دقَّات على إيقاع المنفى

بابكر الوسيلة - 19-09-2022
دقَّات على إيقاع المنفى | بابكر الوسيلة

دقَّات على إيقاع المنفى

إلى: محمدسيف الدولة صالح

دقَّاتُ قلبِ الأمِّ
إيقاعُ الحياة..
…..
كان الفتى ببساطة الدُّنيا يحبُّ فتاته
ويُرسل شوقَهُ العاديَّ، في دعَة،
ويدعو نهرَها، والتَّلَّ،
والبستانَ والذِّكرى لقافيةٍ
على إيقاع قلب الأم.

يغسل وجهه بتذكُّر الآتي
على أحلامه الصُّغرى
يُرتِّب قلبَهُ المنسيَّ في الدُّولاب كلَّ قصيدةٍ
(هجرتْهُ وانتبذت)
………. …….

يَسيلُ الشٍّعرُ في الأيَّام،
يسأل: هل عرفتَ الدَّارَ بعد توهُّم؟!
هذي بلادي كلُّها وتَرٌ
على إيقاع قلب الأم.

يبكي غزيراً، كلُّما قفزت بلادٌ في يديهِ لتسألَهْ..
يرتخي في الوجد،
يَرفَع قلبَه لنسيم روحِ الكونِ
في العلَم الذي ما أجملَهْ..
في الوجد يبلغ حدَّهُ،
فيُرقِّصُ الدُّنيا بموكبه ويمشي وحدَهُ،
يمشي على إيقاع قلب الأم.
……………..

دقَّات قلب الأمِّ في المنفى
تقولُ له الحياةُ دقائقَ الذِّكرى على الصَّفصاف
ساقيةٌ بساقيةٍ تقول له الحقول..
كم ذا تُذكِّره الكمنجةُ، بين قوسَيْ روحهِ، بالرَّاحلين على البلابل..
أو ذبذبات صدى الكناري بالكنار على السُّهول
الطَّير صافَّاتٌ وذاك النَّهر صاف..
الشَّوقُ دمعاتٌ غزلنَ الاسمَ في المنديل
غزالاتٌ يُغازلهنَّ صَبا الفتى
على إيقاع نبض النِّيل في دقَّات قلب الأم.

……….

فوق سمائه في رنَّة المنفى..
الأفْقُ محتشدٌ على بوَّابة الله الجميل
لكنَّ الهوى ينتابُهُ الأحباب..
والذِّكرى دمٌ، إنْ لم تخنْهُ الذَّاكرة،
غنَّى على جسد الشَّهيد لأجل ذاكرة التُّراب..
الله يشهد ما يقول: كلُّما ضاقت على الأشواق عبرةُ دمعهِ الأصفى،
اتَّسعت به كأسُ البلاد من البعيد
على إيقاع قلب الأم.
….. …. ………

صورتها على الحائط..
تُحذِّره من الإيقاع في بحر القصيدة،
من شِراك الأصدقاء/ الشِّعر..
كلَّ يومٍ حين تدخل مقلتاه إلى سواحل روحها، يَعرَى.
تُعانقه وتسألهْ: كيف قضيتَ هذا اليوم واستقصيتَ عمرَك؟
ماذا عددتَ لربَّة البيت الجميلة من قُبَل؟
(الشِّعر لا يُجدي
ولا يُجدي الغزَل)
كلُّما أوغلتَ في هذي الحياة،
قتلتْ ظنونُ الرُّوح شِعرَك.
.. ………..

في آخر الليل..
انتبه الفتي ولنفسه انتبه الفتي في خيطه المغزول في قلب الفتاة
(ذهب اليسارُ مع الجنوب)
ظلَّ يبكي ليلَه،
يتصوَّف الرَّمزيُّ في يدها
وهو يَغزلُ كفَّها في صدره ويَذُوب..
…….

إيقاعُ قلبِ الأمِّ
دقَّاتُ الحياة.