متاهات لذة العدالة الجنائية الدولية وعلقمها

ابوبكر آدم - 19-06-2020
متاهات لذة العدالة الجنائية الدولية وعلقمها | ابوبكر آدم

بقدر الارتياح الذي سرى نسمة لطيفة في أفئدة الضحايا المتعطشين للعدالة عند "مثول" علي كوشيب أمام المحكمة الجنائية الدولية يوم 15 يونيو من هذا العام , سرت, في نفس الآن, غيمة حزن داكنة فوق سماء افئدة كثيرة تتعطش للقصاص ممن يعلمون يقينا بأنهم من تسبب في آلامهم بالتعذيب والابعاد القسري وقتل ابائهم وابنائهم وغيرهم من الاهل والجيران وحرق قراهم.

افهم كقانوني , ولكني احس لدرجة الغليان كضحية , شعور الضحايا واهلهم والمدافعين عن العدالة ,من نشطاء وغيرهم, وتذمرهم من المعاملة التي يحظى بها كوشيب أو "السيد عبدالرحمن" في المحكمة الجنائية الدولية . وافهم ايضا بان للعدالة تقاليد تحافظ على حق المدعي وحق المتهم في نفس الآن بل أؤمن جدا بمبدأ أن "المشتبه به" برئ حتى تثبت إدانته لانه حسب قانون واجراءات الجنائية "السيد عبدالرحمن" مشتبه به (suspect) ولن يتحول الي متهم الا بعد اقرار المحكمة التمهيدة تهم المدعية العامة ليتحول الي متهم (accused) ابتدأءا من الجلسة القادة في ديسمبر من هذا العام.

انا مقتنع بكل ذلك وملتزم به مهنيا واخلاقيا ولكن (بتعبير النور عثمان ابكر):

الغلو في العدل غلو في الظلم…

.او كما يقول قدماء الفرنجة: summum jus, summa injuria وهذا لا لعيب في القانون الدولي وميثاق روما أو لعيب في قانون الإجراءات المكمل للاخير ولكن لأسباب موضوعية ترسم ابتسامات خبث في شفاه عتاة المجرمين الذين يخبرهم محامون مدفوعي الأجر من قبل المحكمة عن الثغرات الفنية التي مكنت مجرمين مثلهم من الإفلات من العقاب وامكانية استثمارها لصالحهم.

ولذا لن أمل من التعبئة داخليا ودوليا والمطالبة بتفعيل المادة الثالثة من ميثاق روما والتي تسمح بانعقاد المحكمة الجنائية الدولية خارج لاهاي ( في الخرطوم أوانجمينا أو القاهرة أو أية بقعة مجاورة) تمكننا من توفير أكبر عدد من الشهود والضحايا ودعم منظمات المجتمع المدني لتوفير البينة التي تضمن ادانة كوشيب وغيره من المجرمين في محاكمات عادلة وفقا لقانون روما والإجراءات المتبعة في المحكمة الجنائية الدولية. لأسباب مادية وسياسية يستحيل أن نتمكن من ضمان الاستماع لشهادات كل الضحايا في لاهاي مهما عملنا.. ولنا من السوابق القضائية للجنائية الدولية عبر. ولذا ندعو لتحقيق العدالة لا لتدعيم ثقافة قانونية قائمة على Tick-box culture

وفي نفس السياق, لن أمل من دعم مطلب رابطة القانونيين والمحامين السودانيين في بريطانيا في دفع حكومة السودان لتحريك الفقرة الثالثة من المادة 12 من ميثاق روما التي تمنح الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في ومحاكمة المجرمين الذين قتلوا الثوار خارج ولايات دارفور, المحكومة حصريا بالقرار 1593 الذي منح المحكمة ولاية قضائية فيها.(انظر بوستي حول هذه النقطة)

ما لم أتوسد طيب ثري الشهداء وضحايا الانتهاكات الجسيمة في السودان, سأظل,وغيري كثر, نهتف: حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب.