إلى: حافظ حسين
(حيث غسلتنا النَّار)
في طريق الموكبِ امتلأ الفتى
بفتاته الأولى..
لم ينسَ أن يأتي بنُطفتِهِ
وصرختهِ وميلادِهْ..
وأن يستحضَرَ العاديَّ من أُسطورة
كمُنتْ بأبعادِهْ..
(إنَّ قلب الحبِّ جوهرتُهْ)
………………….
………….. ……
أوَّل الكلمات كانت
بُرهةً للصَّمت كي تختارَ حُنجرتُه..
أيُّ الملاحمِ تأخذ فرصةَ الإنصات للموج البعيد
وهو يأتي باختلاج الموكب
وامتزاج الكوكب
في صرخة الأحشاء للأحشاء من جوف النَّشيد
وهي تُخرِجُ من شُقُوق الأرضِ نهرَ الانفجار.
في زفاف الموكب النَّهريِّ
لا تقفُ البُيُوتُ على الضِّفاف
إنَّما تمشي مع الأمواج في وضح الهُتاف
كلُّ دارٍ مَركَبٌ لسواعد الثُّوَّار للثُّوَّار
كلُّ ناصيةٍ أصيصُ الحُلم يعلو
إذ يُعرِّشُ فوق ساريةٍ
وينمو بالشِّعار.
هنالك دائماً أملٌ..
سينجو النِّيلُ من خَفَر السَّواحل..
وتنمو وردةُ الشُّهداءِ من همس الجداول.
……………..
………………
في طريق الموكب امتلأت فتاةٌ بالفتى
كانت تقول له: أحبُّك أو أحبُّك أو أحبُّك
لا مناصَ الآن من هذا الرَّصَاص
وهو ثوريُّ الرَّهافة
شاعريٌّ في الشَّكيمة والشَّتيمة،
ساهلٌ شرِسٌ سليلُ معاركِ الأنثى
مُذْ جبهةِ الحُبِّ القديمة.
قال، عن صدر، لها: وأنا أحبُّكِ أو أحبُّك أو أحبُّك
ثمَّ ردَّدها الصَّدى
بين الجماهير الغفيرة حدَّ أن صارت شعاراً
شاعراً، فَرَساً وفنَّاناً طبيعيَّاً يُرى بين الشَّباب..
بين ابتسامات الرَّدى
كان يرسمُها على كفِّيهِ
يَحملُها على كتفيهِ
يكتبُها، دماً، على الأرض الخراب.
قالت: كيف تُجيب عن جسدي
يومَ سؤالِ قيامةِ الأشجارِ في بلدي؟
قال: رَمسُكِ في دمي..
وروحُكِ في الكتاب.
أُنُوثتها رُجُولتُه
رُجُولتُه أُنُوثتُها
في الغَرس يَختلطُ التُّراب.
…………………..
…………………..
هنالك دائماً وطنٌ
حتَّى لمفقُوديِّ أسئلة الهُوِيَّة..
دماً،
دمعاً وحرِّيَّة.
………….. …
……………….
صعد الفتى في النَّاس
صعدت فتاةٌ،
طفلةٌ صعدت من موجة الأعراس
صعد البدائيُّون من قاموسهم
واستحضَروا الكلمات،
قالوا:
إنَّ آخِرَ من تبنَّى النَّهر محرَقةً لمشهدهِ،
واستحثَّ الشَّمسَ كوكبةً
والنَّارَ مغسلةً لمعبدهِ،
هو موكب
الشُّهداء أمْس..
كان آخِرَ من بنى للنَّاس مملكةً على الفردوس
وقال للدُّنيا: سلامٌ من بني وطني عليك،
هذا إلهُ الحُبِّ من نادُوس،
هو موكبُ
الشُّهداء أمْس.
…………………..
…………………..
في طريق الموكب ارتفعتْ حدودُ الحزنِ
وارتفع الفتى بفتاته
(لا غدٌ يأتي بغير دمٍ ونار)
هذا نشيدُ حياتِها وحياتهِ.
ولا وطنٌ سيَعرِفنا ونَعرِفهُ
من غير أن تبقى الحقيقة واضحة:
موكبٌ يمضي ويمضي
كأنَّ الأرضَ لم تُخلَقْ على هذا المدار.
شارك هذا الموضوع: