لا ينبغي أن تغيب عن البال فداحة هذا الانقلاب الذي قام به الانقاذيون مع البرهان والمليشيات في 25 أكتوبر.. فقد كان الانقلاب مقصوداً أن يكون في ذات اللحظة التي كان تؤذن بانطلاق الاقتصاد الوطني إلى (تراك) يجعله على الطريق الصحيح الذي سارت عليه الدول الناهضة حتى بالقياسات الإفريقية في إثيوبيا وكينيا ورواندا..!
هذا الانقلاب (تركيبة سامة) هي مزيج من الجهل والفوضى والدموية من أجل مقايضة الوطن بالهواجس الشخصية وابتزاز البلاد مقابل (سوابق إجرامية)..والهدف منه هدم المعبد وتقويض أركان الدولة بالكامل والعودة بها إلى أسوأ معايير الدول الفاشلة وتعويق دولاب الإصلاح وإحكام عزلة الوطن عن العالم وعن كل ما يمت بصلة للعصر الحديث.. بل للمجتمع البشري..!
وقد كان معلوماً (علم اليقين) للإنقاذيين وبقايا الاخونجية وجماعات المليشيات والبرهانيين وبعض منتسبي الحركات ورجالات العصور الغابرة أن لا مستقبل لهم في وطن يقوم على العلم والمعرفة وعلى الحرية والعدالة وحكم القانون والتواصل مع العالم..فكيف لهم أن يعيشوا في غياب (الهمبتة والفوضى)..؟! مثل هذا الوطن لا يستقيم مع الجهلة المتطلعين للركوب على صهوة الدولة أو اللصوص الذين يعيشون على (السبلقة والسلفقة) وغياب القانون والعدالة..إن أكبر خوفهم من الضوء الذي يكشف نهب الموارد وسرقة مال الدولة ومرافقها ومعادنها وذهبها.. وهذا هو السبب الحقيقي لهذا الانقلاب الذي هلل له الانقاذيون والاخونجية لأنه يخرجهم من مخابئهم ويجعلهم يتطلعون لاستعادة ما تم مصادرته منهم بيد قانون الثورة وحكم العدالة..وما أسرع أن شرع أصحاب القطع السكنية الـ 99 وعمدتهم (كرتي) الذي قطعت عليه ثورة ديسمبر الطريق حتى لا يكملها مائة ..رغم أن أصحاباً له استطاعوا تخطيه في عدد القطع المسروقة مع ملايين الأفدنة من الأراضي الهاملة (والجفالك والأبعاديات) التي ورثوها من المماليك..!!
هذا الانقلاب جعل الحرامية يستردون في أيام الانقلاب المشؤوم عشرات المليارات التي (فتلوها) إلي دولارات وهرّبوها للخارج.. ويذكر الناس إنه خلال 24 ساعة ارتفع سعر الدولار من الخمسينات إلى الثمانينات وهذا لا يحدث في كل الدنيا..واستعجب الناس كيف يحدث هذا..؟! وكان التفسير أوضح من الشمس.. لقد أعاد لهم الانقلاب ما سرقوه..!!
هذه كلها تفاصيل تهون رغم فداحتها.. أما الأخطر فهو الانهيار الكامل لكل ما تم بناؤه بعد الثورة .. وإلغاء حكم القانون..وخطورة (صناعة الانفلات الأمني) وارتفاع وتيرة التداعي الاقتصادي والتخريب الهيكلي..وعودة الفساد بشراهة عالية..والتسيب الكامل في التصرّف بأموال الدولة ومدخراتها من العملات الصعبة وصادراتها من الذهب..وغياب دولة المؤسسات..وتسييس مفاصل الدولة..وعودة الأساليب الأمنية الفاجرة في القتل والاختطاف والاعتقالات الجزافية..وفوضى حمل السلاح.. ووضع الأجهزة العدلية تحت (أباط) التعليمات العسكرية والإدارية.. وجعل أجهزة الدولة في خدمة الجماعة السياسية ذات التوجه الواحد..وإعادة لجنة الإنقاذ الأمنية الخاصة التي تجعل من الأمن دائرة من بين دوائر حزب المؤتمر الوطني المحظور باسم القانون والدستور..!!
لا يجب ألا يغيب عن الأذهان فداحة وخطورة هذا الانقلاب.. وعلى القوى السياسية الديمقراطية أن تعمل على فضح هذا الذي جرى وإبانة حقيقة الانقلاب للقوى الإقليمية والدوائر العالمية.. وللمقاومة ربٌ يحميها..!!
شارك هذا الموضوع: