلب المنح والاستثمارات الأجنبية ويساعد في إعفاء ديون البلاد الخارجية المقدرة بنحو 70 مليار دولار.
وردا على المخاوف المتعلقة بالتداعيات السلبية للقرار، أوضحت الحكومة أن البنك المركزي يمتلك احتياطيات كافية من النقد الأجنبي للتدخل متى ما دعت الضرورة.
كما أشارت إلى عدة إجراءات من بينها فرض ضرائب عالية على استيراد السلع الكمالية ووضع قوانين جديدة للتجارة والاستثمار وتسهيلات للمصدرين، وإنشاء بورصة للذهب والسلع الاستراتيجية للحد من التهريب
كما تشمل الإجراءات دعم الأسر الفقيرة بمبلغ شهري لتخفيف وطأة القرار عليها ودعم المزارعين والمنتجين والمصدرين وتوفير السلع الضرورية للمواطن عن طريق برنامج سلعتي بأسعار غير مرهقة للمواطن." انتهي

وهنا نري الاستخفاف بعقول السودانين جليا فجذب الاستثمار يتطلب الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني مع توفر البنيات الاساسية وخاصة الطاقة والنقل وجودة قوانين الاستثمار وكذلك استقرار المؤشرات الاقتصادية الهامة للمستثمر مثل مستويات التضخم وسعر الصرف٠
اما إلغاء او تخفيف حدة الديون فلن يتم بمجرد تحرير سعر الصرف فهي عملية معقدة تحتاج الي جهود سياسية ودبلوماسية ضخمة تستغرق عدة سنوات وفق شروط معينة٠

البدوي وشروط التعويم
"في حين يؤكد وزير المالية السابق إبراهيم البدوي أن نظام سعر الصرف "المعوَم" هو أفضل خيارٍ متاحٍ لإعادة التوازن للعملة الوطنية وتقليص العجز الهيكلي في الحساب الجاري وتوحيد سعر الصرف والقضاء على السوق الموازي، إلا أنه ينبه إلى أن التعويم يحمل مخاطر السقوط الحر لسعر الصرف والتضخم الانفجاري إذا لم يتم دعمه باستيفاء شرطين أساسيين أولهما منع تمويل المصروفات وعجز الموازنة بصورة عامة عن طريق الاستدانة من البنك المركزي بصورة عشوائية وغير مبرمجة، وهذا يتطلب تقليص عجز الموازنة إلى أقصى حد وكذلك توفير قنوات تمويلية غير تضخمية لإدارة السيولةً.
أما الشرط الثاني فيتمثل في ضرورة تحول الدولة إلى بائع صافٍ للنقد الأجنبي لتمويل واردات السلع الاستراتيجية بواسطة القطاع الخاص.
ووفقا للبدوي فإن الخيار الوحيد المتاح هو تعويم سعر الصرف لتصفية السوق الموازي وتحريك “سعر الصرف الحقيقي” لإنعاش الصادرات وإحلال الواردات لجسر هوة تقدر بحوالي 5 مليار دولاراً يتم تمويلها حالياً من السوق الموازي"انتهي

قام البدوي بتهنئة الحكومة علي لقرار علي اساس انه "التعويم" ووصفه بالخطوة الجريئة وانها جاءت متاخرة٠ البدوي دائما يستخدم مثال الجراحة لأستئصال "ورم سرطاني" يدعي ابراهيم البدوي عراب سياسة التحريرالنسخة الثانية بعد عبدالرحيم حمدي صاحب فكرة سياسة التحرير النسخة الأصلية. ويغيب علي فهم البدوي وغيره من دعاة نظرية الجراحة "الاستئصالية" انه في العادة يسبق اجراء اي جراحة التأكد من نسبة النجاح اولا واجراء فحص شامل للحالة العامة لصحة المريض ودرجة تحمله للعملية كذلك نسبة هيمقولبين الدم وكرياته البيضاء وفحص السكر وضغط الدم ومراجعة تامة لحالة المريض الان وتاريخه المرضي ثم بعد ذلك يقرراجراء العملية فورا اوتأجيلها الي ان تتحسن صحة المريض وربما الغائها كليا حفاظا علي حياة المريض!!!
والبدوي الان يضع شروطا لنجاح سياسة توحيد سعر الصرف ولَم يقم بعمل اَي شي تجاه هذه الشروط وعندما طالبت اللجنة الاقتصادية لقوي الحرية والتغيير بضرورة تنفيد نفس هذه الشروط قبل تطبيق رفع الدعم عن السلع الاساسية وتحرير سعر الصرف تم تجاهل هده المطالَب من السيد وزير المالية ووصف اللجنة الاقتصادية بأنها تحمل أفكار"بالية" ومدفوعة بالايدولوجية وان برنامجهم مجرد عموميات وتنظير٠
يدعي البدوي الإنجاز وان التعويم فكرته وهو من اقترحها عندما كان وزيرا للمالية وفِي نفس الوقت يحاول التنصل من الفشل المتوقع لذلك يضع شروطا لتحقيق نجاح سياسة التعويم لياتي ويقول عندما تفشل هذه السياسة الكارثيه ان الحكومة لم تقم بتنفيذ شروط نجاح هذه السياسة!!!
البدوي هو المسؤول الاول عن كل الفشل الماثل أمامنا الان سياسته الغبيه في زيادة المرتبات قرابة 600% دون التأكد من وجود موارد حقيقية وفِي النهايه تم تمويلها بطباعة العملة وادي ذلك الي ارتفاع جنوني في معدلات التضخم مازال الكل يعاني من اثاره حتي الان٠
كذلك سياسته في تمكين الرأسمال الطفيلي من الاقتصاد السوداني شركة "الفاخر" مثالا وهو المسؤول الاول عن رفع الدعم وينادي بالمزيد من رفع الدعم والآن يستهدف رفع الدعم عن الخبز والغاز دون الوفاء بالتزامات الدعم النقدي المباشر اَي تم رفع الدعم دون توفير البديل في عملية خداع رخيصة٠
والبدوي رفض ازالة التمكين في وزارة المالية والادارات التابعة لها وقال قولته الشهيرة "مابقطع رزق زول" اكثر من ذلك قام بتعين الكيزان في مناصب هامة في وزارة المالية وديوان الضرائب .
امثال البدوي في الأنظمة الديمقراطية الحقة والتي تتمتع بالشفافية العالية يقدم للمحاكمة العادلة ويتم التحفيق معه حول كل هذه التجاوزات خاصة تورطته في قضية شركة الفاخر٠

رأي الخبير الاقتصادي د. التجاني الطيب في القرار
جاء في مقاله والذي نشر في الراكوبة
"من ناحية التوقيت للأسف يأتي القرار في ظروف استثنائية يعاني فيها الاقتصاد والناس من مستويات قياسية لسعر الصرف في السوق الموازي (أكثر من 350 جنيه/للدولار)، ومعدلات تضخم لم يشهد السودان لها مثيلا (304% يناير – فبراير 2021)، ما يعني أن القرار سيؤدي إلى مزيد من تأزيم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
لم يسبق تنفيذ السياسة الجديدة أي إجراءات احترازية مثل مسح سوق العملة داخليًا وخارجيًا لمعرفة الجهات المسيطرة عليه وكيفية التعامل معها بالتالي، فالسياسة ولدت شبه “لقيطة”، سيحاول السوق الموازي إفشالها في مهدها.
لا تعويم ولا توحيد: في واقع الأمر الإجراء ليس تعويمًا أو توحيدًا للعملة الوطنية، بل هو مجرد سعر صرف جديد لمنافسة السوق الموازي على المتاح من موارد النقد الأجنبي خارج القنوات الرسمية. فالتعويم يتطلب أولًا توحيد أسعار الصرف المتعددة الموجودة حاليًا بما فيها سعر صرف السوق الموازي، وهذا لم يحدث، ما يعني أن الحكومة ما زالت بعيدة عن إرضاء صندوق النقد الدولي الذي لا تسمح لوائحه بتعدد أسعار الصرف."انتهي

وهنا يؤكد د٠ التيجاني الطيب ان ماحدث ليس كافيا حتي لإرضاء الصندوق اضافة لأوجه القصور الكبيرة في هذه السياسة الغير مدروسة تماما!!

يتضح جليا من كل ماسبق ذكره أعلاه ان الحكومة قد قررت المضي قدما في تطبيق اهم بند من بنود الاتفاق مع صندوق النقد والقاضي بضرورة التخلص من تعدد اسعار الصرف والقضاء علي السوق الموازي وبذلك تكون الحكومة قد قامت بتنفيذ كامل الروشتة دون أدني شك ولَم يتبقي سوي القليل٠وتم ذلك دون اشراك احد ورغم انف وارادة الشعب السوداني
صاحب الكلمة والقرار٠
والاهداف المعلنة كما جاء في بيان بنك السودان هي "توحيد واستقرار سعر الصرف، إضافة إلى تحويل الموارد من السوق الموازية إلى السوق الرسمية٠ ويراهن القرار أيضا على استقطاب تحويلات السودانيين العاملين في الخارج عبر القنوات الرسمية، واستقطاب تدفقات الاستثمار الأجنبي"
والغريب ان تتجاهل الحكومة اهم هدف الاوهو تحفيز قطاع الصادر مما يؤكد عدم اهتمام هذه الحكومة بقطاع الانتاج وتجذر العقلية الطفيلية المدمنة للاستهلاك عن طريق الاستيراد علي ان يتم تمويل ذلك من تحويلات المغتربين والمنح والقروض٠
ولكن هناك أهداف غير معلنة الاوهي الاستعداد للمقابلة المتوقعة من قبل خبراء الصندوق في شهر مارس الجاري لمراجعة اداء برنامج مراقبة الصندوق فالهدف ارسال إشارة للصندوق ان السودان قد التزم تماما بتنفيذ كامل الروشتة لاسيما معالجة موضوع تعدد اسعار الصرف والقضاء علي السوق الموازي لدلك نجد ان القرار اعلن علي أساس انه توحيدا لسعر الصرف٠
ومن ناحية اخري أعلنت الحكومة انها ستقوم ببعض الإجراءات لتساعد في نجاح السياسة بينها فرض ضرائب عالية على استيراد السلع الكمالية ووضع قوانين جديدة للتجارة والاستثمار وتسهيلات للمصدرين، وإنشاء بورصة للذهب والسلع الاستراتيجية للحد من التهريب
كما تشمل الإجراءات دعم الأسر الفقيرة بمبلغ شهري لتخفيف وطأة القرار عليها ودعم المزارعين والمنتجين والمصدرين وتوفير السلع الضرورية للمواطن عن طريق برنامج سلعتي بأسعار غير مرهقة للمواطن.
وكان من الواجب ان تكون هذه الأجراءات قد تمت قبل اعلان القرار وليس بعد صدوره٠
ومن اجل تخفيف وقع حدة القرار علي المواطن وعدت الحكومة بتقديم بعض البرامج للدعم الاجتماعي تتمثل في برنامج ثمرات وهو عبارة عن حزمة من المساعدات النقدية المباشرة تبلغ الخمس دولارات للفرد اَي مايعادل ثلاثين دولار لأسرة مكونة من ست أفراد في الشهر وواجه هذا البرنامج عدة انتقادات من حيث عدم واقعيته في مواجهة حجم الضائقة المعيشية وسط معدلات تضخم تجاورت ال300% قبل قرار توحيد سعر الصرف ويتوقع ان تصل الي ارقام فلكيه بعده وايضاً هناك شكوك في التمكن لوصول البرنامج لكل مواطن في كل بقاع السودان وايضاً يواجه البرنامج التكلفة العالية لإدارته وتنفيذه٠

الخدعة والتضليل في المسميات
هناك ضجة وتشويش في الإعلان عن السياسة واختلاف الناس حول المسميات مابين تعويم وتحرير وتوحيد ومرن مدار وفي رأيي الشخصي ان ذلك تم عن قصد للأسباب الآتية:

النظرية الاولي
تم اعلان التعويم والتراجع عنه سريعا ربما بعد استشارة ما بخطورة القرار وضرورة التراجع عنه لعدم الاستعداد تصريح ود البشري نائب محافظ بنك السودان٠ يؤكد ذلك
"كشف نائب محافظ بنك السودان المركزي، محمد أحمد البشرى، عن عدم تعويم الجنيه السوداني، مبينًا أنّ القرار الذي اتّخذته الحكومة لا يعني تعويمًا كاملاً، إنّما سياسة سعر صرف "مدار غير مرنٍ"٠
وقال البشرى في ندوة الغرفة التجارية إنّ التعويم خيار لكنّ ظروف البلاد الراهنة تصعّب من اللجوء إلى التعويم الكامل لأنّ الاقتصاد يعاني من اختلالات هيكلية كبيرةٍ تقف في طريق المنتج والمصدر.
وأشار إلى أنّ التحرير الكامل أثّره سيكون على الصادرات سلبيًا.
وأردف”التعويم الكامل ممكن يكون خيار لكنّ لابدّ أنّ تتوّفر له المعطيات اللازمة".انتهي

النظرية الثانية
الإعلان بشكل تضليلي عن "توحيد" سعر الصرف وهذا يعني ضمنيا التعويم لان السبيل الوحيد لتوحيد سعر الصرف والقضاء علي السوق الموازي بخطوة واحدة لن يتم سوي عن طريق التعويم تصريح وزير المالية يؤكد ذلك!!
والهدف من ذلك توجيه رسالة للعالم ولمؤسسات التمويل الدولية انهم جادون في توحيد سعر الصرف والقضاء علي السوق الموازي
وصحت البلفة مؤقتا بدليل تهنئة المؤسسات الدولية والسفارات لهذا القرار٠
توحيد سعر الصرف هدفا يمكن تحقيقه بصورة مباشرة عن طريق التعويم او التحرير او بطريقة غير مباشرة عن طريق نظام سعر الصرف المرن المدار
ماحدث ليس "تعويما" وليس تحريرا أو توحيدا بل ليس مرنا مدارًا كما ادعت الحكومة موخرا!!!
ليس تعويما لان "التعويم" يعني عدم تدخل البنك المركزي نهائيا وترك الامر لقوي السوق وفي المعلن عنه نجد تدخل واضح للبنك المركزي وهناك سعرا معلنا وهامش حركة وهامش ربح إذن انه لا يستوف شروط التعويم وكذلك ليس "تحريرا" لان التحرير الكامل يعني التعويم٠
وليس "توحيدا" لسعر الصرف لان النظام المعلن استثني الدولار الجمركي وهذا يعني وجود اكثر من سعر كذلك وضع سقفا لحصول الجمهورعلي الدولار في حدود الألف دولار وهدا يعني عمليا ازدياد نشاط السوق الأسود مستقبلا٠
وليس "مرنا مدارًا " لان البنك المركزي ليس له احتياطيات من العملات الحرة أصلا " ليدير" سعر الصرف ويسوّقه في الاتجاه المطلوب حسب أهداف السياسة٠
الهدف الاساسي "توحيد" سعر الصرف والقضاء علي تعدد الاسعار والقضاء علي السوق الموازي٠"التعويم" و"التحرير" و "المرن المدار" كلها وسائل لتحقيق نفس الهدف مع وجود الاختلاف في درجة "مرونتها" وسرعتها للوصول للهدف٠

إذن ماذا نسمي ماحدث!!
انه تخفيض حاد لسعر صرف الجنيه من 55 جنيه للدولار الي 375 اَي بنسبة تقارب ال600% وهذا يعني فقدان الجنيه لأكثر من 80% من قيمته قبل التخفيض!!

ما الهدف إذن ؟؟؟

الهدف الأساسي إرسال إشارات إيجابية لمؤسسات التمويل الدولية والمجتمع الدولي عامة ولصندوق النقد بصفة خاصة انهم ملتزمين بتنفيذ كامل الروشتة وآخرها توحيد سعر الصرف ولو علي أنقاض الشعب السوداني٠

هل تنجح هذه السياسة؟؟
قد تنجح مؤقتا في تحقيق الهدف الأساسي وهو التأكيد للصندوق عند الزيارة المرتقبة لمراجعة برانامج مراقبة الصندوق في هذا الشهر انهم جادون في توحيد سعر الصرف ومحاولة القضاء علي تعدد أسعار الصرف والسوق الموازي٠
ولكن لن تنجح في تحقيق الأهداف المعلنة الآخري مثل جذب تحويلات المغتربين وجذب الاستثمار وكذلك تحفيز الصادرات لان معظم هذه الأشياء تحتاج الي سياسات مسبقة يجب ان توضع في الاعتبار قبل التنفيذ مثلا وجود قدر من الاحتياطي من العملات الأجنبية وايضا إصلاحات أساسية في القطاع المالي والمصرفي ومحاربة الفساد وازالة التمكين
واجراءات بعد تنفيذ السياسة لإمتصاص أثأرها الجانبية علي المواطنين مثل إقامة شبكة قوية للضمان الإجتماعي وكل ذلك لم يحدث بكل أسف حتي الان٠
عند زيارة وفد الصند وق سيشيد بالقرار ويعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح ويطالب بالمزيد من الاصلاحات وربما "التعويم" الكامل قبل نهاية العام٠
لا اتوقع اي تقدم في مبادرة الهيببك او وصول السودان مرحلة القراروايضا لا اتوقع حصول السودان علي اي تدفقات مالية او قروض في الوقت الراهن من الصندوق٠

مايترتب علي سياسة سعر الصرف من اثار سياسية اقتصادية واجتماعية:

كانت الحكومة تقوم بطباعة العملة وتشتري الذهب عن طريق البنك المركزي علي الرغم من ما تسبب هذه السياسة من أثار تضخمية في المدي القصير لكن علي الاقل ستتمكن الحكومة من امتلاك الذهب وتصديره لصالح الاقتصاد الوطني٠
جاء البدوي وقام بإلغاء ذلك بحجة رفض تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وترك الامر لقوي السوق والقطاع الخاص الطفيلي وبذلك مكن البدوي القطاع الخاص الطفيلي من إحتكار أهم قطاع اقتصادي واهم مصدر للعملات الحرة٠
والآن يتم انتاج الذهب وبيعه وتصديره للخارج بواسطة القطاع الخاص الطفيلي مما يعني هروب عوائد صادر الذهب للخارج لتمويل عمليات الاستيراد وفق اسعار السوق الموازي مما يفاقم من حدة التضخم
الان ستقوم الحكومة بطباعة العملة وشراء الدولار بدلا من شراء الذهب والذي ترك امره للقطاع الخاص ستقوم بشراء الدولار من السوق الموازي لتمويل مستلزماتها مما يفاقم حدة التضخم ويؤدي الي المزيد من تدهور قيمة الجنيه بشكل يومي٠

يمكن تلخيص الاثار الاقتصادية والاجتماعية لقرار سعر الصرف في الاتي:
اولا/ ارتفاع جنوني في اسعار العملات الأجنبية "تدهور متسارع لقيمة العملة الوطنية" وعجز البنك المركزي من التدخل لعدم توفر الاحتياطي مع عدم استجابة مصادر النقد الأجنبي للتعويم للاسباب سالفة الذكر٠
ثانيا/ ارتفاع جنوني في اسعار كل السلع والخدمات وبلوغ مستوي التضخم الي حدود التضخم الجامح وهو تسارع مستويات التضخم وتجاوزه نسبة ال 50% شهريا٠
ثالثا/ يصاحب هذا التضخم الجامح حالة من الانكماش في النشاط الاقتصادي لقلة الطلب وارتفاع التكلفة بسبب ارتفاع اسعار مدخلات الانتاج المستوردة يؤدي ذلك الي خروج الكثير من الشركات من المنافسة وإعلان الافلاس٠
رابعا/ يؤدي كل ذلك الي تفاقم حدة المعاناة للمواطن والذي يعاني اصلا من الفقر والجوع والمرض والفاقة والعجز والعطالة وسترتفع معدلات الفقر لتشمل كل قطاعات الشعب السوداني ماعدا طبقة الطفيلية المتأسلمة المتمكنة من الاقتصاد اضافة للطبقة الجديدة والتي تتشكل الان وتعمل من اجل المحافظة علي مصالح النظام البائد مقابل المشاركة في اقتسام الغنائم علي حساب الشعب السوداني٠
خامسا/ سياسيا سيتزايد السخط العام ويتشكل في اتجاه الثورة العارمة وخاصة عندما يصبح المواطن لايبالي في الخروج والموت من اجل إسقاط النظام وتغييره للافضل بدلا من الموت جوعا في بيته ووسط أبنائه وأسرته والتي لايستطيع توفير ابسط مقومات الحياة لهم في ظل هذا النظام العميل والمتآمرعلي الشعب السوداني٠

ادعاءات عدم وجود برنامج بديل جاهز!!
هناك من يدعون انه لايوجد برنامج بديل حاهز لبرنامج الحكومة والبعض منهم يصفون البرامج البديلة التي قدمت بأنها مجرد "تتظير" و"عموميات" كما صرحت بذلك هبة محمد علي وزيرة المالية السابقة ومضي في نفس الاتجاه وزيرالمالية السابق ابراهيم البدوي حتي رئيس الوزراء حمدوك صرح من قبل انه لم يتسلم اي برنامج من قوي الحريه والتغيير رغم استلامه للبرنامج منذ أكتوبر 2019 وكلها مجرد ادعاءات مغلوطة وتتنافي مع الحقيقة فهناك الكثير من البرامج البديلة والعملية والجاهزة للتنفيذ وربما تاتي أكلها في خلال شهور اذا توفرت الإرادة السياسية والرغبة في التغيير الحقيقي والذي يهدف الي تحقيق أهداف الثورة ومطالب الجماهير٠فاللجنة الاقتصادية لقوي الحرية قدمت برنامج شامل كامل وكذلك أنبري معظم الاقتصاديين الوطنيين بتقديم برامج جيدة وشاملة وكل ذلك لم يجد سوي التجاهل والطناش من قبل حكومة حمدوك٠
والغريب في الامر الان نجد ان الحكومة وفِي برنامجها المزمع تطبيقة للمساعدة في تنفيذ سياسة سعر الصرف بني علي بنود برنامج اللجنة الاقتصادية ٠ مع تجاهل مطالب أساسية في برنامج اللجنة الاقتصادية مثل تغيير العملة وازالة التمكين واستعادة سيطرة وزارة المالية علي شركات الجيش والأمن واستعادة الشركات العامة مثل ومؤسسة الأقطان وشركة الصمغ ومؤسسة اللحوم وشركة الحبوب الزيتية وغيرها من شركات القطاع العام والتي جرت خصصتها من قبل دولة التمكين٠
ومن المعروف ان حكومة حمدوك تتبني الحلول الخارجية تفاديا للحلول الداخلية والمواجهة مع العسكر ودولة التمكين الطفيلية وعقدت العزم علي التعايش والتناغم معها عبر سياسة الهبوط الناعم الغير معلنة٠
لم يتم الإشارة الي مقررات المؤتمرالإقتصادي ولا برنامج اللجنة الإقتصادية للحرية والتغيير رغم معظم البنود التي تتبناها الحكومة الان والمذكورة اعلاه لدعم سياسة تحريرسعرالصرف هي من صميم برنامج اللجنة الاقتصادية ومقررات المؤتمر الاقتصادي ومنها إقامة بورصة للذهبً دعم قطاع الصادر ودعم المزارعين والمنتجين وفرض جمارك عالية علي السلع الكمالية وإجراء أعادة هيكلة تامة للقطاع المصرفي وبنك السودان ومحاربة الفساد٠

افتراءات وادعاءات تضللية في القرار!!!

فريه توحيد سعر الصرف وسيادة سعر صرف موحد والقضاء علي السوق الأسود٠
لن يحدث وسيكون هناك عدة اسعار صرف في البنوك المختلفة كما يحدث الان ويتغيير هذا السعر علي مدار الساعة٠
فريه الارتفاع المفاجئ لسعر الصرف مباشرة بعد اعلان سياسة التعويم وتراجعه بعد ذلك٠
لن يحدث لعدم وجود احتياطيات نقد اجنبي وسيستمر الارتفاع في المدي القصيروالمتوسط والطويل لعدم التمكن من جذب الاستثمار وتحويلات المغتربين وعدم وجود احتياطي٠
فرية تحويل كل المعاملات من السوق الموازي الي القطاع الرسمي لن يحدث بل علي العكس ماسيحدث تقنين التعامل مع السوق الأسود٠
فريه ان ماحدث هو نظام الصرف المرن المدار وانه ليس تعويم لان الحكومة ستتدخل في الوقت المناسب٠
انه ليس تعويم لان البنك المركزي يتدخل كما صرح بذلك محافظ بنك السودان وليس مرن مدار لأن المركزي لن يستطيع ان بتدخل حتي اذا أراد لعدم وجود احتياطيات من العملة الحرة وحتي اذا تدخل بعد الحصول علي ودائع دولارية سيكون ذلك مؤقتا وذو تأثير محدود وفِي المدي الطويل سيسود سعر السوق الموازي٠
فرية البنوك التجارية تستطيع ان تقصي علي السوق الأسود
لن تستطيع ولن يحدث لان البنوك التجارية ضعيفة في رأس المال وتعاني من نقص حاد في العملة الأجنبية والمحلية ولاتستطيع جذب تحويلات المغتربين فكيف لها ان تستطيع منافسة السوق الموازي؟؟؟

الهدف من هذه السياسة خروج الحكومة تماما من مجمل النشاط الاقتصادي وخاصة في قطاع التجارة الخارجية وتركه للقطاع الخاص الطفيلي تنفيذا لروشتة صندوق النقد الدولي٠

الداعمون لهذه السياسة تجدهم من اعداء الشعب من الارزقية والطفيليين والكيزان مثل اتحاد الغرف التجارية الداعم للكيزان باستمرار والمتآمر ضد الشعب السوداني بإستمرار وهم عبارة عن مجموعة من الطفيليات ومصاصي دماء الغلابة٠

لن ينجح قرار الحكومة بتوحيد سعر الصرف لهذه الأسباب !!!

اولا/ عدم توفر الاحتياطيات المطلوبة من العملات الأجنبية ليتمكن البنك المركزي في التدخل في الوقت المناسب لتوجيه سعر الصرف نحو الهدف المنشود رغم ادعاء وزير المالية بتوفر احتياطيات كافيه كل ذلك دعاية من اجل الكسب السياسي ودعم القرار٠
ثانيا/ عدم الثقة التامة في النظام المصرفي وذلك لعدم ازالة التمكين وسيطرة عناصر الطفيلية المتأسلمة الفاسدة علي جميع البنوك حتي الان ويشمل ذلك بنك السودان٠
ثالثا/ تم تتجاهل تام لقطاع الصادر مما يعكس العقلية الطفيلية للنظام واتجاهها للاعتماد علي الاستيراد وتمويله من تحويلات المغتربين والتي لن تكفي لتغطيه فاتورة الواردات٠
رابعا/ المراهنة علي التدفقات المالية من الخارج لتغطية العجز في الميزان التجاري واكدت تجربة العام الماضي فشل هذا الاتجاه وصعوبة التكهن بمصير هذه التدفقات وفِي معظم الأحيان تظل مجرد وعود لايمكن المراهنة عليها٠
خامسا/ سيعاود السوق الموازي نشاطه في أسرع فرصة طالما ان هناك عجز مزمن في الميزان التجاري وطالما هناك طلبا متزايدا علي العملة الحرة خاصة بعد ان حددت هذه السياسة سقفا اعلي للحصول علي العملات الحرة لايتجاوز الألف دولار للعلاج بالخارج٠
سادسا/ ضعف النظام المصرفي من نواحي مالية وإدارية وفنية للإستجابة للتحويلات المتوقعة والتلبية الفورية لطلبات الجمهور من العملة الحرة او حتي الوطنية اذا تعاني معظم البنوك السودانية من عدم كفاية رأس المال وضعف القدرة الائتمانية٠
سابعا/ عدم الوفاء بإقامة شبكة الضمان الاجتماعي للمساعدة في تخفيف حدة القرار وآثاره الاقتصادية والاجتماعية ومعظم البرامج المقترحة مجرد ترويج إعلامي وربما تاخد شهورا لتصل لكل المواطنين في كافة بقاع السودان وحينها سيقضي التضخم علي معظم قيمتها الفعلية وقوتها الشرائية٠
ثامنا/ سيعمق القرار من ازمة الثقة في هذه الحكومة وذلك لصدور معظم القرارات بطريقة فوقيه لايعلم المواطن بتفاصيلها الا بعد ان تطبق وتصبح أمرا واقعا يجب التعامل معه وهذا يتنافي مع ابسط قواعد الديمقراطية وأسس الشفافيه٠
تاسعا/ للقرار اثار تضخمية وانكماشية خطيرة وسيفاقم من اثار الازمة الاقتصادية علي المواطن ويؤدي ذلك الي تزايد السخط علي النظام والمواجهة الحتمية والمطالبة بسقوط النظام٠
عاشرا/ لن يؤدي هذا القرار الي اَي تغيير إيجابي حقيقي في الوضع الاقتصادي والسياسي وهو مجرد زوبعة في فنجان وضجة إعلامية ومحاولة من الحكومة للهروب للأمام وتفادي مواجهة المشاكل الحقيقية والازمة العميقة التي تواجه البلاد٠
المستفيد الوحيد من هذا القرار شبكة من الطفيليين من فلول النظام المتأسلم وهم الان من يروحون لهذا القرار وهم في قمة السعادة فهم من يسيطرون علي قطاع التجارة الخارجية والبنوك وحتي تجارة العملة داخل وخارج البلاد فهي فرصة تاريخية للحصول علي شرعية أنشطتهنم المشبوهه وغسيل اموالهم عبر القنوات الرسمية٠

د٠محمد محمود الطيب
مارس 2021
wesamm56@gmail.com

References
https://www.skynewsarabia.com/business/1416676-بنك-السودان-المركزي-يشرح-أسباب-تعويم-الجنيه
https://www.alrakoba.net/31531624/ما-تأثير-تعويم-الجنيه-على-الاقتصاد-الس-2/
https://www.alrakoba.net/31531832/ماذا-قال-الخبير-الاقتصادي-د-التجاني-ال/
https://khbralsudan.com/2021/02/23/مسؤول-بالبنك-المركزي-لم-يتمّ-تعويم-الج/



الكاتب: محمد محمود الطيب حسن النور

من مواليد مدينة أمدرمان حاصل علي بكالوريوس الاقتصاد جامعة الخرطوم دبلوم عالي العلاقات الدولبة جامعة الخرطوم دبلوم عالي في التخطيط الاقتصادي مركز الدراسات الانمائية والبحوث الاقتصادية جامعة الخرطوم عمل في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي لمدة عامين ثم اعتقل في بيوت الاشباح بواسطة جهاز أمن نظام البشير هاجر هجرة قسرية الي الولايات المتحدة طالبا اللجوء السياسي واستقر في منطقة واشنطون العاصمة حاصل علي ماجستير الاقتصاد الإقليمي والإدارة العامة من جامعة جورج ميسون فيرجينيا حاصل علي ماجستير علوم الكمبيوتر ونظم المعلومات تخصص اوراكل من جامعة ميريلاند حاصل علي ماجستير إدارة الاعمال MBA Finance من جامعة ستراير حاصل علي الدكتوراه في الاقتصاد تخصص اقتصاد دولي واقتصاديات التنمية من جامعة هوارد بواشنطن دي سي عمل أستاذا للاقتصاد في جامعة ستراير وكلية برنس جورج وكلية هوارد الجامعية له عدة بحوث ومقالات في السياسة والاقتصاد نشرت في العديد من وسائل التواصل الاجتماعي