رسالة إلى سعادة مدير جامعة أم درمان الإسلامية عن دور الجامعة ومسؤوليتها تجاه التضليل ...

عبدالله الفكي البشير - 16-08-2020
رسالة إلى سعادة مدير جامعة أم درمان الإسلامية عن دور الجامعة ومسؤوليتها تجاه التضليل ... | عبدالله الفكي البشير

الأستاذات والأساتيذ الأجلاء تحية طيبة وبعد،،، الموضوع: رسالة إلى سعادة مدير جامعة أم درمان الإسلامية، السودان، بشأن دور جامعة أم درمان الإسلامية ومسؤوليتها تجاه التضليل وتغذية مناخ الهوس والتكفير في الفضاء السوداني والإسلامي من خلال مواقفها غير الأخلاقية وغير العلمية من الداعية والمفكر السوداني والإنساني محمود محمد طه

في إطار الشراكة في سبيل تنمية الوعي وخدمة التنوير، والعمل من أجل الدفاع عن الحرية وكرامة الإنسان ومواجهة الإرهاب والتكفير والإسهام في بناء السلام المحلي والعالمي، اسمحوا لي أرفق لكم نسخة من رسالة قمت بتوجيهها إلى مدير جامعة أم ردمان الإسلامية، السودان، بشأن الموضوع أعلاه.

ولقد أشرت لسعادته في متن الرسالة بأنني سأشرك فيها قائمة طويلة من الشركاء الدوليين والإقليميين والسودانيين، نحو (400)، من المؤسسات والمنظمات والتجمعات… إلخ، وحوالي (2500) من المعنيين من الأستاذات والأساتيذ والباحثات والباحثين والناشطات والناشطين من مختلف أنحاء العالم.

ويقيني أن القضية قضية كوكبية وتمثل هماً إنسانياً مشتركاً، ينتظر منا جميعاً التفاعل والتعاطي والتجاوب..

كما يسعدني توسيع النشر لهذه الرسالة سواء من خلال دوائركم وشبكات تواصلكم، أو بنشرها في الوسائل الإعلامية ووسائط التواصل المختلفة.
ملاحظة: تأتي هذه الرسالة إثر ثلاث رسائل سابقة كنا قد شيعناها، الأولى منها، إلى فضيلة شيخ الأزهر في 21 يوليو الجاري، بشأن تكفير الأزهر للداعية والمفكر السوداني الإنساني محمود محمد طه في العام 1972، ويمكن الاطلاع على الرسالة في هذا الرابط:
رسالة مفتوحة الى فضيلة شيخ الأزهر
والثانية إلى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي في 28 يوليو الجاري، بشأن تكفير الرابطة للداعية والمفكر السوداني الإنساني محمود محمد طه في العام 1975، ويمكن الاطلاع على الرسالة في هذا الرابط:
رسالة إلى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي
والثالثة إلى معالي رئيس جامعة أم القرى، بمكة المكرمة، في 4 أغسطس 2020، بشأن طعن علمي وأخلاقي في رسالة دكتوراه تمت إجازتها في جامعة أم القرى بعنوان: فرقة الجمهوريين بالسودان وموقف الإسلام منها، في العام 1983-1984، بسبب مفارقتها للمبادئ الأكاديمية ومخالفتها لقواعد البحث العلمي، ويمكن الاطلاع على الرسالة في هذا الرابط:
رسالة لجامعة أم القرى
وتفضلوا بقبول فائق التقدير ووافر الاحترام ،،،



(نص الرسالة)


التاريخ: الخميس 13 أغسطس 2020م سعادة الأستاذ الدكتور/ الحسن المثنى عمر الفاروق الحسن المحترم
مدير جامعة أم درمان الإسلامية
جامعة أم درمان الإسلامية- أم درمان
السودان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

الموضــــــــــــــــــــوع: دور جامعة أم درمان الإسلامية ومسؤوليتها تجاه التضليل وتغذية مناخ الهوس والتكفير في الفضاء السوداني والإسلامي من خلال مواقفها غير الأخلاقية وغير العلمية من الداعية والمفكر السوداني والإنساني محمود محمد طه

بالإشارة للموضوع أعلاه، واستناداً على دراسة متأنية لمواقف جامعة أم درمان الإسلامية من الداعية والمفكر السوداني والإنساني محمود محمد طه ومشروعه الفهم الجديد للإسلام، الذي يمثل عندي مشروع بحثي مفتوح ومستمر، وانطلاقاً من واجبي الوطني والثقافي والأخلاقي والإنساني، فإنني أطالب جامعة أم درمان الإسلامية أن تقدم اعتذاراً إلى شعوب السودان والإسلام وللإنسانية جمعاء عن دورها ومسؤوليتها الأخلاقية في التشويه والتكفير، كما سيرد التفصيل لاحقاً. وأطالبها كذلك بتنظيف أرشيفها من إرث أصحاب الجهالات والكذب الصُراح، وتحرير بيئتها من المراجع والمصادر التي تنطوي على الخُزَعْبِلاَت والأباطيل، وتطهير سجلها التكفيري الذي تأذي منه الكثيرون، ولوثت به المزاج الديني في السودان، وسممت به الفضاء الفكري.
إنني في هذه الرسالة لا أتحدث باسم جماعة، أو نيابة عن أحد، ولا أسعى للانتصار لمحمود محمد طه، فهو ليس في حاجة للانتصار، وإنما أتحدث بمسؤولية فردية، وتعبيراً عن رأي باحث مستقل، تكشفت له خيوط مؤامرات كبرى، كان فيها البحث العلمي ومؤسساته في خدمة الجهل والظلام والتضليل. وإيماناً مني بمبادئ ثورة ديسمبر (ديسمبر 2018- أبريل 2019) المجيدة التي اندلعت في السودان، وانطلاقاً من واجب الوفاء لشهدائها، فإنني أعمل الآن من أجل الإسهام في فكرنة/ عقلنة الثورة، من خلال نقل ما تكشَّف لي من وثائق وأدلة وبراهين على تلك المؤامرات، من الديوان حيث دور الوثائق والمكتبات، إلى الميدان حيث الجماهير صاحبة الحق في كشف المؤامرات، وصاحبة المصلحة في تنمية الوعي وخدمة التنوير. وفي تقديري أن ثورة ديسمبر المجيدة، ثورة تنشد استكمال استقلال السودان عبر تحرير العقول والمؤسسات وفضاءاتها، وبسودنة المرتكز الحضاري للسودان، ولهذا فإن هذه الرسالة تأتي في إطار القيام بالواجب الثقافي والواجب الثوري.
وتأكيداً لما ذهبنا إليه بشأن الموضوع أعلاه، وتوثيقاً لما أوردنا بالأدلة والبراهين، تأتي هذه الرسالة مكونة من تسعة محاور، هي:

 إرث التكفير في سجل المعهد العلمي بأم درمان/ جامعة أم درمان الإسلامية.
 أول رمي للجمهوريين بالكفر- يناير 1960.
 جامعة أم درمان الإسلامية ومحكمة الردة عن الإسلام- 18 نوفمبر 1968.
 مشايخ الأزهر وتكييف الرأي العام والمزاج الديني في السودان عبر بوابة الجامعة الإسلامية.
 الكذب الصُراح وخُزَعْبِلاَت الشيخ محمد نجيب المطيعي رئيس قسم السنة وعلوم الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية
 أثر الشيخ المطيعي وحضوره في مخيلة الأئمة والقضاة والأساتذة الجامعيين.
 ما جاء به الشيخ المطيعي من اتهامات في كتابه تعرضه لإقامة حد القذف ليجلد في ميدان عام.
 طعن علمي وأخلاقي في مؤهلات البروفيسور شوقي بشير عبد المجيد وخدمته بجامعة أم درمان الإسلامية.
 جامعة أم ردمان الإسلامية مطية رابطة العالم الإسلامي في عدائها للجمهوريين.

فإلى المحاور والتفصيل:

إرث التكفير في سجل المعهد العلمي بأم درمان/ جامعة أم درمان الإسلامية المواقف العدائية من التجديد والمبادرات الخلاقة

في الواقع لا يمكن دراسة ثقافة الرمي بالكفر، والحكم بالردة عن الإسلام في السودان، بمعزل عن الدور الكبير والخطير لجامعة أم درمان الإسلامية منذ تأسيسها باسم المعهد العلمي بأم درمان عام 1912 كما جاء ضمن الحديث عن النشأة في موقعها على شبكة الإنترنت) (. مثَّل مجلس العلماء الذي أنشأه الحاكم العام البريطاني في العام 1901 نواة المعهد العلمي بأم درمان، وعرف بهيئة العلماء/ لجنة العلماء/ مشيخة العلماء/ هيئة علماء السودان، لينظم التدريس في الجامع الكبير بأم درمان، برئاسة الشيخ محمد البدوي (1841-1911) ) (. وقد خلفه في العام 1912 القاضي الشرعي الشيخ أبا القاسم هاشم (1856– 1934) الذي أصبح شيخاً للمعهد العلمي بأم درمان ) (. ظلت لجنة العلماء/ هيئة علماء السودان منذ قيامها عام 1901، تتبع، كما هو الحال معهد أم درمان العلمي، إلى الحاكم العام البريطاني بواسطة السكرتير القضائي، حتى أول مايو عام 1947 إذ تقرر تسليم المعهد إلى مصلحة المعارف( ). معلوم أن شيخ المعهد العلمي بأم درمان هو شيخ هيئة علماء السودان، وهذه إشارة مهمة للغاية، نسبة للدور الخطير الذي قامت به هذه الهيئة في تكييف المزاج الديني في السودان.
استل المعهد العلمي بأم درمان سيف التكفير والالحاد باكراً في وجه كل من كانت له آراء خاصة أو تجديدية في قضايا الأدب والفكر والفلسفة وخرجت عن مألوف المعهديين ومشيخته. وعندما أصبح المعهد في العام 1965 جامعة أم درمان الإسلامية، سارت الجامعة على درب المعهد، فأعاقا مناخ الحرية الفطري في السودان، ولوثا المناخ الفكري، وعطلا الطاقات الابداعية، وسعيا إلى قبر الابداع والمبدعين. فقد اتهمت مشيخة المعهد الشاعر التيجاني يوسف بشير (1912- 1937) ظلماً بالإلحاد والكفر وفصلته من المعهد. وقد وثَّق التيجاني ذلك الظلم الذي وقع عليه من المعهد ومشايخه بقصيدته الشهيرة: "المعهد العلمي"( ). لم يكن التيجاني وحده، فقد كان أيضاً ابن عمه الشاعر محمد عبد الوهاب القاضي الكتيابي (1912- 1940)، الذي واجه الإرهاب والتكفير والقتل المعنوي، ولحقه الأذى من المعهد العلمي ومشايخه.
ولمَّا جاء عقد الستينات من القرن الماضي كشف المعهد ومشيخته، جامعة أم درمان الإسلامية لاحقاً، عن التناقض الكبير بينه وبين المزاج الديني للشعب السوداني، وكشف كذلك عن المفارقة بينه وبين أشواق الشعب السوداني المتسقة مع المشهد العالمي أوانئذ. ففي الوقت الذي شهد فيه عقد الستينات في العالم حراكاً واسعاً في اتجاه التحرير والتغيير، مثل انتصار حركة الحقوق المدنية في أمريكا، وشهد العقد في السودان أعظم ثورة شعبية، هي ثورة أكتوبر 1964. كان المعهد قد استهل عقد الستينات بتكفير ثلاثة من الطلبة الجمهوريين، وفصلوا عن المعهد في يناير 1960.

أول رمي للجمهوريين بالكفر- يناير 1960

لقد أشرقت شمس عقد الستينات في السودان بإشهار سلاح التكفير. فقد رمت مشيخة المعهد العلمي بأم درمان، ثلاثة من تلاميذ محمود محمد طه بالكفر بعد أن خضع الطلاب إلى محاكمات فكرية ودينية أمام مشايخ المعهد. تمت المحاكمات بمكتب شيخ العلماء، شيخ المعهد، الشيخ محمد المبارك عبدالله (1905-1990)، وبحضور الشيخ الأمين محمد الأمين، مساعد شيخ المعهد، والشيخ يوسف الترابي، مراقب للقسم العالي، والشيخ عثمان عبدالرزاق، مراقب القسم الثانوي( ). كانت المحاكمات الفكرية قصيرة في مدتها الزمنية، وقد طالب الطلاب أن يوجه المشايخ أسئلتهم لصاحب الفكرة محمود محمد طه، فكان الرد بقرارات سريعة ومتعسفة، حكمت بفصل الطلبة الثلاثة من المعهد، وجاء بيان الفصل في يناير 1960. والطلاب الثلاثة هم( ): إبراهيم يوسف فضل الله، وهو اليوم كبير الإخوان الجمهوريين، أطال الله عمره، وأحمد عبدالرحمن العجب (1936- 2020)، ومحمد خير علي محيسي (1936- 1999).
كان تكفير الطلبة الجمهوريين وفصلهم من المعهد، أول رمي للطلبة الجمهوريين بالكفر، كما مثَّلت أوضح حدث يُؤرخ لبداية ظهور عداء وضغينة مشيخة المعهد العلمي بأم درمان للفكرة الجمهورية. فقد عُرف الحدث في بيانات المعهد وفي الصحف بحادثة: فصل الطلبة- (الطلاب الثلاثة)( )، بينما أطلق محمود محمد طه على الحدث في بيان له نشر يوم 31 يناير 1960، اسم: "نكبة المعهد العلمي المؤسفة"( ). وقد أصدر الطلبة المفصولون بياناً نشرته الصحف السودانية، قالوا فيه:

إننا نصر على أن رمي المشيخة [مشيخة المعهد العلمي بأم درمان] لنا بالكفر لا يستند على دليل وفكرتنا التي لم تعطها إدارة المعهد فرصة لتفهمها هي أن التشريع الاسلامي الذي شرع في الماضي لا يسع مجتمعنا الإنساني الحالي الذي تعقدت مشاكله واتسعت عقليته ونمت امكانياته أضعاف ما كانت عليه البيئة قبل أربعة عشر قرناً وان الإسلام في روحه يحمل من التنظيم ما يلائم الوضع الجديد"

تبع تكفير الطلبة الجمهوريين وفصلهم من المعهد، حملة تشويه كبيرة وواسعة للفكرة الجمهورية، وتبنت الحملة رمي الجمهوريين بالكفر والالحاد. للمزيد يمكن الرجوع إلى كتابينا: صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، دار رؤية للنشر، القاهرة، 2013م؛ وكتاب: الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، دار باركود للنشر والترجمة، الخرطوم، 2020.

تاريخ طويل من العداء للتجديد والمبادرات الخلاقة جامعة أم درمان الإسلامية ومحكمة الردة عن الإسلام- 18 نوفمبر 1968

ما أن أعلن محمود محمد طه عن مشروعه الفهم الجديد للإسلام في مساء الجمعة 30 نوفمبر 1951م، حتى تبنى مشايخ المعهد العلمي بأم درمان العداء. كانت أولى محطات المواجهة يوم الأحد 14 سبتمبر 1952 حينما قدم محمود محمد طه محاضرة بعنوان: "اشتراكية القرآن"( )، بنادي الثقافة بأم درمان. عارض مشايخ المعهد موضوع المحاضرة، فقد كان جديداً عليهم، وكانت الاشتراكية أوانئذ كفر عند بعض العلماء والفقهاء، فعلماء السعودية يعتقدون أن الاشتراكية كفر ويلحقونها بالكبائر. قامت على إثر هذه المحاضرة مساجلات واسعة وتمحورت حول موضوعات جديدة، منها هل الشريعة الإسلامية خالدة؟ ثم جاءت محطة أخرى عندما نشر محمود محمد طه مقالاً كان عبارة عن تعقيب على محاضرة قدمها أستاذ مصري مبعوث من الأزهر للتدريس في المعهد، وجاء المقال، بعنوان: "مستقبل الثقافة العربية في السودان، المدلول الحديث للثقافة والوسائل إليها- مهداة إلى طلبة وأساتذة المعهد العلمي بأمدرمان"( ). استمر عداء مشايخ المعهد حتى تم رمي الطلبة الجمهوريين بالكفر في يناير 1960، كما ورد آنفاً.
تبع ذلك أن قاد مشايخ المعهد العلمي والفقهاء من السودانيين والمصريين، حملة تكفير على الجمهوريين بنشر الكتب والمقالات في الصحف المحلية، وهي الحملة التي مهدت لانعقاد محكمة الردة 1968. كان من بين الذين شاركوا في تلك الحملة بنشر الكتاب والمقال، أساتذة من معهد أم درمان العلمي/ جامعة أم درمان الإسلامية، منهم على سبيل المثال، لا الحصر: محمد علي يوسف، والأمين داؤود، وحسين محمد زكي، وعبد الله شوقي الأسد، والنور محمود، وعطية محمد سعيد، وجعفر شيخ إدريس، وغيرهم، إلى جانب عدد من المشايخ المصريين، مثل محمد محمود شاهين، وهو مبعوث الأزهر إلى السودان، وغيره.

أساتذة جامعة أم درمان الإسلامية والمحكمة المهزلة

تقدم الشيخ الأمين داود محمد الأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية (مدعي أول)، والشيخ حسين محمد زكي، الأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية (مدعي ثاني)، بدعوى ضد محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري، بالردة عن دين الإسلام، حسبة لله تعالى. تم تقييد الدعوى لتكون القضية رقم 1035/1968 أمام محكمة الخرطوم العليا الشرعية، التي تشكلت برئاسة القاضي توفيق أحمد صديق، عضو محكمة الاستئناف العليا الشرعية المنتدب للنظر والفصل في الدعوى.
مثَّل انعقاد المحكمة عاراً للقضاء السوداني، ولجامعة أم درمان الإسلامية. فعلى الرغم من أن محكمة 1968 كانت مهزلة، فقد تم استدعاؤها في العام 1985، لنشهد مهزلة أخرى. كانت محكمة 1968 مهزلةً وعبثاً قانونياً. فقد وصفها خلف الله الرشيد (1930-2012)، رئيس القضاء الأسبق (1976-1982)، بأنها محكمة شرعية ليست مختصة بالدخول في أمور غير الأحوال الشخصية، لذلك ليست لها صلاحيات إصدار عقوبة، وأصبح حكمها تقريرياً، وللأسف محكمة الاستئناف عام 1985 استدعت حكم المحكمة وعلى أساسه حكمت على محمود وجماعته بالرَّدة لأنهم رفضوا الإجابة عن تهمة إثارة الكراهية، لذلك قاموا حوَّلوها إلى ردَّة، وطبعاً كلها أحكام غير مبنية على أساس صحيح و"غلط"( ).
ثم في 18 نوفمبر 1986 أعلنت المحكمة العليا/ الدائرة الدستورية، بطلان الأحكام الصادرة في حق محمود محمد طه واعتبرتها كيداً سياسياً. ليأتي الآن وزير العدل ويعلن إلغاء المادة (126) مادة الردة عن الإسلام في القانون الجنائي لعام 1991م، وأضاف الوزير بأن المادة الملغاة استُبدلت بتجريم التكفير، قائلاً إن تكفير الآخرين بات "مهددا لأمن وسلامة المجتمع"( ).

مشايخ الأزهر وتكييف الرأي العام والمزاج الديني في السودان عبر بوابة الجامعة الإسلامية مشايخ الأزهر والسعي الحثيث لتشويه أفكار الحزب الجمهوري

ظل مشايخ الأزهر والوعاظ والفقهاء المصريون يتدفقون على السودان، سواء كانوا مبتعثين من الأزهر أو ملبيين لدعوات من مصلحة الشؤون الدينية أو للعمل بجامعة أم درمان الإسلامية أو المعاهد العلمية. فقد التحق عدد كبير منهم، في فترات متفاوته، بجامعة أم درمان الإسلامية، والتي لم ينقطعوا عنها منذ أن كانت المعهد العلمي بأم درمان. فقد وصفت رابطة الفكري الجمهوري، جامعة أم درمان الإسلامية، في بيان لها صدر ضمن سلسلة بيانات الحزب الجمهوري، قائلة إن جامعة أم درمان الإسلامية تفتح البلاد لأموال السعودية عن طريق أنصار السنة وجبهة الميثاق، وتفتح أبوابها لمصر فيأتي فقهاء مصر باسم الدين والوعظ ليتدخلوا في شؤون السودان الداخلية( ). تقاطر عدد كبير من مشايخ الأزهر ومن الفقهاء المصريين للعمل في جامعة أم درمان الإسلامية، فعلي سبيل المثال، لا الحصر، ومن بين الذين أصبحوا أساتذة بالجامعة، وكانوا من الناشطين بقوة في معارضة الحزب الجمهوري، وتشويه أفكاره وإشانة سمعته، الآتية أسماؤهم (مجرد نماذج):

  1. الدكتور محمد السيد ندا، أستاذ علم الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية.
  2. الدكتور مصطفى كمال وصفي، أستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية.
  3. الدكتور الحسيني عبد المجيد هاشم، المحاضر بجامعة أم درمان الإسلامية وأستاذ علم التصوف الإسلامي.
  4. الدكتور سليمان السيد دنيا، أستاذ علم الفلسفة الإسلامية بجامعة أم درمان الإسلامية.
  5. الدكتور محمد نجيب المطيعي، رئيس قسم السنة وعلوم الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية.
  6. الأستاذ الدكتور محمد محي الدين عوض، أستاذ الفقه المقارن بجامعة أم درمان الإسلامية.
  7. الدكتور علي عبد الواحد وافي الأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية.
  8. الدكتور محمد شتا أبو سعد، أستاذ مساعد للقانون المدني بجامعة أم درمان الإسلامية، ومستشار بالمحاكم المصرية سابقاً.
  9. الأستاذ الدكتور كمال دسوقي، أستاذ اجتماع وعلم نفس وصحة عقلية، رئيس قسم التربية بجامعة أم درمان الإسلامية.
  10. الدكتور محمد محمود شاهين (مبعوث الأزهر إلى السودان).
  11. الشيخ أبو زهرة، أستاذ زائر لجامعة أم درمان الإسلامية.

قاد هؤلاء المشايخ، وهناك غيرهم، مع فقهاء السودان حملة واسعة وقوية ضد الحزب الجمهوري، كانت على فترات زمنية متفاوتة. وقد سعوا سعياً حثيثاً عبر حملة واسعة إلى تكييف الرأي العام السوداني في وجهة سلبية تجاه الحزب الجمهوري ودعوته، قامت حملة هؤلاء على الكذب وسعت إلى إشانة السمعة وتشويه أفكار الحزب الجمهوري. وقد ذكر الحزب الجمهوري بأن هؤلاء المشايخ استغلوا غفلة المسؤولين في جامعة أم درمان الإسلامية، والمعاهد العلمية ومصلحة الشؤون الدينية، ليكونوا أصحاب الكلمة في هذه المؤسسات( ). استغل هؤلاء المشايخ هذه المؤسسات ومنها سعوا لبث أكاذيبهم وتأثيرهم على الرأي العام في موقفه من الحزب الجمهوري. وقد ظل الجمهوريون يحذرون في بياناتهم من خطورة تدخل هؤلاء الفقهاء والأساتذة المصريين في شؤون البلاد ومن اعتدائهم على الحقوق الدستورية لمواطنين سودانيين( ). وقد واجه أعضاء الحزب الجمهوري بعضهم في الصحف، وقادوا معهم المساجلات، بينما تهرب البعض منهم من المواجهة الفكرية. فأتجه الحزب الجمهوري إلى المواجهة القانونية مع المتهربين من المواجهة الفكرية من الكذابين والمشوهين. ومن أمثلة هؤلاء كان الشيخ محمد محمود شاهين. فقد قام الحزب الجمهوري في 27 نوفمبر 1968 برفع قضايا جنائية بالخرطوم جنوب ضده، وقضية أخرى كذلك ضد الأمين داود، الأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية بتهمة الكذب الضار وإشانة السمعة، وتشويه مستندات الحزب الجمهوري وإثارة الفتنة الدينية( ). كما قام الحزب أيضاً برفع قضية أخرى بأم درمان ضد السيد محمد محمود شاهين حول خطبة قيل أنه القاها بجامع أم درمان. وقد أدانت محكمة جنايات أم درمان السيد محمد محمود شاهين، فحكمت عليه يوم 13 أبريل 1969، بالغرامة 20 جنيهاً أو السجن شهراً( ). وقد أوضح الحزب الجمهوي موقفه من السيد شاهين، قائلاً: "فقد أعتاد هذا الفقيه الأجنبي الخطابة في المساجد والحوالي متعرضاً للحزب الجمهوري بصورة تهريجية، بينما يتجنب مواجهة الجمهوريين في محاضراتهم المفتوحة"( ). وأضاف الحزب، قائلاً: "الإدانة القانونية لهذا النزيل المصري إن هي إلا أبلغ دليل على التدخل المصري في السياسة السودانية، وانتهاك المصريين لدستور بلادنا وقوانينها وأعرافها"( ). كما بيّن الحزب الجمهوري المنطلق الذي ينطلق منه في مقاضاة السيد شاهين، قائلاً: لم يكن الحزب الجمهوري ينطلق في شكواه ضد هذا الفقيه المصري من ضغينة أو تشف، وإنما كان يريد أن يقرب إلى الأفهام واقع التدخل المصري( ).
كما درج مشايخ الأزهر المبتعثين للسودان الذين يعملون بجامعة أم درمان الإسلامية وبالمعاهد العلمية، على مساندة المحكمة الشرعية والمدعيين في محكمة الردة: الأمين داود وحسين محمد زكي، الأستاذين بجامعة أم درمان الإسلامية. وتمثلت المساندة في إقامة المحاضرات ونشر المقالات المساندة لهما في موقفهما، كما ظلوا يقرظون ما يكتبه المدعيان. وقد أوضحنا وفصلنا كل ذلك في كتابنا: الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والموقف، كما وردت الإِشارة إليه.

الكذب الصُراح وخُزَعْبِلاَت الشيخ محمد نجيب المطيعي رئيس قسم السنة وعلوم الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية

أود أن أعتذر أولاً عن ما سأورده من نصوص جاءت في كتاب الشيخ محمد نجيب المطيعي، موضوع دراستنا. ففي الواقع اشتمل كتاب المطيعي على الكثير من فاحش القول والبذاءات وأحاديث الإفك، ولهذا فإنني آثرت ألا آتي إلا بطرف يسير من نصوص المطيعي، وبالقدر الذي يبين كذبه الصُراح. فالكتاب عباره عن غثاثة. وحتى ما أوردناه ما كنا لنورده لولا أن هناك من الأئمة والفقهاء والقضاة، والأساتذة الجامعيين من أمثال الأستاذ الدكتور عارف الركابي، وغيره، ظلوا حتى تاريخ اليوم، يستشهدون بهذا الكتاب وبآراء الشيخ المطيعي في كتاباتهم وفي خطبهم في المساجد، وفي حلقات العلم، وفي المنابر الإعلامية. فضلاً عن قضاة وأساتذة جامعيين مثل الدكتور المكاشفي طه الكباشي، وغيره، درجوا على الاستدلال بهذا الكتاب، بل أخذوا بعض مباحثه وضمنوها كتبهم، التي هي من المراجع في الدراسات الإسلامية والشرعية، وفي دراسة المذاهب والفرق الإسلامية، خاصة فرقة الجمهوريين، كما درجوا على تسميتها. أكرر اعتذاري، وأذكر بأن التاريخ ليس استدعاء للماضي ودراسة له فحسب، وإنما هو أداة لإحداث التغيير، الأمر الذي يتطلب المواجهة للخُزَعْبِلاَت والغثاثة بإعمال الفكر والتشخيص العلمي وبالتزام الصدق والأخلاق التي هي المسؤولية عند محمود محمد طه.
قدم الشيخ الدكتور محمد نجيب المطيعي (1915- 1985) من مصر، وعاش في السودان، وشغل منصب رئيس قسم السنة وعلوم الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية، السودان. كان المطيعي قد انبرى منذ لحظة قدومه من مصر، لنقد الفكرة الجمهورية، والجمهوريين. وجاء نقده من خلال خطب الجمعة في مساجد الخرطوم، ودروس الجمعة بمسجد جامعة الخرطوم، والأحاديث التلفزيونية، وتقديم المحاضرات والندوات في الخرطوم وبعض مدن السودان. ثم ألف كتاباً بعنوان: حقيقة محمود محمد طه، أو الرسالة الكاذبة) (، ضمنه تقريراً عن الفكرة الجمهورية كان أعده، كما بيّن في صفحة (157) من كتابه، بطلب من مدير جامعة أم درمان الإسلامية، آنذاك، الدكتور محمد أحمد الحاج، في أغسطس 1983م، وسيرد التفصيل عن ذلك لاحقاً، وجاء التقرير بعنوان: "النبأ الأثيم أو الهوس اللا ديني الذميم".
مثَّلت آراء الشيخ المطيعي في نقده للفكرة الجمهورية، والتي جمعها في كتابه آنف الذكر، الحجة التي يعتد بها الكثير من الأئمة والفقهاء وأساتذة الجامعات، ويستخدمونها حتى تاريخ اليوم على منابر الإعلام وفي المساجد، كما سيرد التفصيل لاحقاً، دليلاً علمياً على ردة محمود محمد طه عن الإسلام، وعلى تكفير الجمهوريين. فإلى أي مدى كان الشيخ المطيعي ملتزماً بالأسس العلمية والورع الأخلاقي في كتابه؟
كتب الشيخ المطيعي في كتابه بأنه أخذ على محمود محمد طه، عشرة مآخذ. وعلى الرغم من أن مآخذ المطيعي لا تستحق حتى إعادة قراءتها ولكن لا مناص من ذكر بعضها، حتى يطلع الرأي العام السوداني والإسلامي والعالمي على مستوى أخلاق الشيخ العلامة خادم السنة النبوية ورئيس قسم السنة وعلوم الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية، وكشف كذبه الصُراح. كتب الشيخ المطيعي، قائلاً:

أخذت عليه دعوته إلى الحرية المطلقة،... مما جعل جميع المحيطين به من الشبان والشابات يشتركون مختلطين في توزيع المنشورات وبيع الكتيبات وعقد الاجتماعات والسفر كل فتاة مع فتى إلى الأقاليم النائية وقطع المسافات في فيافي السودان وقفاره بين فتاة بضة ناهد شبه عارية في ملبسها حيث نزعن الثوب السوداني الجميل واستبدلن به الميني والميكرو والكات وما إلى ذلك من مهيجات قرم الشهوة عند الشاب

إن قول المطيعي أعلاه، لهو كذب صُراح، وجهل بالسودان وأهله، ونقد للجمهوريين والجمهوريات بسقف معرفي خفيض، وبلا ورع علمي أو وازع أخلاقي. لأن أشد الناس معارضة للجمهوريين من أهل السودان، وهم أكثر معرفة وقرباً بالجمهوريين، من المطيعي، لم يقل أحد منهم بأن الجمهوريات تركن الثوب ولبسن الميني والميكرو والكات. هذا كذب لا يليق بساحات السجال الفكري والنقد العلمي. وفي واقع الأمر هذا نوع من النقد يستند على تصورات الشيخ المطيعي وخياله وبيئته أكثر من استناده على واقع السودان وقتئذٍ. فالميني والميكرو والكات من أوهام المطيعي وانشغالات خياله أكثر من كونها واقعاً وحقائق في الشارع السوداني، هذا عبث وفوضى في دنيا الفكر وإحقاق الحق من علماء ظلوا أوصيا ء على عقول الناس، وعملوا رؤساء لأقسام بالجامعات. فمن المعروف في السودان، وحتى لدى المعارضين للفكرة الجمهورية، بأنه لو كان هناك تعريفٌ للمرأة الجمهورية لكان هو إنها: امرأة تلبس الثوب السوداني الأبيض وتحمل الكتب وتوزعها في الطرقات. وقد شهد بذلك وكتبه الكثير من المثقفين السوانيين وغير السودانيين، ويمكن الوقوف على بعض النماذج مما كتب ضمن كتابنا: صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون: ق راءة في المواقف وتزوي التاريخ، دار رؤية للنشر، القاهرة، 2013م. وللأسف الشديد أن هذا الكذب الصُراح جاء من رجل يلقب بالشيخ في ساحة الإسلام، ويحمل درجة الدكتوراه في المجال الأكاديمي، وقد عرَّف نفسه بنفسِه في صفحة (157) من كتابه آنف الذكر، وهو يتحدث عن نص التقرير الذي طلبه منه مدير جامعة أم درمان الإسلامية، فكتب في صدره، قائلاً:

نص التقرير الذي طلبه مني مدير جامعة أمدرمان الإسلامية: نقض لما ضلل به المهندس محمود طه (تاها) بعض حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام من أبناء الوطن الغالي الذين غدر بهم وزج بهم في طريق فيه صريح الخيانة والعمالة وخدمة مقاصد أعداء الإسلام والمتربصين به. بقلم رجل هزه هزاً عنيفاً حتى أوصله إلى نهايته ولله الحمد والمنة هو: "محمد نجيب المطيعي خادم السنة بالإجازات المتصلة والأسانيد العالية ورئيس قسم السنة وعلوم الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية في السودان، وصاحب تكمله المجموع شرح المهذب أكبر المطولات الفقهية في الإسلام.

هنا يطلق المطيعي الأحكام بلا سند ودليل، ولم ينسى مدح نفسه والمفاخره والتضخيم للذات. كما أن الإجازات المتصلة والأسانيد العالية والمعارف، لم تمنعه من الكذب، فما قيمة الأسانيد والمعارف. إن المعارف، كما يقول محمود محمد طه، إذا لم تتحول إلى سلوك فلا قيمة ولا معنى لها.
ويتابع المطيعي مآخذه العشرة، قائلاً:

"وإذا ذهب [محمود محمد طه] إلى مكان ليلقي فيه ما يسميه محاضرة ليقيء في آذان الناس ضلالاته وخياناته وعمالته، وتصدى أحد للرد عليه ممن أوتوا بعض المعرفة ممن يرون الباطل يتجسد في كل حرف يقذف من لهاته، إذا بمجموعة مسلحة بالعصي والخناجر من الصعاليك والأوباش الذين يتبعوه، ولعلهم يأخذون ويأخذن نظير تفرغهم وتفرغهن أجوراً لنصرته والاعتداء على من يكابره أو يقاطعه عندما يشعر المسلم أن السيل بلغ الزبى وأن الزندقة طف صاعها حتى ما يطاق السكون عليها( )".

هذا حديث إفك وكذب وافتراء. فالحديث عن مجموعة مسلحة بالعصي والخناجر من الصعاليك والأوباش الذين يتبعون محمود محمد طه، غير صحيح البتة، ولم يقل به ألد أعداء الجمهوريين، ولا يخرج به من قرأ كتب محمود محمد طه ودرس فكره وتعرف على حياته وسيرته قبل الدخول في نقده. فالمنطلقات الفكرية للجمهوريين، كما أن سلوكهم أثناء نشاطهم في المنابر العامة يؤكد عكس ما ذهب إليه الشيخ المطيعي. فالذين شهدوا المحاضرات العامة لمحمود محمد طه، ونشاط الجمهوريون في الندوات في المدن، وأركان النقاش في الجامعات والطرقات العامة، لا يقولون بما قال به الشيخ المطيعي، ومنهم من كتب عن ذلك وهم يعيشون بيننا اليوم. فالاعتداء على الآخرين أمر لا وجود له عند الجمهوريين، بل كانت القاعدة حينما يتم الإعداء عليهم، وكثيراً ما حدث ذلك، أن يتم تجريد المعتدي من سلاحه. ويمكن للدارس للفكر الجمهوري أن يدرك بأنه دعوة لإقامة السلام في النفوس وعلى الأرض، ومن أهم مرتكزاته الرفض التام للعنف وبكل أشكاله، بل حتى العنف الذي يجري في الخاطر حيث تبدأ الخطيئة، فينطلق بها اللسـان، ومن ثم تبرز إلى حيز العمل، فهم في ذلك مطالبون بتصفية الخاطر، دعك من العنف الجسدي واللفظي. والعنف عند الجمهوريين مرفوض سواء على المستوى الفردي أو مستوى الرأي العام. فما لا يعرفه الشيخ المطيعي أن محمود محمد طه يدعو إلى بناء الرأي العام السمح باعتباره العنصر الرابع لقيام المجتمع الصالح. والرأي العام السمح عنده هو الذي لا يضيق بأنماط السلوك المختلفة، لدى النماذج البشرية المتباينة، ما دام هذا السلوك لا يعود إلا بالخير والبركة على المجتمع. وهو يرى بأن الرأي العام يمكن أن يصدر حكمه على أي سلوك لا يوافق عليه، ولكن يجب تجنب العنف في إحداث أي تغيير في ذلك، فإن العنف لا يبعث إلا إحدى خصلتين: إما العنف ممن يطيقون المقاومة، أو النفاق من العاجزين عنها، وليس في أيهما خير( ).
نكتفي بهذا القدر من النماذج من كتاب الشيخ المطيعي، فهناك نماذج غثة وبذيئة، نترفع عن الإتيان بها. وقد أردنا مما أوردنا أن نبين للرأي العام السوداني والإسلامي مستوى الشيخ المطيعي علمياً وأخلاقياً. والحق أن مثل الشيخ المطيعي ما كان يجب أن يكون أستاذاً بجامعة أم درمان الإسلامية، دعك من رئيس قسم السنة وعلوم الحديث، فهو رجل، من خلال ما وقفنا عليه، بعيد عن الأخلاق النبوية، وبعيد كذلك عن الصدق والالتزام بالشروط العلمية في كتاباته وأحاديثه. وعن غير الصادقين من أمثال الشيخ المطيعي كان محمود محمد طه قد قال: "إننا لا نلوم الفقهاء في عدم الفهم ولكننا نلومهم في عدم الصدق"( ).

أثر المطيعي وحضوره في مخيلة بعض الأئمة والقضاة والأساتذة الجامعيين

على الرغم مما ينضح به كتاب المطيعي من جهل بالفكر الجمهوري، وكذب صُراح في حق الجمهوريين، على النحو الذي بينا، إلا أن الكتاب ظل حاضراً في مخيلة بعض الفقهاء والأئمة والأساتذة الجامعيين. وظل هؤلاء من المعارضين للفكر الجمهوري ومن المدعين لنقده، دون الوفاء باستحقاق النقد، حيث البحث والتنقيب والتمحيص. والأمثلة على ذلك كثيرة، ولكننا نكتفي باثنين منها على سبيل المثال، لا الحصر، وهما:

  1. رسالة دكتوراه شوقي بشير عبد المجيد. مثَّل المطيعي وكتاباته مرجعاً أساسياً لرسالة شوقي للدكتوراه التي تمت إجازتها، بغير حق، في جامعة أم القرى، وسيرد الحديث عنها فيما بعد.

  2. استشهاد الأستاذ الدكتور عارف بن عوض الركابي بكتاب المطيعي في التدليل على تكفير محمود محمد طه والجمهوريين: ظل يستشهد الركابي بكتاب الشيخ الدكتور محمد نجيب المطيعي في خطبه ومحاضرته وكتاباته، باعتباره من الكتب التي ألفت في الردود على فكر محمود محمد طه وكفرته. فقد نشر الركابي مقالاً بعنوان: "بين (المطيعي) و(محمود محمد طه)"، في صحيفة الصيحة( )، في أكتوبر 2019م، كما تحدث في سلسلة محاضرات نظمها خلال شهر يونيو 2020، بأن الشيخ المطيعي، هو عالم مصري، أكمل شرح المجموع للنووي، وأقام في السودان، وعمل أستاذاً في جامعة أم درمان الإسلامية، ألف كتاباً بعنوان: حقيقة محمود محمد طه، أو الرسالة الكاذبة، وأضاف الركابي بأن المطيعي قد بين ردة محمود محمد طه عن الإسلام، وحذر منه( ). وفي الواقع لم يبين الشيخ المطيعي في كتابه سوى الأباطيل والكذب الصُراح.

ما جاء به الشيخ المطيعي من اتهامات في كتابه تعرضه لإقامة حد القذف ليجلد في ميدان عام

إن ما جاء به الشيخ المطيعي من اتهامات، باطلة ومنافية للواقع والحق والأخلاق والمروءة، في كتابه، تعرضه لإقامة حد القذف عليه، ليجلد الشيخ المطيعي في ميدان عام وسط الخرطوم.

طعن علمي وأخلاقي في مؤهلات وخدمة بروفيسور بجامعة أم درمان الإسلامية

يتعلق هذا الطعن بمؤهلات البروفيسور شوقي بشير عبد المجيد وخدمته الجامعية. ويتصل الطعن برسالة كنا قد بعثنا بها إلى معالي رئيس جامعة أم القرى، بمكة المكرمة، (مرفق نسخة) حيث نال الطالب، وهو مبتعث من جامعة أم درمان الإسلامية، درجة الدكتوراه، بغير حق، في موضوع كان عنوانه: فرقة الجمهوريين بالسودان وموقف الإسلام منها. وقد طالبنا رئيس الجامعة بتبرؤ جامعة أم القرى من رسالة الدكتوراه، وسحبها من الطالب، والاعتذار عنها.
بناء على ذلك، واستناداً على ملف خدمة الطالب شوقي بشير عبد المجيد الذي أصبح أستاذاً جامعياً، ثم صار عميداً لكلية الدراسات العليا بجامعة أم درمان الإسلامية، فإننا نطالب سعادتكم بمراجعة مؤهلاته، وإصدار قرار بمصير مؤهلاته وخدمته الجامعية مع إشراك الشعب عبر الإعلان عن القرار، الأمر الذي يساهم في ترسيخ الشفافية، ويصب في فكرنة الثورة. خاصة وأن أثر خدمة البروفيسور شوقي بشير عبد المجيد لا يقف عند رسالته للدكتوراه، التي كانت مفارقة لأسس البحث العلمي والقواعد الأكاديمية، ولا يقف كذلك عند نشر الجهل وتسييل الخرافة وبث العبث في الفضاء السوداني والإسلامي، فحسب، وإنما أشرف على رسائل جامعية بعضها تناول الفكر الجمهوري، ومنها على سبيل المثال، لا الحصر، رسالة ماجستير بعنوان: نقض نظرية الإنسان الكامل عند الجمهوريين) (، إعداد الطالب: الباقر عمر السيد. والذي يعمل اليوم أستاذاً بجامعة بحري، الخرطوم، السودان.

دور رابطة العالم الإسلامي في تكييف المزاج الديني في السودان جامعة أم درمان الإسلامية مطية رابطة العالم الإسلامي في عدائيها للجمهوريين

في إطار حملة كبيرة ضد الفكر الجمهوري والإخوان الجمهوريين قام بها تحالف إسلامي عريض، تناولنا قوامه وفصلنا مؤامراته في كتابنا آنف الذكر، طلب الشيخ محمد علي الحركان الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي (1976- 1983) من مدير جامعة أم درمان الإسلامية الدكتور محمد أحمد الحاج أن يستكتب أساتذة جامعة أم درمان الإسلامية ليعدوا كتاباً عن فرقة الجمهوريين. استجاب الدكتور محمد أحمد الحاج، وأعلنت الدعوة للاستكتاب وكتبت المقالات، وكان من بين مما كتب، المقالات الآتية( ):

المقالة الأولى: "الحركة الجمهورية وصلتها بالحركات الباطنية في القديم والحديث، للأستاذ الدكتور محمد أحمد الحاج، مدير سابق لجامعة أم درمان الإسلامية.
المقالة الثانية: "الإسلام دين وشريعة كل لا يتجزأ"، للأستاذ الدكتور محمد محي الدين عوض، مصري الجنسية، أستاذ الفقه المقارن بجامعة أم درمان الإسلامية.
المقالة الثالثة: "النبأ الأثيم أو الهوس اللا ديني الذميم"، للشيخ محمد نجيب المطيعي. مصري الجنسية، عمل رئيساً لقسم السنة وعلوم الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية.
المقالة الرابعة: "لماذا دعوة إسلامية جديدة تبشر برسالة ثانية من الإسلام"، الأستاذ الدكتور كمال دسوقي. مصري الجنسية، أستاذ اجتماع وعلم نفس وصحة عقلية، رئيس قسم التربية بجامعة أم درمان الإسلامية.
المقالة الخامسة: "انهيار الفكر الجمهوري المناوئ للشريعة الإسلامية الغراء" للدكتور محمد شتا أبو سعد. أستاذ مساعد للقانون المدني بجامعة أم درمان الإسلامية، ومستشار بالمحاكم المصرية سابقاً.

لم يكن هذا هو التدخل الوحيد من قبل رابطة العالم الإسلامي، فقد قامت الرابطة بعمل كبير ومستمر ضد الفكر الجمهوري، وكان هناك تنسيق كبير بينها وبين جامعة أم درمان الإسلامية. فبالإضافة للفتوى التي أصدرها المجلس التأسيسي للرابطة عام 1975 بردة محمود محمد طه عن الإسلام، كانت الرابطة ترسل العلماء من السعودية ليقدموا المحاضرات في مدن السودان المختلفة. كما عملت على تمويل إعداد الكتب والمقالات التي تعارض الفكر الجمهوري، ونشرها. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، مولت الرابطة كتاباً لشوقي بشير عبد المجيد ( )، وقد بينا كل ذلك في رسالة (مرفق نسخة) قمنا بتوجيهها لمعالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وكان موضوعها:

الحكم الذي أصدره المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي على الداعية والمفكر السوداني والإنساني محمود محمد طه بالردة عن الإسلام في 5 ربيع أول 1395/ [18 مارس 1975] والأثر المتراكم لذلك الحكم في تغذية مناخ التطرف والإرهاب في الفضاء الإسلامي والتهديد المستمر للأمن والسلام في السودان والعالم

وقد دعونا معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، أمام إعلانه للرؤية الجديدة للرابطة، بأنها ستكون رؤية مستنيرة لقيادة "الاعتدال" و"عصرنة" الخطاب الديني، وتنطلق من تعزيز مفاهيم وسطية الإسلام ونشر قيم التسامح والمحبة والإخاء، والتأكيد على دور العلماء في ترسيخ تلك القيم المترسخة في وعي الاعتدال الإسلامي ومحاربة الغلو والتطرف، فإننا دعونا معاليه إلى أن تبدأ الرابطة بمحاربة الغلو والتطرف بتنظيف سجلها. فهو سجل ينطوي على هوس وفتنة قوامها فتوى بالردة عن الإسلام مر على صدورها ما يقارب نصف القرن من الزمان. ولهذا طالبنا معاليه أن يحوَّل أقواله إلى أفعال بإعادة النظر في فتوى رابطة العالم الإسلامي، والاعتذار، نيابة عن الرابطة، إلى شعوب السودان والإسلام وللإنسانية جمعاء عن الفتوى وعن الأثر الخطير الذي تركته.

أكتفي بهذا القدر، وإلا فهناك الكثير الكثير مما يمكن إيراده لتبيين دور جامعة أم درمان الإسلامية والبرهان على مفارقتها لأخلاقيات البحث العلمي، في عدائها ومواقفها غير العلمية والأخلاقية من الفكر الجمهوري والإخوان الجمهوريين.

قبل الختام، أود أن ألفت انتباه سعادتكم إلى أنني أسعى من خلال البحث العلمي، والذي حملت هذه الرسالة طرفاً من خلاصاته، إلى الاسهام في أنسنة الحياة بتوسيع الشراكة مع الشعب في اطلاعه على الخلاصات والنتائج، والكشف عن المؤامرات التي تمت بتوظيف البحث العلمي ومؤسساته في نشر الجهل والتضليل والعداء، بلا حق، تجاه مشروع الفهم الجديد للإسلام، وصاحبه محمود محمد طه. واليوم وبالحق نسعى لتمليك الشعب تفاصيل هذه المؤامرات بالأدلة والبراهين، مع التأكيد، عبر البحث العلمي والتقصي الدقيق، على أن إعلان ردة محمود محمد طه عن الإسلام، والذي تم بتحالف إسلامي عريض، قوامه العلماء والفقهاء والمؤسسات الإسلامية، داخل السودان وخارجه، وقد بينا ذلك في كتبنا آنفة الذكر، لم يكن سوى إعلان لجهلهم الشنيع. وفي هذا كان محمود محمد طه قد كتب يوم الثلاثاء 19 نوفمبر 1968، قائلاً: "وأما إعلانكم ردتي عن الإسلام فما أعلنتم به غير جهلكم الشنيع بالإسلام، وسيرى الشعب ذلك مفصلاً في حينه"( ). هذه الرسالة، ومعها ثلاث رسائل كنا قد شيّعناها من قبل إلى الأزهر (21 يوليو 2020)، ورابطة العالم الإسلامي (28 يوليو 2020)، وجامعة أم القرى (4 أغسطس 2020)، كلها تصب في ذلك التفصيل الذي سيراه الشعب في حينه، كما قال محمود محمد طه.
ولمّا كان مشروع الفهم الجديد للإسلام مشروعاً كوكبياً، أهداه محمود محمد طه إلى الإنسانية، وبما أن مؤامرات رجال الدين والعلماء والفقهاء وخدمة جامعة أم ردمان الإسلامية، التي كشفنا عن أمرها، كانت عابرة للزمان والجغرافية والأجيال، وحيث أن ثورة ديسمبر المجيدة كانت تتسم بالكوكبية وهي "تلهم أفريقيا والعالم"، كما وصفها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحيث أن الثورة قدمت نموذجاً نادر المثيل في السلمية، كما وصفتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قائلة: "إن شجاعة السودانيات والسودانيين في الدفاع سلمياً عن حقوقهم ورؤيتهم الديمقراطية أثارت إعجابي بشدة"، وبما أن الثورة بعثت برواية أن "الشعب السوداني معلم الشعوب"، كما وصفه بعض الصحفيين اللبنانيين عام 1964عندما اندلعت ثورة أكتوبر السودانية) (، فإنني أسعى من خلال هذه الرسائل إلى إشعال الثورة الكوكبية، ولهذا؛ فقد أشركت في هذه الرسالة قائمة من الشركاء الدوليين والإقليميين والمحليين، نحو (400) من المؤسسات والمنظمات والتجمعات، ونحو (2500) من الباحثات والباحثين والناشطات والناشطين والمتخصصات والمتخصصين من المعنيين بتنمية الوعي وخدمة التنوير، وحرية الفكر وحقوق الإنسان وكرامته ومناهضة التكفير والإرهاب وبناء السلام العالمي، فضلاً عن نشرها كرسالة مفتوحة.
ختاماً إنني أجدد دعوتي لسعادتكم لاغتنام هذه الفرصة، للعمل على تحرير فضاء جامعة أم درمان الإسلامية وبيئتها، بتنظيف أرشيفها من إرث أصحاب الجهالات والكذب الصُراح، وتحرير ميدان البحث فيها من المراجع والمصادر التي تنطوي على الخُزَعْبِلاَت والأباطيل التي بثها بعض أساتذة الجامعة في فضاء السودان والعالم الإسلامي، لا سيما الشيخ محمد نجيب المطيعي رئيس قسم السنة وعلوم الحديث، وقد كشفنا عنها، وكذلك مراجعة مؤهلات البروفيسور شوقي بشير عبد المجيد وملف خدمته الجامعية، فضلاً عن تطهير سجل الجامعة التكفيري الذي تأذي منه الكثيرون، ولوثت به المزاج الديني في السودان، وسممت به الفضاء الفكري. ومن ثم تقديم اعتذار نيابة عن جامعة أم ردمان الإسلامية إلى شعوب السودان والإسلام وللإنسانية جمعاء. وبهذا تكون قد أسهمت في تطهير الأرض، وتحرير العقول، وتنقية سوح الفكر في السودان وفي العالم الإسلامي، وأسهمت كذلك، في فكرنة ثورة ديسمبر المجيدة، وعلمت من أجل بناء السلام في السودان والعالم.


وتفضلوا سعادتكم بقبول فائق التقدير ووافر الاحترام،،،


عبدالله الفكي البشير
باحث وكاتب سوداني
دكتوراه فلسفة التاريخ، جامعة الخرطوم، السودان
مدينة كالجاري، ألبرتا، كندا
بريد إليكتروني: abdallaelbashir6@gmail.com


الهوامش (ثبت المصادر والمراجع)

( ) "النشأة"، من موقع جامعة أم درمان الإسلامية على الإنترنت، استرجاع 4 أغسطس 2020، الرابط: https://oiu.edu.sd/pages/21443
( ) الأمين محمد المحيسي، "المعهد بين الماضي والحاضر من سنة 1912م- إلى 1957م"، مجلة معهد أم درمان، مشيخة السودان العلمية، العدد الأول، جمادي الأول 1377هـ/ ديسمبر 1957، ص 35 ؛ المعتصم أحمد الحاج، أزهر السودان: المعهد العلمي بأم درمان تاريخه وتطوره (1912-1965)، ط1، مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية، جامعة أم درمان الأهلية، أم درمان، 2007، ص 35.
( ) أحمد البشير الطيب هاشم، "نبذة من تاريخ صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ أبي القاسم أحمد هاشم مؤسس ورئيس المعهد العلمي بأم درمان وشيخ علماء السودان سابقاً"، مجلة معهد أم درمان، مشيخة السودان العلمية، العدد الخامس، رجب 1381هـ/ ديسمبر 1961م، ص 35.
( ) محمد الخليفة الهادي، "إدارة المعهد قديماً وحديثاً"، مجلة معهد أم درمان، العدد الثاني، 1958، ص 63؛ المعتصم أحمد الحاج، مرجع سابق، ص 100.
( ) التيجاني يوسف بشير، "المعهد العلمي"، (قصيدة)، إشراقة، (ديوان شعر)، ط1، الدار السودانية للكتب، 2010م، ص 106-107.
( ) الأمين داؤد، نقض مفتريات محمود محمد طه وبيان موقف القضاء منه، ط2، المطبعة الحكومية الخرطوم، ص 84، دار الوثائق القومية، الرمز MISC 1358/86/1، الخرطوم، ص 75.
( ) "بيان من إدارة المعهد العلمي عن فصل الطلاب الثلاثة من المعهد"، البحث والمناظرة، صحيفة السودان الجديد، العدد: (3909)، 28 /1/ 1960. جاء في البيان أن مشيخة المعهد قد أصرت على فصل الطلاب الثلاثة. كان اثنان منهم من الذين التحقوا بمعهد أم درمان هذا العام في السنة الأولى بقسم الشريعة من طلاب المعاهد الحاصلين على الشهادة الأهلية وهما: 1. إبراهيم يوسف فضل الله، من معهد مدني ومن بلدة سعادة من ضواحي مدني. 2. محمد خير علي محيسي، من معهد النهود التحق به بعد أن درس إلى السنة السابعة بمعهد مدني وهو من أهالي تنقسي. أما الطالب الثالث فقد التحق بالمعهد في نفس العام في السنة الأولى بالقسم الثانوي من طلاب العاصمة الحاصلين على الشهادة الابتدائية وهو: أحمد عبد الرحمن العجب من معهد عبدالمنعم ومن بلدة اللعوتة القضيضيم مركز مدني.
( ) المصدر نفسه.
( ) محمود محمد طه، "محمود محمد طه يرد على بيان مشيخة المعهد العلمي"، البحث والمناظرة، السودان الجديد، العدد رقم: (3911)، 31 يناير 1960.
( ) "بيان من الطلبة المفصولين من المعهد العلمي"، صحيفة السودان الجديد، العدد رقم: (3916)، 5 فبراير 1960.
( ) "إعلان عن محاضرة بعنوان: اشتراكية القرآن"، صحيفة الصراحة، 10 سبتمبر 1952؛ عبدالله رجب، "الاشتراكية الجمهورية"، صحيفة الصراحة، 16 سبتمبر 1952
( ) محمود محمد طه، "مستقبل الثقافة العربية في السودان: المدلول الحديث للثقافة والوسائل إليها- مهداة إلى طلبة وأساتذة المعهد العلمي بامدرمان"، صحيفة أنباء السودان، العدد رقم: (164)، 18 أكتوبر 1958؛ محمود محمد طه، الكتاب الثاني من سلسلة رسائل ومقالات، ط1، أم درمان، 1973.
( ) خلف الله الرشيد، "مولانا خلف الله الرشيد في مراجعة قانونية ودستورية مع «الأهرام اليوم» (2- 2)"، (حوار)، أجرى الحوار الطيب محمد خير، صحيفة الأهرام اليوم، الحلقة الثانية، الأحد 19 ديسمبر 2010. كانت الحلقة الأولى قد نُشرت في يوم السبت 18 ديسمبر 2010م، الخرطوم.
( ) "السودان يلغي قانون الردة وحظر الخمر لغير المسلمين"، من موقع إذاعة بي بي سي العربية على الإنترنت، استرجاع 13 أغسطس 2020، الرابط: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-53381142.
( ) رابطة الفكر الجمهوري، "الحزب الجمهوري- البيان نمرة (19): أوقفوا المخطط المصري لغزو السودان"، 18 مارس 1969، دار الوثائق القومية، مجموعة الأحزاب السودانية: 2/1/20، الخرطوم.
( ) الحزب الجمهوري، "الحزب الجمهوري البيان نمرة (17): تدخل علماء الفقه المصريين في السياسة السودانية"، مصدر سابق.
( ) رابطة الفكر الجمهوري، "الحزب الجمهوري- البيان نمرة (19): أوقفوا المخطط المصري لغزو السودان"، مصدر سابق.
( ) "الحزب الجمهوري يقاضي شاهين وداود جنائياً بتهمة الكذب الضار وإشانة السُمعة"، صحيفة الأيام، 28 نوفمبر 1968.
( ) المصدر نفسه.
( ) "أخبار الحزب الجمهوري"، مجلة الجمهورية، مجلة الحزب الجمهوري الداخلية، العدد الأول، 17 أبريل 1969، ص 6.
( ) المصدر نفسه.
( ) المصدر نفسه.
( ) محمد نجيب المطيعي، حقيقة محمود محمد طه أو الرسالة الكاذبة، ط1، 1986م، (د. م. ن).
( ) محمد نجيب المطيعي، مرجع سابق، ص 17- 18.
( ) محمد نجيب المطيعي، مرجع سابق، ص 18.
( ) محمود محمد طه، الرسالة الثانية من الإسلام، ط1، أم درمان، 1967، ص 173- 174.
( ) محمود محمد طه، بيننا وبين محكمة الردة، ط1، أم درمان، 1968، ص 32.
( ) عارف الركابي، "بين (المطيعي) و(محمود محمد طه)"، صحيفة الصيحة على الإنترنت، 22 أكتوبر 2019، الاسترجاع 6 أغسطس 2020، الرابط: www.assayha.net/now/18977/?random-post=1
( ) عارف بن عوض الركابي، "سلسلة محاضرات: بيان حقيقة محمود محمد طه وفكره الجمهوري: على ماذا اعتمد من حكموا على مؤسس الحزب الجمهوري بالكفر والردة عن الإسلام؟"، (المحاضرة الأولى)، الأربعاء 10 يونيو 2020، استرجاع 20 يوليو 2020، الرابط على اليوتيوب https://www.youtube.com/watch?v=W8kdjqi8ds8؛ عارف الركابي، "سلسلة محاضرات: بيان حقيقة محمود محمد طه وفكره الجمهوري"، (المحاضرة الثانية)، الخميس 10 يونيو 2020، استرجاع 20 يوليو 2020، الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=kcdNUf0c7RY ؛ عارف الركابي، "سلسلة محاضرات: بيان حقيقة محمود محمد طه وفكره الجمهوري"، (المحاضرة الثالثة)، الجمعة 11 يونيو 2020، استرجاع 20 يوليو 2020، الرابط: www.youtube.com/watch?v=JOCbWIEgwXY
( ) الباقر عمر السيد، نقض نظرية الإنسان الكامل عند الجمهوريين، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير (1414هـ/ 1415هـ- 1993/ 1994)، إشراف الدكتور شوقي بشير عبد المجيد، قسم الدراسات العليا، كلية أصول الدين، جامعة أم درمان الإسلامية، أم درمان، السودان.
( ) للمزيد أنظر: عبدالله الفكي البشري، صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، دار رؤية للنشر، القاهرة، 2013؛ عبدالله الفكي البشير، الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، مرجع سابق.
( ) للمزيد أنظر المرجع السابق.
( ) محمود محمد طه، "بيان نمرة (1)، مهزلة القضاة الشرعيين، دار الوثائق القومية، أحزاب سودانية: 112/41، الخرطوم.
( ) للمزيد عن ثورة ديسمبر المجيدة، أنظر: عبدالله الفكي البشير، السودان: الإرث الثوري لدولة ما بعد الاستقلال (إضاءة على ثورة 19 ديسمبر 2018)، مجلة كتابات سودانية، مركز الدراسات السودانية، العدد رقم: 58- أكتوبر/ نوفمبر 2019م؛ وفي موقع مركز الدراسات السودانية على الإنترنت: https://ssc-sudan.org