مازالت هذه الحكومة المعزولة عن الشارع وبعيدة عن روح وأهداف الثورة مازالت سادرة في غيها في إصرار عنيد على الاستمرار في نهج النظام المباد واتباع خطواته "وقع الحافر على الحافر" وتقع في ذات الأخطاء "وبضبانتها كمان"
والاغرب في الامر والمفارقة العجيبة التجاهل التام من قبل هذه الحكومة لكل الأصوات المعارضة والمنتقدة لسياساتها الخاطئة سواء ان كانت هذه الأصوات تعبرعن الشارع صانع الثورة الحقيقي او اعتراض من قبل لجنة قحت الاقتصادية او خبراء اقتصاديين وأكاديميين٠
وفي سابقة جديدة تضرب هذه الحكومة بعرض الحائط كل أساسيات الحكم الديمقراطي المدني السليم المبني على الشفافية والمراقبة والاستجابة لرأي الشعب صاحب الإرادة والقرار٠
والغريب في الأمر أيضا نجد ان أعتى الديكتاتوريات ويشمل ذلك النظام البائد تتوخى الحيطة والحذر عند الشروع في تنفيذ اَي بند من بنود روشتة الصندوق وتتحسب لأستجابة الشارع لذلك وتكون على استعداد للتراجع إذا اقتضى الأمر في حالة ازدياد السخط العام ضد تلك الإجراءات القاسية على معيشة المواطن كرفع الدعم عن السلع الأساسية أو تحرير سعر الصرف خوفا من تفاقم الأمر وبالتالي سقوط الحكومة كما حدث في الكثير من الدول٠
ولكن نجد علي العكس تماما قامت هذه الحكومة وبكل عناد وعنجهية بتنفيذ كامل روشتة الصندوق ماعدا التحرير الكامل لسعر الصرف او التعويم في فترة قياسية اقل من ستة أشهر وسط دهشة الجميع وخاصة صندوق النقد والذي علق علي ذلك في تقريره الاخير محذرا من مغبة التعجل في تنفيذ هذه الاجراءات لهشاشة الوضع السياسي في البلاد٠
فميزانية العام 2021 "المطبوخة" الهدف منها إرسال الإشارات التالية لإدارة صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي:
اولا/ التأكيد علي سير الحكومة في الخط العام للصندوق والالتزام بتنفيذ كافة البنود المتفق عليها وفق الخط العام للصندوق٠
ثانيا/ الإشارة إلى إنهم ملتزمون بالجدول الزمني المتفق عليه وفق برنامج مراقبة الصندوق في كل البنود حسب الجدول الزمني٠
ثالثا/ الالتزام بتنفيذ الأهداف الكمية المتفق عليها مع الصندوق
"Quantitative Targets"
ويشمل ذلك نسبة النمو المقترح ونسبة عجز الموازنة لإجمالي الناتج القومي ومستويات التضخم والبطالة حجم الكتلة النقدية و سقف الاستدانة من البنك المركزي وكذلك نسبة التحصيل الضريبي وسعر الدولار الجمركي ومقدار تخفيض سعر الصرف والمدي الزمني للتمكن من تطبيق التحرير الكامل لسعر الصرف٠
رابعا/ توضيح موقف الإصلاحات المؤسسية المطلوبة في اعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي بِمَا يتماشى مع سياسات الصندوق وتحرير القطاع المالي وحركة رؤوس الأموال وكذلك قوانين الاستثمار وحرية التجارة الدولية وإعادة هيكلة قطاع الضرائب والتحصيل الضريبي والجمركي٠
خامسا/ تأكيد التزامهم بضبط الإنفاق العام وتقليل الصرف علي دعم السلع الاساسية والقطاعات غير المنتجة حسب تصنيف الصندوق لهذه القطاعات٠
سادسا/ الإشارة الاسمية للصندوق بالتزام الحكومة على الصرف على قطاع التعليم والصحة والتأكيد على التزامهم بتوفير شبكة الأمان الاجتماعي وهو شرط من شروط الصندوق أصبح الصندوق يهتم به في السنوات الاخيرة بعد ان تعرض لانتقادات من قسوة إجراءات الصندوق التقشفية على الطبقات الفقيرة في غياب شبكة الأمان الاجتماعي
"Social Safety Net"
سابعا/ رغم عدم الشفافية في اجازة هذه الميزانية وعدم عرضها لنقاش مستفيض تحاول هذه الحكومة زورا وبهتانا وفِي حملة دعاية إعلامية مريضة الإشارة ان هذه الميزانية تمت بمشاركة شعبية شاملة ضمت وزارة المالية والوزارات المتخصصة واللجنة الاقتصادية لقوى الحرية ولجان المقاومة وخبراء اقتصاديين واكاديميون وممثلي القطاع الخاص والغرف التجارية كما تشير إلى أنها قد التزمت بمقررات المؤتمر الاقتصادي والبرنامج الاقتصادي لقوي الحرية والتغيير وفي ذلك تزوير للإرادة واسع النطاق من حكومة يفترض أنها جاءت لتعبر عن إرادة جماهير الثورة٠والهدف من كل ذلك إعطاء إشارة للصندوق ان هناك التفاف وسند جماهيري كبير لبرنامج الحكومة دون أدني اعتراض من الشارع٠
ثامنا/ الاشارة الى جدية الحكومة في معالجة قضية الديون وفق برنامج "الهيبك" والالتزام بتسديد متأخرات السودان علي الصندوق والبنك الدولي خاصة بعد الحصول علي القرض الامريكي٠
تاسعا/ التأكيد على حاجة السودان الملحة للتمويل من مؤسسات التمويل الدولية خاصة في تمويل التنمية والبنيات الاساسية ويجدر الاشارة هنا ان الميزانية قد استهدفت الحصول على منح ومعونات خارجية بمبلغ (192,655) مليار مقارنة بالمستهدفة في 2020 والمقدرة بـ(105,875) مليار جنيه بنسبة زيادة (82)%
عاشرا/ التأكيد على تقليص دور الدولة في الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص٠ واتباع سياسات تقشفية فيما يتعلق ببنود الصرف والإنفاق الحكومي٠
وفي تقرير صحفي صدر مؤخرا يشير بطريقة دعائية لأنجازات الحكومة واهدافها من هذه الميزانية "المضروبة" حيث نجد الاتي:
يقول التقرير الصحفي
"* وأوضحت وزيرة المالية إلى أن الموازنة استندت على مرجعيات أساسية شملت الإطار العام لبرنامج الحكومة الانتقالية ومطلوبات مصفوفة اتفاقية السلام، ومخرجات وتوصيات المؤتمر الاقتصادي الأول والبرنامج الاقتصادي لقوى الحرية والتغيير وأهداف التنمية المستدامة 2030
وتم تكوين لجنة عليا للموازنة شاركت فيها كافة مؤسسات الدولة واللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير وشركاء السلام، والسياسيون، ولجان المقاومة وخبراء اقتصاديون من الجامعات.٠
خصص للمعاشات والحماية الاجتماعية 260 مليار جنيه و54 مليار جنيه لمشاريع مخصصات السلام بنسبة 29% من تقديرات الموازنة٠
النسبة المخصصة للتعليم تقدر بنحو 137 مليار جنيه، بنسبة 12.5% بزيادة بلغت 170% مقارنة بموازنة العام الماضي٠
رصدت نحو 99 مليار جنيه لقطاع الصحة بنسبة بلغت 9% من تقديرات الموازنة٠
أن الموازنة حققت الفائض الجاري لأول مرة منذ سنوات طويلة وتحافظ على نسبة العجز الكلي في حدود 1.4% عن الناتج المحلي الإجمالي كما تم ضبط الإنفاق العام وترشيد الصرف على الحكومة وتخفيضه بنسبة 24%٠
تقرر تقليل الاستدانة من البنك المركزي من 200 مليار جنيه إلى 52 مليار جنيه٠
تقرر رفع عبء التضخم وتثبيته على نسبة 95% بنهاية عام 2021 مقارنة بالنسبة الحالية التي تعادل أكثر من 250%٠
تم إحداث إصلاحات ضريبية وجمركية وتوسعة المظلة الضريبية بنسبة 60%، ورفع إيرادات قطاع الذهب من 18 مليار جنيه في 2020 الى 100 مليار جنيه في 2021 " انتهي ملخص التقرير الصحفي
والغريب في امر هذا التقرير وغيره من تقارير مشابهة نجد الكذب والتضليل الواضح والادعاءات التي لا تمت للواقع بأي صلة فنلاحظ في هذا التقرير الادعاء بأجماع ومشاركة كاملة من كافة مؤسسات الدولة واللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير وشركاء السلام، والسياسيون، ولجان المقاومة وخبراء اقتصاديون من الجامعات٠
فنجد ان اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير قد نفت مشاركتها الفعلية في وضع هذه الميزانية وكذلك لجان المقاومة وأصدرت اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية بيانا ضافيا يوضح وينتقد ادعاءات وزارة المالية في هذه الميزانية نلخصه في الآتي:
"أن المسودة الأولي لملخص الموازنة لم تعرض للجنة الا في يوم ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٠ وتم حجب كافة التفاصيل عن اللجنة العليا. لقد ابدينا تحفظنا بعد اطلاعنا المتأخر جدا على أرقام الموازنة علي هذا النهج وطالبنا بشدة بمراجعة اوجه الصرف في بعض البنود التي ظهرت فيها زيادات كبيرة مقارنة بموازنة عام ٢٠٢٠"
ويواصل البيان في تفنيد ادعاءات الوزيرة
"لقد ذكرت وزيرة المالية والناطق الرسمي للحكومة في البيان الرسمي عن الموازنة ما يلي:
١- أن النسبة المخصصة للصرف على التعليم تقدر ب(١٣٧) مليار جنيه بزيادة بلغت ١٧٠% وذكرت انه ولأول مرة في التاريخ أن ميزانية التعليم تفوق ميزانية الدفاع وهي معلومة خالية من الصحة تماما.٠"
ويواصل البيان توضيح الحقائق
"ازاء عدم صحة البيانات التي دفعت بها للإعلام الوزيرة المكلفة نشير إلى ما يلي:
ان مشروع الموازنة الذي يعكس الاعتماد المالي المقرر للقطاعات الاقتصادية والوحدات الذي اجيز يكذب ارقام الوزيرة المضللة والذي قصد بها الدعاية الاعلامية واخفاء حقيقة ان جل الصرف موجه للقطاع السيادي والامن والدفاع. فالأرقام التالية تبين الصرف الحقيقي علي القطاعات المذكورة مقارنة بالقطاعات التنموية:
فاذا قارنا ذلك بالقطاعات التنموية نجد ان:
ان الاعتمادات المالية المذكورة للصرف الحكومي الاستهلاكي والصرف علي القطاعات التنميوية كالتعليم والصحة والبنى التحية اذا ما قورنت بموازنة العام ٢٠٢٠ توضح الخلل الكبير في تخصيص وتوزيع الموارد بين القطاعات. نورد على سبيل المثال:
أولا: القطاع السيادي:
ثانيا: قطاع الاجهزة الامنية والدفاع:
في ذات الوقت نجد أن المبالغ المعتمدة للقطاعات التنموية ضعيفة جدآ مقارنة بالقطاعات المذكورة أعلاه فمثلا:
ثالثا: ان المبلغ الكبير ١٠١ مليار في بند المصروفات الخاص بدعم الكهرباء هو مبلغ غير حقيقي قصد من وجوده في المصروفات بهذا التضخيم لتبرير رفع الدعم عن الكهرباء. ان تقدير دعم الكهرباء في موازنة العام ٢٠٢٠ كان ١٧.٢ مليار جنيه وكان الأداء الفعلي هو نفس المبلغ. وأن الدراسة التي أعدتها لجنة بالمالية مع الهيئة توصلت الي ان الدعم الكلي للكهرباء هو مبلغ ٥٨ مليار وبالتالي ان الرقم الذي اعتمد في الموازنة غير واقعي ويشكك في مصداقية الصرف في كافة البنود المتعلقة بدعم السلع الاستراتيجية. خاصة اذا وضعنا في الاعتبار ان تقدير السلع الاستراتيجية في موازنة ٢٠٢٠ كان حوالي ٢٥٣ مليار جنيه بينما كان الأداء الفعلي الذي قدمته وزارة المالية حوالي ١٠٩ مليار جنيه.
رابعا: ان تعويضات العاملين الكلية (الرواتب والأجور والبدلات والمعاشات) هي مبلغ ٢٥٢ مليار جنيه منها مبلغ ١٧١ مليار جنيه للقطاعين السيادي والأمن والدفاع وتشكل نسبة ٦٨% من إجمالي البند في الوقت الذي لا تساهم فيها شركات الامن والدفاع والمنظومة بأي مبلغ في الايرادات العامة.
خامسا: ان بند شراء السلع والخدمات والبنود الممركزة الظاهر في مشروع الموازنة قد بلغ ١٠٢ مليار جنيه منها ٧٣ مليار جنيه خاصة بقطاعي الأمن والدفاع والقطاع السيادي. وهي تشكل نسبة ٧٢% من إجمالي الصرف. وهو ما يدحض حديث الوزيرة أن ثلث الصرف موجه لمعاش الناس."
ويواصل البيان توضيح جانب الإيرادات
"معالي الرئيس،
لاحظنا في جانب الإيرادات أن ثلث مبلغ إيرادات الموازنة بأتى من مبيعات الحكومة للمحروقات نتيجة لرفع سعر المحروقات من ١٢٨ إلى ٥٤٠ جنيه للجالون مما يعني لجوء الحكومة المباشر لجيوب المواطنين في مجال الإيرادات وهو نفس نهج النظام السابق الذي ثار عليه الشعب؛ علما بأن التجربة أكدت أن تحرير أسعار المحروقات لم يسهم في خفض عجز الموازنة بينما خلت الموازنة من مساهمة الشركات العسكرية و الأمنية في إيرادات الموازنة؛ وعدم اشتمالها على ما تم ويتم استرداده من أموال بواسطة لجنة إزالة التمكين؛ وعدم وقف وتجريم التجنيب واضافة الأموال المجنبة لوزارة المالية؛ وعدم فرض الضريبة التصاعدية والنوعية وعدم زيادة الضرائب على شركات الاتصالات؛ وهي المصادر التي كان يجب الذهاب إليها لتعظيم الإيرادات وليس زيادة أسعار المحروقات والكهرباء على المواطن المثقل بارتفاع تكاليف المعيشة كما أن الربط المحدد للضرائب أضعف بكثير من المتوقع. وفي هذا الخصوص رأت اللجنة الاقتصادية ضرورة مراجعة إيرادات الضرائب، لترتفع ل 300 مليار، بدلا عن 254 مليار" انتهي ملخص بيان اللجنة الاقتصادية لقوي الحرية والتغيير
ومن تفاصيل تقرير الميزانية وبيان اللجنة الاقتصادية لقحت نؤكد الملاحظات التالية:
اولا/ الاستمرار في مسلسل الخداع والتضليل من قبل الحكومة واتضح ذلك بالأرقام المذكورة اعلاه٠
ثانيا/ الارقام "المطبوخة" وفي أحيان كثيرة بغير عناية نجد الكثير من المبالغة والتي لا تخفى على فطنة المواطن خير مثال على ذلك ادعاء امكانية تحقيق معدل نمو إيجابي بنسبة 1% بينما كان في العام الماضي 2020 بلغ (-8.4%) حسب توقعات الصندوق وكذلك المبالغة في ان تحقق الميزانية فائضا وبلوغ مستوى التضخم إطار حاجز الرقمين 95% ونمو في عرض النقود بنسبة لا تزيد عن 30% الاستدانة من النظام المصرفي في حدود (52) مليار جنيه وكلها ارقام غير واقعية ولايصدقها عاقل ناهيك عن خبراء الصندوق٠
ثالثا/ اعتماد الإيرادات على استنزاف المواطن لأبعد الحدود والاشارة الي ان ذلك يعتبر موارد حقيقية ونجد ذلك في الاعتماد على الضرائب غير المباشرة والتي يتحمل عبئها الشرائح الضعيفة من الشعب، زيادة ضرائب الاتصالات في القيمة المضافة التي يدفعها المواطن ل 40% بدلآ عن 35%. وايضا إيرادات تحرير أسعار المحروقات والكهرباء والتي يقع عبئها على المواطن اضافة ااثرها التضخمي والانكماشي علي مجل النشاط الاقصادي٠
رابعا/ عدم الواقعية في الادعاء بتخفيض الانفاق الحكومي والسيادي في ظل الواقع السياسي بعد اتفاق جوبا ومتطلبات اجهزة الحكم الجديدة علي المستوي المركزي والاقليمي٠
خامسا/ تم رصد سقف الاستدانة من النظام المصرفي بحوالي 61 مليار جنيه في الموازنة قبل التعديل وارتفع إلى 200 مليار جنيه في الموازنة المعدلة وعدل أيضا في النسخة الاخيرة الي 52 مليار جنيه وتضارب هذه الأرقام يؤكد عدم تسبيك هذه "الطبخة"٠
اما الاداء الفعلي يؤكد أن الحكومة قد استدانت من البنك المركزي 108 مليار جنيه في النصف الأول من العام الماضي فقط لسد العجز بزيادة 77% من سقف الاستدانة المحدد ب 61 مليار جنيه وحسب الاتفاق مع البرنامج المراقب من صندوق النقد الدولي وهذا يؤكد خطل وعشوائية وعدم واقعية هذه الأرقام واستحالة الالتزام بها٠
سادسا/ ارتفاع معدل التضخم وتسارع وتيرة زيادته يجعل من الصعب التكهن به مما يجعل من الصعوبة بمكان الالتزام بتقديرات هذه الميزانية٠كذلك نجد تقديرات التضخم غير حقيقية فعندما وضعت تقديرات الموازنة للعام الماضي وضعت على أساس مستوى تضخم 30% بينما كانت نسبة التضخم في الواقع تتجاوز ذلك بمراحل وكذلك الحال في هذه الميزانية حيث استهدفت تثبيت التضخم على نسبة 95% بنهاية عام 2021 مقارنة بالنسبة الحالية التي تعادل أكثر من 250% معقولة!!!
سابعا/ التدهور المتسارع في قيمة سعر الصرف وانخفاض القوة الشرائية للعملة الوطنية فعند بداية العام كان سعر الصرف 80 جنيها وعند تعديل الميزانية أصبح. 220 جنيها وفِي نهاية العام أصبح 270 جنيها وتجاوز
ال300 جنيه في يناير الحالي٠
وهذا التدهور يجعل من الصعب التكهن بأداء الميزانية خاصة اداء القطاع الخارجي وايضاً نجد تضارب السياسات في تحديد سعر الصرف للدولار الجمركي وسعر الصرف بالنسبة لأسعار الوقود وكذلك المنح والمساعدات الأجنبية٠
ثامنا/ الاعتماد علي التمويل الخارجي غير المؤكد نسبة لما تمر بِه معظم الدول المانحة من جائحة كورونا وعدم ثقة بعض الدول في حقيقة التحول الديمقراطي في ظل السيطرة الملاحظة للعسكر في إدارة شؤون البلاد٠
تاسعا/ ضعف الأداء الضريبي نتيجة الامتيازات والتسهيلات الضريبية لبعض النافذين وعدم المقدرة على زيادة القاعدة الضريبية وعدم امكانية مص المزيد من دم المواطن لأن روح المواطن بلغت الحلقوم!!!
عاشرا/ لم تراع هذه الميزانية توقع ارتفاع أسعار النفط عالميا بعد توزيع لقاح كورونا وتعافي الاقتصاد العالمي كذلك تسديد خدمات الديون لمؤسسات التمويل الدولية على السودان ودفع ما تبقي من مبلغ لتسديد متأخرات ديون الصندوق والبنك بعد تعهد الولايات المتحدة بدفع مليار دولار وكل ذلك يشكل اعباء "حقيقية" علي هذه الميزانية "غير الحقيقية"٠
ارقام الميزانية المطبوخة بغير عناية!!!
تشيز الدلائل المذكورة أعلاه ان هذه الميزانية أعدت بطريقة فيها الكثير من الاستخفاف بعقول السودانيين وغيرهم من المراقبين وحتي بخبراء الصندوق وهم ضليعين في هذا المجال وسيدركون من النظرة الاولي لهذه الميزانية انها غير واقعية واعدت بغرض إقناع الصندوق بان الحكومة تسير بخطي حثيثة نحو تنفيذ البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد٠
واتوقع ان تتعرض هذه الميزانية لنقد كبير من خبراء الصندوق في زيارة تقييم الأداء المرتقبة في فبراير
فإذا نظرنا بتمعن ودقة الي تلك الأرقام والاهداف المتوقعة من الميزانية فنجد الاتي:
اولا/ استحالة انخفاض التضخم بهذه النسبة بسبب ان مصادر اشتعال نسبة التضخم مازالت قائمة وستظل وتتمثل في عدم التحكم في الكتلة النقدية داخل النظام المصرفي ورغم ادعاء الحكومة بأنها ستلتزم بالسقف المحدد للاستدانة من البنك المركزي ب 52 مليار جنيه الا ان تجربة العام الماضي تؤكد عكس ذلك أيضا توقع تزايد الإنفاق الحكومي والسيادي علي اجهزة الحكم تلبية لمتطلبات اتفاقية السلام وهذا سيقود الي تفاقم عجز الموازنة وبالتالي تمويل هذا العجز عن طريق الطباعة٠
أيضا من اهم واخطر أسباب صعوبة التحكم في التضخم تزايد وجود الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي ومصدرها العملة المزورة والتي تؤكدها الأخبار المتداولة يوميا وترفض الحكومة تغيير العملة كحل نهائي لسد هذه الثغرة الاقتصادية والأمنية الخطيرة متعللة بأسباب غير مبررة وغير منطقية مثل القول بان تغيير العملة يكلف أمولا طائلة وليس هناك حاجة له في هذا الوقت٠
ومن اهم أسباب التضخم السلع المستوردة وخاصة مدخلات الانتاج وفِي ظل تدهور سعر صرف العملة الوطنية نتيجة لسياسات التخفيض سترتفع فاتورة الاستيراد وتكلفة مدخلات الانتاج وتزيد من معدل تضخم جانب العرض والتكلفة وكذلك تحرير اسعار الوقود والكهرباء والدولار الجمركي كل ذلك سيزيد من تسارع وتيرة تضخم جانب العرض والتكلفة اضافة للآثار الانكماشية٠
ولاننسي انه من المتوقع في مقبل الأيام او الأسابيع القادمة التحرير الكامل لسعر الصرف التزما ببرنامج الصندوق مما يفاقم من الوضع التضخمي وارتفاعه بمعدلات عالية٠اذن من المستحيل وغير منطقي انخفاض مستوي التضخم في ظل المعطيات الحقيقية سالفة الذكر٠
ثانيا/ تحقيق معدل نمو إيجابي بنسبة 1% بعد ان كان سالب 8 العام الماضي يعد هذا ضربا من الخيال خاصة في ظروف الوضع الداخلي والخارجي وآثار جائحة الكرونا وتتوقع معظم الدول الكبري التحسن النسبي ولكن تتوقع أيضا تباطؤ التعافي وربما النمو السالب في بعض الأحيان٠
ثالثا/ اما تحقيق فائض جاري او عجز كلي في هذه الموازنة في حدود 1.4% من اجمالي الناتج القومي فهذا يعد من المستحيلات فحتي الدول الكبري مثل الولايات المتحدة والدول الاوربية ودوّل الخليج تتوقع عجز في حدود 3% الي 5% من اجمالي الناتج العام ويعد ذلك انجازا كبيرا اذا تحقق في ظل الظروف العالمية الراهنة٠
في الختام كل الدلائل والارقام أعلاه تؤكد حقيقة واحدة ان هذه الميزانية لا تخاطب الشعب السوداني بل صممت وللأسف بغير عناية و"بكلفتة" لا تخفى على العين وتستهدف إقناع صندوق النقد الدولي بأن الحكومة ملتزمة بتنفيذ برنامج مراقبة الصندوق بكل تفاصيله ويأتي كل ذلك في إطار الاستعداد للزيارة المرتقبة لوفد خبراء الصندوق في شهر فبراير 2021 للسودان لتقييم أداء الحكومة الاقتصادي في وفق برنامج مراقبة الصندوق٠
د. محمد محمود الطيب
وواشنطون
wesamm56@gmail.com
References
https://al-ain.com/article/1611077137
https://www.skysudan.net/2600/
https://www.alrakoba.net/31506277/جرد-حساب-وتقييم-بالأرقام-لميزانية-حكو/
شارك هذا الموضوع: