السجل التاريخي لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف العدائي تجاه المفكر السوداني والإنساني محمود محمد طه

عبدالله الفكي البشير - 21-08-2020

الأستاذات والأساتيذ الأجلاء

تحية طيبة وبعد،،،

الموضوع: رسالة إلى سعادة وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بشأن السجل التاريخي لوزارة الشؤون الدينية العدائي تجاه المفكر السوداني والإنساني محمود محمد طه ودورها غير الأخلاقي في التضليل وتغذية مناخ الهوس والتكفير في الفضاء السوداني والإسلامي

في إطار الشراكة في سبيل تنمية الوعي وخدمة التنوير، والعمل من أجل الدفاع عن الحرية وكرامة الإنسان ومواجهة الإرهاب والتكفير والإسهام في بناء السلام المحلي والعالمي، اسمحوا لي أرفق لكم نسخة من رسالة قمت بتوجيهها إلى سعادة وزير الشؤون الدينية والأوقاف، السودان، بشأن الموضوع أعلاه.

ولقد أشرت لسعادته في متن الرسالة بأنني سأشرك فيها قائمة طويلة من الشركاء الدوليين والإقليميين والسودانيين، نحو (400)، من المؤسسات والمنظمات والتجمعات… إلخ، وحوالي (2500) من المعنيين من الأستاذات والأساتيذ والباحثات والباحثين والناشطات والناشطين من مختلف أنحاء العالم، فضلاً عن نشرها كرسالة مفتوحة.
ويقيني أن القضية تمثل هماً إنسانياً مشتركاً، ينتظر منا جميعاً التفاعل والتعاطي والتجاوب..
كما يسعدني توسيع النشر لهذه الرسالة سواء من خلال دوائركم وشبكات تواصلكم، أو بنشرها في الوسائل الإعلامية ووسائط التواصل المختلفة.

ملاحظة: تأتي هذه الرسالة إثر أربع رسائل سابقة كنا قد شيعناها، الأولى منها، إلى فضيلة شيخ الأزهر في 21 يوليو الجاري، بشأن تكفير الأزهر للداعية والمفكر السوداني الإنساني محمود محمد طه في العام 1972، ويمكن الاطلاع على الرسالة في هذا الرابط:
رسالة مفتوحة الى فضيلة شيخ الأزهر
والثانية إلى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي في 28 يوليو الجاري، بشأن تكفير الرابطة للداعية والمفكر السوداني الإنساني محمود محمد طه في العام 1975، ويمكن الاطلاع على الرسالة في هذا الرابط:
رسالة إلى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي
والثالثة إلى معالي رئيس جامعة أم القرى، بمكة المكرمة، في 4 أغسطس 2020، بشأن طعن علمي وأخلاقي في رسالة دكتوراه تمت إجازتها في جامعة أم القرى بعنوان: فرقة الجمهوريين بالسودان وموقف الإسلام منها، في العام 1983-1984، بسبب مفارقتها للمبادئ الأكاديمية ومخالفتها لقواعد البحث العلمي، ويمكن الاطلاع على الرسالة في هذا الرابط:
رسالة لجامعة أم القرى
والرسالة الرابعة إلى سعادة مدير جامعة أم درمان الإسلامية، السودان، في 13 أغسطس 2020 بشأن دور الجامعة ومسؤوليتها تجاه التضليل وتغذية مناخ الهوس والتكفير في الفضاء السوداني والإسلامي من خلال مواقفها غير الأخلاقية وغير العلمية من الداعية والمفكر السوداني والإنساني محمود محمد طه.. ويمكن الاطلاع على الرسالة في هذا الرابط:
رسالة إلى سعادة مدير جامعة أم درمان الإسلامية
وتفضلوا بقبول فائق التقدير ووافر الاحترام ،،،

رسالة مفتوحة إلى سعادة وزير الشؤون الدينية والأوقاف


التاريخ: الثلاثاء 18 أغسطس 2020م سعادة السيد/ نصر الدين مفرح المحترم
وزير الشؤون الدينية والأوقاف
وزارة الشؤون الدينية والأوقاف،
الخرطوم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

الموضــــــــــــوع: السجل التاريخي لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف العدائي تجاه المفكر السوداني والإنساني محمود محمد طه ودورها غير الأخلاقي في التضليل وتغذية مناخ الهوس والتكفير في الفضاء السوداني والإسلامي

انطلاقا من الواجب الثقافي والأخلاقي تجاه السودان وبناء السلام، وإيماناً منا بمبادئ ثورة ديسمبر المجيدة (ديسمبر 2018- أبريل 2019) التي اندلعت من أجل الحرية وكرامة الإنسان واستكمال استقلال السودان، وقناعة منا بدور المثقف في دعم الثورة وحمايتها، عبر العمل على تعميقها وفكرنتها من خلال البحث العلمي والإنتاج الفكري، فإنني أخاطبكم بهذه الرسالة بشأن الموضوع أعلاه، بوصفي باحثاً في شؤون السودان، وقضايا الفكر الإسلامي، خاصة مشروع الفهم الجديد للإسلام الذي طرحه المفكر السوداني الإنساني محمود محمد طه في مساء الجمعة 30 نوفمبر 1951، وهو عندي بمثابة مشروع بحثي مفتوح ومستمر. واستناداً على دراسة متأنية ورصد دقيق لمواقف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف من محمود محمد طه ومشروعه، والتي اتسمت بالعداء السافر، والمشاركة في مؤامرات محلية وخارجية، فضلاً عن القيام بأدوار غير أخلاقية، ولا تمت بصلة لمهامها الدستورية، كما سيرد التفصيل الموثق والمشفوع بالبراهين، فإنني أطالب سعادتكم بتطهير سجل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف العدائي والتكفيري، عبر التصحيح لتلك المواقف، كما سيرد تفصيلها في مواضعها من هذه الرسالة، ومن ثم تقديم اعتذار، نيابة عن الوزارة، إلى شعوب السودان والإسلام وللإنسانية جمعاء عن دورها في التضليل وتغذية مناخ الهوس والتكفير في الفضاء السوداني والإسلامي.
أود قبل إيراد البراهين والأدلة على ما ذهبنا إليه، من خلال خمسة محاور، التأكيد على المعاني والمرتكزات الآتية:

  1. إنني في هذه الرسالة لا أتحدث باسم جماعة، أو نيابة عن أحد، وإنما أتحدث بمسؤولية فردية، وتعبيراً عن رأي باحث مستقل، تكشفت له خيوط مؤامرات كبرى، كانت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف طرفاً فيها، وحتى أسهم في تعميق ثورة ديسمبر المجيدة وفكرنتها، اعتماداً على البحث العلمي وأخلاقياته، فإنني أسعى إلى كشف تلك المؤامرات أمامكم وبإشراك الجماهير.
  2. لا أسعى من خلال هذه الرسالة، وغيرها من الأعمال، إلى الانتصار لمحمود محمد طه، فهو ليس في حاجة للانتصار، ولكننا نتبرأ مما قام به الآباء والجدود عبر العمل على تمليك الشعب السوداني المعلومات التي تنقصه. كان محمود محمد طه قد كتب في إهداء أحد كتبه في العام 1968، قائلاً: "إلى الشعب السوداني: الذي لا تنقصه الأصالة، وإنما تنقصه المعلومات الوافية.. وقد تضافرت شتى العوامل لتحجبه عنها( ).
  3. نثمن جهودكم منذ توليكم لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، بعد اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة، وفي تقديري أن الوزارة منذ تأسيسها، وبمراحل تطورها ومسمياتها المختلفة، لم تشهد تفاعلاً وانحيازاً لقضايا الشعب، وبعض الاحترام للتعدد الثقافي، مثل ما هو الحال في هذه المرحلة، بيد أننا نتوق إلى المزيد من العمل من أجل الحرية الدينية. ونطالب الوزارة بالمزيد من العمل كذلك من أجل مواجهة الهوس والخطاب التكفيري، بما يضمن تحقيق التعايش والسلام ويمهد لوحدة السودان على المحبة ومعانقة الآخر، وليس فقط قبول الآخر. ولهذا علينا جميعاً الكثير من العمل حتى نجعل احترام التعدد الثقافي الذي يتمتع به السودان، محوراً مركزياً في رؤية الدولة السودانية وسياسات مؤسساتها، وحتى يكون عنصراً أساسياً في دستورها حينما يتم إعداده والتوافق عليه.
  4. إن هذه الرسالة تمثل طرفاً من واجب الوفاء لشهداء ثورة ديسمبر المجيدة، من خلال العمل عبر البحث العلمي من أجل استكمال استقلال السودان، ومساندة القائمين على أمر الوزرات والمؤسسات بإجراء المراجعات وتصحيح سيرها ومسيرتها المستقبلية.
  5. كل ما سنورده في هذه الرسالة يمكن الوقوف عليه مفصلاً في كتبنا: صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، (2013) ؛ الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، (2020) ؛ محمود محمد طه وقضايا التهميش في السودان، تحت الطبع، وغيرها مما سترد الإشارة إليه في الهوامش.
    عليه، تأتي رسالتنا في المحاور الخمسة، الآتية:

أولاً: دور وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وواجبها تجاه إلغاء فتوى الأزهر بردة محمود محمد طه عن الإسلام، عام 1972.
ثانياً: دور وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وواجبها تجاه إلغاء فتوى رابطة العالم الإسلامي بردة محمود محمد طه عن الإسلام، عام 1975.
ثالثاً: تقرير مدير مصلحة الدراسات الدينية بالأمانة العامة للشئون الدينية والأوقاف حول أفكار الأستاذ محمود محمد طه
رابعاً: وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وأعمال تخالف الدستور وتنافي الأخلاق: استكتاب الوزارة للأساتذة للرد على فكر محمود محمد طه وللتأكيد على بطلانه.
خامساً: وزارة الشؤون الدينية تنقل فيروس الهوس إلى وكالة السودان للأنباء "سونا".

فإلى تفاصيل المحاور:

مؤامرات فتاوي التكفير وبث خطاب التطرف والهوس الديني
دور وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وواجبها تجاه إلغاء فتوى الأزهر بردة محمود محمد طه عن الإسلام، عام 1972

كانت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف جزءاً من مؤامرات التكفير والحكم بالردة عن الإسلام على المفكر السوداني والإنساني محمود محمد طه. فعندما أفتى الأزهر بردة محمود محمد طه عن الإسلام، ووصف فكره بأنه "كفر صراح ولا يصح السكوت عليه"، وخاطب وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في السودان (للاطلاع على الخطاب الذي تضمن الفتوى أنظر ملحق رقم: "1" من هذه الرسالة) يوم 5 يونيو 1972م، قائلاً: "فالرجاء التكرم باتخاذ ما ترونه من مصادرة لهذا الفكر الملحد والعمل على إيقاف هذا النشاط الهدام خاصة في بلدكم الإسلامي العريق". ردت وزارة الشئون الدينية والأوقاف بخطاب (أنظر ملحق رقم: "2") جاء في 23 يوليو 1972م، النمرة: و ش د و/1/1/8/1، قائلة:
"السيد/ الدكتور محمد عبدالرحمن بيصار، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، الأزهر، القاهرة، تحية طيبة،،، بالإشارة إلى خطابكم المؤرخ 5/6/1972م والخاص بكتاب الرسالة الثانية من الإسلام تأليف محمود محمد طه ان موضوع مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه ونشاطه الذي يقوم به موضوع دراسة دقيقة بواسطة هذه الوزارة وسلطات الأمن المختصة في جمهورية السودان الديمقراطية وستتخذ من الإجراءات المناسبة بعد إكمال دراسة الموضوع من جميع جوانبه.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة الشرعية العليا بجمهورية السودان الديمقراطية كانت قد أصدرت حكماً غيابياً في القضية نمرة /1035/1968 في 18/11/1968 ضد الأستاذ محمود محمد طه وحكمت غيابياً بأنه مرتد من الإسلام وأمرته بالتوبة من جميع الأقوال والأفعال التي أدت إلى ردته وتجري الآن عملية جمع هذه الحقائق للمساعدة في الدراسة واتخاذ الإجراءات اللازمة. وشكراً ،،،، محمد أحمد ياجي، وكيل وزارة الشئون الدينية والأوقاف".

على الرغم من أنه يمكن أن يقال الكثير عن رد الوزارة، الذي يتسم بالتسليم التام للأزهر، وأظهر تعاون الوزارة مع الأجهزة الأمنية في حسم قضية فكرية باستعداء السلطة على مواطن سوداني، وغير ذلك، إلا أنني انتقل مباشرة إلى الحقائق الآتية:

  1. أشار رد وزارة الشؤون الدينية والأوقاف إلى حكم المحكمة الشرعية العليا الذي أصدرته في 18/11/1968، ومعلوم أن المحكمة العليا/ الدائرة الدستورية في السودان، قد أعلنت في 18 نوفمبر 1986 بطلان الأحكام الصادرة في 18 نوفمبر 1968 وفي يناير 1985، في حق محمود محمد طه واعتبرتها كيداً سياسياً.
  2. الموقف الجديد للأزهر من التكفير: خرج الأزهر من مؤتمر نظمه خلال الفترة ما بين 27- 28 يناير 2020، تحت عنوان: "مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي"، في القاهرة، بمشاركة 46 دولة من دول العالم الإسلامي، بموقف جديد كلية من التكفير. فقد تلا فضيلة شيخ الأزهر البيان الختامي للمؤتمر وجاء في (29) نقطة، كانت النقطة السابقة، كما جاءت على لسان فضيلة شيخ الأزهر، تقول:

"التكفيرُ فتنةٌ ابتليت بها المجتمعات قديمًا وحديثًا، ولا يقول به إلا متجرئ على شرع الله تعالى أو جاهل بتعاليمه، ولقد بينت نصوص الشرع أن رمي الغير بالكفر قد يرتدُّ على قائله فيبوء بإثمه، والتكفير حكم على الضمائر يختص به الله سبحانه وتعالى دون غيره، فإذا قال الشخصُ عبارةً تحتمل الكفر من تسع وتسعين وجها وتحتمل عدم التكفير من وجه واحد فلا يرمى بالكفر لشبهة الاحتمال؛ اعتدادا بقاعدة (ما ثبت بيقين لا يزول إلا بيقين)".

  1. إلغاء مادة الردة عن الإسلام في السودان: لقد أعلن وزير العدل في السودان إلغاء المادة (126) مادة الردة عن الإسلام، وأضاف الوزير بأن المادة الملغاة استُبدلت بتجريم التكفير، قائلاً إن تكفير الآخرين بات "مهددا لأمن وسلامة المجتمع"( ).

عليه، وبناءً على ابطال المحكمة العليا/ الدائرة الدستورية في السودان، للأحكام الصادرة في حق محمود محمد طه، وبعد إعلان الأزهر لموقفه الجديد من التكفير، وحيث أنه تم إلغاء مادة الردة عن الإسلام في السودان، فإنني أطالب وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بأن ترسل خطاباً إلى الأزهر، ليكون الحاقاً لخطابها الذي أرسلته في 23 يوليو 1972، وتطالبه رسمياً بإعلان التخلي عن هذه الفتوى والاعتذار عنها لشعوب السودان والإسلام والإنسانية جمعاء. علماً بأن هذه الفتوى كانت عابرة للأزمان والجغرافيا والأجيال، ولا تزال حية وفاعلة في مساجد السودان، وفي المنابر الإعلامية، وحاضرة في المصادر والمراجع في الجامعات ومراكز البحوث، وهي تغذي في مناخ التطرف والإرهاب وتهديد الأمن والسلام في السودان والعالم. وقد فصلنا كل كذلك بالأدلة والبراهين في رسالة شيعناها إلى فضيلة شيخ الأزهر في 21 يوليو 2020م (مرفق نسخة).

مؤامرات فتاوي التكفير وبث خطاب التطرف والهوس الديني
دور وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وواجبها تجاه إلغاء فتوى رابطة العالم الإسلامي بردة محمود محمد طه عن الإسلام، عام 1975

لقد تلقت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في 5 ربيع أول 1395/ [18 مارس 1975] خطاباً بالرقم: (5/17/2631)، من الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، مبيناً فيه بأن المجلس التأسيسي للرابطة قد أصدر حكمه بالإجماع بردة محمود محمد طه عن الإسلام تأييداً لما حكمت به المحكمة الشرعية العليا بالخرطوم "وإنه يجب على المسلمين أن يعاملوه معاملة المرتدين كما يجب مصادرة كتبه أينما وجدت ومنع طبعها". وأضاف الأمين العام للرابطة مخاطباً وزير الشؤون الدينية والأوقاف، قائلاً: "أرجو من معاليكم التكرم بنقل هذا القرار إلى حكومتكم الموقرة وبذل مساعيكم الحميدة لدى المسئولين فيها للمساهمة معنا في تنفيذه، خاصة وقد صدر عن مجلس يضم نخبة من العلماء والزعماء الممثلين عن معظم الشعوب الإسلامية في العالم".
عليه، واستناداً إلى ما أوردناه آنفاً، حيث أن المحكمة العليا/ الدائرة الدستورية في السودان أعلنت في 18 نوفمبر 1986م بطلان الأحكام الصادرة في حق محمود محمد طه، وبناءً على إلغاء مادة الردة عن الإسلام في السودان في يوليو 2020، وبناءً على الرؤية الجديدة لرابطة العالم الإسلامي، والتي ستكون كما أعلنها الأمين العام للرابطة، رؤية مستنيرة لقيادة "الاعتدال" و"عصرنة" الخطاب الديني، وتنطلق من تعزيز مفاهيم وسطية الإسلام ونشر قيم التسامح والمحبة والإخاء، والتأكيد على دور العلماء في ترسيخ تلك القيم المترسخة في وعي الاعتدال الإسلامي ومحاربة الغلو والتطرف، فإنني أطالب وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بأن ترسل خطاباً إلى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، بالإشارة لخطاب الرابطة التكفيري، آنف الذكر، وتطلب منه رسمياً إعلان رابطة العالم الإسلامي إلغاء هذه الفتوى والتخلي عنها، والاعتذار لشعوب السودان والإسلام والإنسانية جمعاء، لما سببته من أذي وتضليل، ولما تركته حتى يوم الناس هذا من أثر في تغذية مناخ التطرف والإرهاب في الفضاء الإسلامي والتهديد المستمر للأمن والسلام في السودان والعالم.
علماً بأننا شيعنا رسالة إلى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وطالبناه أمام إعلانه للرؤية الجديدة للرابطة ودعوته لرفض الغلو والتطرف والتكفير، بأن يبدأ بتنظيف سجل الرابطة. فهو سجل ينطوي على هوس وفتنة قوامها فتوى بالردة عن الإسلام مر على صدورها ما يقارب نصف القرن من الزمان، ولا تزال موظفة من قبل الفقهاء والأئمة والأساتذة الجامعيين. ولهذا طالبنا معاليه أن يحوَّل أقواله إلى أفعال بإعادة النظر في فتوى رابطة العالم الإسلامي، والاعتذار، نيابة عن الرابطة، إلى شعوب السودان والإسلام وللإنسانية جمعاء عن الفتوى وعن الأثر الخطير الذي تركته. وقد فصلنا كل ذلك في رسالتنا إليه (مرفق نسخة من الرسالة).

تقرير مدير مصلحة الدراسات الدينية بالأمانة العامة للشئون الدينية والأوقاف حول أفكار الأستاذ محمود محمد طه

في إطار خططها العاجزة والرامية إلى مقاومة الفكر الجمهوري والإخوان الجمهوريين وتشويه صورتهم، كلفت الأمانة العامة للشئون الدينية والأوقاف السيد أحمد البيلي، مدير مصلحة الدراسات الدينية، ليعد تقريراً عن أفكار محمود محمد طه. قام البيلي بإعداد تقريره بعنوان: "تقرير مبدئي حول أفكار الأستاذ محمود محمد طه"، بتاريخ 15 يوليو 1974. سعى البيلي في تقريره، كما زعم، إلى "تقويم (تقييم) أفكاره وآرائه المبثوثة في كتبه ورسائله في ضوء القرآن والسنة والاجماع والتوصية بما ينبغي اتخاذه". ولقد رد الإخوان الجمهوريون على تقرير البيلي بتفصيل في كتاب صدر في ديسمبر 1974م بعنوان: الميزان بين محمود محمد طه والأمانة العامة للشؤون الدينية، وكتبوا فيه، قائلين: "أما بعد، فإن ما زعم السيد مدير مصلحة الدراسات الدينية أنه "تقويم وتقييم" لدعوتنا، إنما هو، في الحقيقة، "تقويم وتقييم" للشئون الدينية، يؤكد رأينا فيها، منذ زمن طويل.. وهو أنها إنما تقوم على فهم خاطئ للدين، وتنشر فهما خاطئا للدين، وتستغل الدين في أكل الرزق، واجتلاب الجاه") (. وأكدوا بأن التقرير "جاء متهافتاً، فلا قيمة له ولا خطر"، كما وصفوا التقرير بأنه "مثل بليغ في عدم الأمانة، احتشد بسوء النقل، وسوء التخريج، وسوء التعبير أيضا". فلا حاجة لنا أن نقف عند هذا التقرير بعد التفنيد الذي قدمه الإخوان الجمهوريون في كتابهم المشار إليه أعلاه. فلقد وقفت على التقرير، وعلى الرغم من أنه لا يساوي الحبر الذي كُتب به، إلا أن الإشارة إليه هنا جاءت من باب الحصر والجرد المجمل لجهود وزارة الشؤون الدينية والأوقاف. فالتقرير مثَّل أحد نشاطاتها.
شاع تقرير البيلي، على الرغم من ضعفه وركاكته وعدم الصدق فيه، فورد في العديد من وثائق وبيانات معارضي الفكر الجمهوري، مثل بيانات هيئة علماء السودان، وفي تقرير أعدته وكالة السودان للأنباء (سونا)، كما سيرد لاحقاً، وغيرها.

وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وأعمال تخالف الدستور وتنافي الأخلاق
استكتاب الأساتذة للرد على فكر محمود محمد طه وللتأكيد على بطلانه

"إن المجلس الأعلى للشؤون الدينية والأوقاف يسعى لأن يستكتب أساتذة يردون على فكر محمود محمد طه وبطلانه الواضح، ولكن هذا لا يعني أن يقبل أي شيء، يقدم إليه دون فحص أو تدقيق فيما يقدم إليه") (.
الدكتور سر الختم الحسن عمر، 20 نوفمبر 1984
أحد المحكمين في استكتاب المجلس الأعلى للشؤون الدينية والأوقاف
للأساتذة في الرد على فكر محمود محمد طه وللتأكيد على بطلانه

ظلت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف/ المجلس الأعلى للشؤون الدينية والأوقاف بالسودان، في حالة عداء دائم للفكر الجمهوري، منذ نهاية خمسينات القرن الماضي، وقد عبَّرت عن ذلك العداء بأشكال مختلفة، وقد بيَّنا طرفاً من ذلك في كتبنا آنفة الذكر. كان من بين تلك الأشكال العدائية، استكتاب الأساتذة ليردوا على فكر محمود محمد طه وبطلانه. وعلى الرغم من أن الوزارة، عبارة عن جهة حكومية، واجبها أن تمثل كل السودان، وتنفق ميزانيتها في خدمة أهل السودان، لا في معاداة فكر أو جماعة بعينها. انصرفت الوزارة من مهامها المنصوص عليها في الدستور، وبدلاً من دعم الحوار بين أصحاب الفكر والرأي، ذهبت إلى القيام بأدوار لا صلة لها بمهامها الدستورية، حيث عملت على استكتاب الأستاذة لإعداد دراسات في الرد على فكر محمود محمد طه وبطلانه، كما تكشف الوثائق. لم نقف على استكتاب الوزارة للأساتذة ضمن تقاريرها السنوية، وإنما تكشف لنا ذلك عندما اختلف اثنان من المحكمين بشأن كتاب تم تقديمه لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف/ المجلس الأعلى للشؤون الدينية، وكان بعنوان: رسالة في الرد على محمود محمد طه( ).

أعد الكتاب الشيخ عبد الباقي يوسف نعمة، أحد خريجي الأزهر بالقاهرة. وقد وقفنا على مخطوطة الكتاب في المكتبة المركزية بجامعة أم درمان الإسلامية، تحت رقم التسجيل (92844)، ونحتفظ بنسخة منها. تضمنت المخطوطة تقارير من محكمي الكتاب، وهما: الأستاذة أم سلمة عبد الباقي، الأستاذة بجامعة أم درمان الإسلامية، والدكتور سر الختم الحسن عمر، موجهة إلى رئيس المجلس الأعلى للشؤون الدينية والأوقاف. كشفت تقارير المحكمين في ثناياها عن أن مخطوطة الكتاب تقع ضمن الدراسات التي جاءت استجابة لاستكتاب المجلس الأعلى للشؤون الدينية والأوقاف بالسودان، للأساتذة ليردوا على محمود محمد طه. فقد أصدر المكتب التنفيذي للمجلس الأعلى للشؤون الدينية والأوقاف توجيهاً للدكتور سر الختم الحسن عمر، والأستاذة أم سلمة عبد الباقي ليبديا رأيهما حول الكتاب. كتب سر الختم ضمن خطاب موجه إلى السيد رئيس المجلس الأعلى للشؤون الدينية والأوقاف (وزارة الشؤون الدينية والأوقاف)، موصياً بعدم قبول الكتاب للنشر نسبة لغياب التوثيق فيه، وأن المؤلف يستشهد بآراء بدون تثبيت مصدرها( ). (للاطلاع على نص التقرير، أنظر ملحق رقم: "3").

لم تقبل الأستاذة أم سلمة رأي الدكتور سر الختم، فردت برسالة مطولة تتكون من (8) صفحات، (أنظر ملحق رقم: "4" للاطلاع على الصفحة الأولى والأخيرة من الرسالة) تدافع فيها عن الكتاب، وتسعى فيها إلى دحض آراء الدكتور سر الختم والرد على الأسباب التي ذكرها. ويبدو أن هناك علاقة تربط الأستاذ أم سلمة عبد الباقي بمؤلف الكتاب عبد الباقي يوسف نعمة. حيث ذكرت في رسالتها أن مؤلف الكتاب أوكل لها كتابة مقدمة لكتابه، الأمر الذي قامت به، ثم أوضحت بأنها تعمل أوانئذ في تحقيق المخطوطة( ). حاولت أم سلمة إقناع المجلس بقبول نشر الكتاب بغض النظر عن مفارقة الكتاب للشروط العلمية التي أشار لها الدكتور سر الختم. ثم في ختام رسالتها الموجهة إلى رئيس المجلس الأعلى للشؤون الدينية والأوقاف، كتبت أم سلمة، قائلة: "في الختام آمل أن يجد هذا الجهد المتواضع منكم الموافقة على صلاحية نشره والعناية والرعاية حتى ينشر ويتاح لجميع المسلمين في دور النشر والمكتبات".

رد الدكتور سر الختم على رد الأستاذة أم سلمة بخطاب فكتب، قائلاً) (: "فيما يتعلق بإبداء الرأي حول كتاب: رسالة في الرد على محمود محمد طه، فإني أوضح الآتي:

  1. إن المجلس الأعلى للشؤون الدينية والأوقاف يسعى لأن يستكتب أساتذة يردون على فكر محمود محمد طه وبطلانه الواضح، ولكن هذا لا يعني أن يقبل أي شيء، يقدم إليه دون فحص أو تدقيق فيما يقدم إليه". (للاطلاع على الرسالة، أنظر ملحق رقم: "5").

على الرغم من أن الكتاب كان مخالفاً للأسس العلمية، ومفارقاً لمتطلبات البحث العلمي، إلا أنه، وللأسف، ظل متاحاً للطلاب بالمكتبة المركزية بجامعة أم درمان الإسلامية.

تكشف المساجلة بين الدكتور سر الختم والأستاذة أم سلمة حول كتاب: رسالة في الرد على محمود محمد طه، عن حجم المؤامرة ومستوى الكتب والدراسات التي يسعى المجلس لنشرها. فالأساتذة يتفقون على مبدأ نشر الكتب ضد فكر محمود محمد طه، حتى وإن لم تكن تلك الكتب ملتزمة بالأسس العلمية، فالغرض هو إثراء المكتبة الإسلامية بكل ما هو ضد فكر محمود محمد طه وبطلانه، كما ذهبت لذلك الأستاذة أم سلمة.
إن قراءة استكتاب وزارة الشؤون الدينية والأوقاف للأساتذة ضد فكر محمود محمد طه، مقروناً باستكتاب جامعة أم درمان الإسلامية للأستاذة من السودان وخارجه ضد فكر محمود محمد طه والإخوان الجمهوريين استجابة لطلب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، كما بينا تفاصيل ذلك في رسالتنا إلى الأمين العام للرابطة (مرفق نسخة)، يكشف ويوثق لحجم المؤامرات التي كانت ضد الفكر الجمهوري، وقد قام بها تحالف إسلامي عريض، قوامه مؤسسات محلية، كوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وغيرها، إلى جانب المؤسسات الخارجية، وقد فصلنا كل ذلك في كتبنا آنفة الذكر. لم يكن واضحاً من أين كان تمويل استكتاب وزارة الشؤون الدينية والأوقاف للأساتذة ضد فكر محمود محمد طه، فإن كان من ميزانية الدولة فيكون هذا تعدياً سافراً على حقوق المواطنين ودافعي الضرائب، وإن كان التمويل أجنبياً، فيكون تعدي يصب في الخيانة الوطنية. إذ كيف يمكن استجلاب الأموال الأجنبية لاستكتاب الأساتذة ضد مشروع فكري لمواطن سوداني وجماعة سودانية؟ إن استكتاب الوزارة للأساتذة ضد فكر محمود محمد طه يدل على عداء الوزارة السافر ضد الفكر الجمهوري، كما يكشف عن مؤامرات كبرى كانت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف طرفاً فيها، مما يستلزم الاعتذار.

وزارة الشؤون الدينية تنقل فيروس الهوس إلى وكالة السودان للأنباء "سونا"

في لوثة فكرية ظاهرة، وبخطوة لا ينقصها الهوس وغياب الوازع الأخلاقي، قامت وكالة السودان للأنباء (سونا) بإعداد تقرير استناداً على أرشيف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، ويقع في (46) صفحة. جمع التقرير مراسلات الوزارة مع المؤسسات الإسلامية، الأزهر ورابطة العالم الإسلامي (8 صفحات)، بشأن تكفير محمود محمد طه، ومراسلات رئاسة إدارة المحاكم مع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بشأن الحكم الصادر عن محكمة الخرطوم العليا الشرعية يوم الاثنين 18 نوفمبر 1968 وحيثياته (10 صفحات)، وتقرير أعده أحمد البيلي مدير الدراسات الدينية بالأمانة العامة للشئون الدينية والأوقاف، كما ورد الحديث عنه آنفاً، وقد أحتل (10) صفحات من تقرير "سونا". كما اشتمل تقرير "سونا" على بيانين من بيانات علماء السودان، والتي بدورها تضمنت خطابات الأزهر ورابطة العالم الإسلامي إلى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف.

يكشف التقرير بأن وكالة الأنباء للسودان "سونا"، وهي مؤسسة قومية، تخلت عن مهامها المنصوص عليها في قانونها الذي صدر في 19 نوفمبر 1973م، لتعد تقريراً جاء بعنوان: "مجموعة من الوثائق التي قدمت من المؤسسات الإسلامية والعلماء داخل البلاد وخارجها ضد المرتد محمود محمد طه ودعوته الباطلة"( )، ونشرته في 29 ربيع الثاني 1405ه الموافق [20 يناير 1985]( )، وجاء في صدره:

"تحصلت وكالة السودان للأنباء على مجموعة من الوثائق التي سبق أن قدمت من العديد من المؤسسات الإسلامية والعلماء داخل البلاد وخارجها والتي ظلت تنادي وتدعو لبتر محمود محمد طه باعتباره خارجاً عن العقيدة والشريعة الإسلامية وكافراً ومرتداً وداعية للضلال بطريقة خبيثة شيطانية أملاها عليه سادته أعداء الإسلام"( ).

يكشف تقرير وكالة الأنباء للسودان "سونا"، عن مدى حجم المؤامرة والشركاء فيها. وإذا ما قرأ تقرير "سونا" مقروناً بما ظل تقوم به وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، من استكتاب للأساتذة ضد محمود محمد طه، يمكننا أن نستنتج حجم المؤامرات العمل غير الأخلاقي.

ولمَّا كان تقرير وكالة الأنباء للسودان "سونا" قد أعتمد على أرشيف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، كما بينا، وبما أن التقرير مصنف بدار الوثائق القومية ضمن مجموعة المنوعات: 1/161/ 2327، بوحدة المكتبة، ويعتمد عليه الباحثون والباحثات حتى تاريخ اليوم، فإنني أطالب وزارة الشؤون الدينية والأوقاف أن تخاطب وكالة الأنباء للسودان "سونا"، وتطلب منها إعداد ملحق يتضمن الآتي:

  1. حيثيات وقرار وإعلان المحكمة العليا/ الدائرة الدستورية في السودان ببطلان الأحكام الصادرة في حق محمود محمد طه، والتي اعتبرتها كيداً سياسياً. جاء ذلك في 18 نوفمبر 1986م بموجب القضية نمرة: م/ع/ق/د/1406هـ، أسماء محمود محمد طه وعبد اللطيف عمر حسب الله ضد حكومة جمهورية السودان. ويمكن الاطلاع على حيثيات الحكم ضمن الموسوعة السودانية للأحكام والسوابق القانونية، 1986م، وكذلك في موقع قوانين السودان على شبكة الانترنت كما هو مبين ضمن هوامش هذه الرسالة( ).

  2. قرار إلغاء مادة الردة عن الإسلام، المادة (126)، والذي جاء ضمن قانون التعديلات المتنوعة (إلغاء وتعديل الأحكام المقيدة للحريات) لسنة 2020، تشريع رقم (12) لسنة 2020، حيث جاء فيما يتصل بإلغاء مادة الردة عن الإسلام: "تلغى المادة (126) ويُستعاض عنها بالمادة الجديدة الآتية: تكفير الأشخاص والطوائف والمجموعات. 126- كل من يعلن ردة شخص أو طائفة أو مجموعة من الأشخاص عن دينهم أو معتقداتهم أو يعلن تكفير ذلك الشخص أو تلك الطائفة أو المجموعة على الملأ مهدراً بذلك دمه، يُعاقب بالسجن مدة لا تجاوز عشر سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً"( ).

أكتفي بهذا القدر، وإلا فهناك الكثير الكثير مما يمكن إيراده لتبيين العداء السافر الذي تبنته وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ضد المفكر السوداني والإنساني محمود محمد طه، ونشاطها غير الأخلاقي تجاه الفكر الجمهوري، ودورها في التضليل وتغذية مناخ الهوس والتكفير في الفضاء السوداني والإسلامي.

قبل الختام، أود أن أجدد التذكير بأنني أسعى من خلال البحث العلمي، والذي حملت هذه الرسالة طرفاً من خلاصاته، إلى الاسهام في تمليك الشعب المعلومات الوافية "وقد تضافرت شتى العوامل لتحجبه عنها"، والكشف عن المؤامرات تجاه الفكر الجمهوري. ولمّا كان مشروع محمود محمد طه مشروعاً كوكبياً، أهداه إلى الإنسانية، وبما أن عداء وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تجاه الفكر الجمهوري، وقد كشفنا عن طرف منه، كان سافراً وعابراً للزمان والجغرافية والأجيال، وحيث أن ثورة ديسمبر المجيدة كانت تتسم بالكوكبية والتوق إلى أنسنة الحياة، فإنني أشركت في هذه الرسالة قائمة طويلة من الشركاء الدوليين والإقليميين والمحليين، نحو (400) من المؤسسات والمنظمات والتجمعات، ونحو (2500) من الباحثات والباحثين والناشطات والناشطين والمتخصصات والمتخصصين من المعنيين بتنمية الوعي وخدمة التنوير، وإحداث التغيير، وحرية الفكر، وحقوق الإنسان وكرامته، ومناهضة التكفير والإرهاب، وبناء السلام العالمي، فضلاً عن نشرها كرسالة مفتوحة.

ختاماً إنني أجدد دعوتي لسعادتكم لاغتنام هذه الفرصة، بتحمل المسؤولية التاريخية، فتخاطب الأزهر ورابطة العالم الإسلامي، وتطالبهما رسمياً بإلغاء فتاويهما بتكفير محمود محمد طه وردته عن الإسلام، وفي تقديري أن هذه المطالبة حق وطني وإنساني وواجب ثوري وأخلاقي، وفوق كل ذلك فهي إحقاق للحق، وتصب في تحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، حيث استكمال استقلال السودان وسودنة مؤسساته. كما أنك عبر إلغاء تلك الفتاوى تكون قد جردت المتطرفين من سلاح التكفير والإرهاب، الذي لا يزال مرفوعاً في المساجد والمنابر الإعلامية وحلقات الدرس الإسلامي، كما ورد التفصيل في الرسائل المرفقة. كما نطالبكم بتطهير سجل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف مما وردت الإشارة إليه، حتى تسهم في تحرير الفضاء السوداني والإسلامي والمزاج الديني في السودان من خطاب التكفير والهوس، خاصة وأن الوزارة كانت جزءاً من حلقات تشكيله وتمكينه وبثه. وبذلك تكون قد أسهمت في تطهير الأرض، وتحرير العقول، وتنقية سوح الفكر في السودان وفي العالم الإسلامي، وأسهمت كذلك، في فكرنة ثورة ديسمبر المجيدة، وعملت من أجل بناء السلام في السودان والعالم.

وتفضلوا سعادتكم بقبول فائق التقدير ووافر الاحترام،،،

عبدالله الفكي البشير
باحث وكاتب سوداني
دكتوراه فلسفة التاريخ، جامعة الخرطوم، السودان
مدينة كالجاري، ألبرتا، كندا
بريد إليكتروني: abdallaelbashir6@gmail.com