الكارثه ....الانقاذ انهيار الحاضر...وهاوية المستقبل

مجدي إسحق - 12-07-2020

لا يختلف اثنان على واقع الوطن المغتصب بعصبة الانقاذ…واقع متردي..انهيار كامل لكل الخدمات فقر يخنق بزمام المواطن…وحال لا يتصور انسان انه يمكن ان يكون هناك ما هو أسوأ منه….
وهنا تكمن مصيبتنا…..
اننا نتصور ان اي و
واقع قادم لا يمكن ان يكون اسوا مما نحن فيه…مما جعلنا نسير نحو الهاوية ونحن لاندري..أو ندري ولا نحاول الهروب من هذا المصير.
لم تكتفي الانقاذ بتدمير الوطن استلاب خيراته اليوم بل تسعى بكل قوه نحو بيع الوطن ب استلاب المستقبل وارتهانه ..وادخال الوطن في
نفق يستحيل الخروج منه
لم يكتفي نظام الانقاذ من استلاب خيرات الوطن..بل تسعى لتدمير مستقبله وقتل أي أمل في الاصلاح والتطور.
ان الطريقه التي تسعى اليه الانقاذ اليوم بالانضمام لمنظمة التجاره العالميه…هو رصاصة في نعش وطن كان يعرف بالسودان.ان سعي الانقاذ للدخول للمنظمه بدون دراسة او تفاوض هو سعي لكسب شرعيه عالميه زائفه..وفرح بخبر اعلامي ساذج لترقص على اشلاء الوطن فرحا بان العالم قد رضي عنها…ولا يهم الثمن الذي دفعته..لا يهم حتى ولو كان بيع اقتصاد الوطن..والسياده الوطنيه الى مدى الدهر..لا يهم ان كان الثمن ان يصبح الاقتصاد تابعا ويفقد الوطن الحق في اتخاذ القرار او صناعة التنميه..لا يهم ان يصبح الوطن مكبلا يرزح في الفقر ولا يملك المقدره او الحق في ان يتطور.
لا استغرب ان تقودنا الانقاذ لهذه الهاويه..فحكومة الجهل وان كانت تعلم الى اين تقودنا فان مصلحة الوطن ليس من اهتمامها.لكنني استغرب غياب دور الشرفاء وصوت الاكاديميين الذين يعلمون الي اي هاوية ينزلق الوطن وهم صامتون…هل هي حالة الاحباط وعدم الجدوى..أم هو الاستسلام الخانع الذي يجعلنا نرى الوطن يضيع من بين ايادينا ولا نحرك ساكنا.
الاعزاء…
اقول لمن لا يعلم خطورة ما يحدث وتأثيره المروع على الوطن.
ابتداء لا أخفي موقفي المبدئي من كل المنظمات الغاشمه التي تعبر عن الاستعمار الحديث..والتي قامت لتقنن لسيطرة دول الاستكبار على العالم.
ولكن لا انكر انها اصبحت أمرا واقعا لا يستطيع وطننا وحده رفضها..وليس له طريق سوى الانضمام…ووقفها وحيدا خارجها ليس حلا بل مشكلة جديده لا نستطيع مواجهتها.
منظمة التجاره هي واحده من منظمات الاستعمار الحديث هذه وقد انشئت حتى يتم فيه فتح اسواق الدول تحت تأثير الضغوط والاتفاقات دون الحوجه للمعارك والحروب….تسيطر الدول الكبرى عليه لتخلق سوقا موحدا.فيه امتيازات تبادليه لاعضائه……فلاتستطيع الدول الضعيفه ان تعيش ان تنافس او ان تعيش خارجه خاصة ان اليوم اكثر من 95%من تجارة العالم تمر من خلالها.
ثالثا..اساس المنظمه يعتمد على ان الدوله التي تطلب الانضمام عليها ان تجد القبول والتأييد من كل الاعضاء….واي عضو له حق الفيتو في رفض انضمامك.
لذا تسعى الدول الساعيه للانضمام للدخول في اتفاقيات ثنائيه مع الدول الاعضاء لتضمن دعمها.هذه الاتفاقات فيها تنازلات من الدوله المعنيه للاخرين عن سيادتها على القرار الاقتصادي وفتح سوقها الداخلي للدول الاخرى…فمثلا قد تطلب دولة ثمنا لدعمها ان تفتح سوق الاتصالات..وتطالب الاخرى ان ترفع الدوله يدها عن زراعة القطن والسماح للدول الاخرى بالدخول فيه…وتطلب اخرى ان يكون 50%من قطاع النقل للقطاع الخاص العالمي وهكذا.
عند قبول الدوله الضعيفه وضمانها لدعم تلك الدول تكون قد اشترت هذا الدعم بثمن غالي وباعت مستقبل الوطن.
ومن ذلك اليوم لا يهم من سيكون على سدنة الحكم ان كانت الانقاذ او لو استجابت السماء لدعائنا وعذابنا وكانت هناك حكومه شريفة ووطنيه…فانها ستكون حكومهة عاجزة مسلوبة الاراده تحكم بالوكاله لتحقق مصالح الدول الاخرى..
فمصيبتنا ان الاتفاقات هذه ملزمه…وتعديلها يطلب جهدا جهدا اقرب للاستحاله حين تطالب الدول الاخرى بالتنازل عن مكاسبها في اقتصاد وطنك…. أما رفض هذه الاتفاقات لهو أكثر استحالة ففي حالة رفض الالتزام ترفع لمحمكة خاصه لفض النزاعات تصدر احكامها وعقوباتها للدول الناشزه بالحصار والمقاطعه.
تقوم كل الدول في مراحل التفاوض بالتريث والسعي للوصول لافضل اتفاقات تقلل من مساحة سيطرة الدول الاخرى على حركة سوقها الداخلي وسياساتها الاقتصاديه.يتم هذا بمنهج علمي ودراسات متكامله تعكس استحال تحقيق هذا الطلب او ذاك لانه قد يهدم اقتصاد الدوله فلا تستطيع الايفاء بالتزامها فتقبل الدول بهذه الدفوعات لانها اصلا تريد امتصاص هذه البقره الحلوب وليس من مصلحتها الانهيار الكامل.
لذا تذهب الدول للتفاوض ولها رؤيه تفاوضيه علميه مدعومه بالارقام.لها نظره عن ماهي مصالح الوطن والي اي درجه تستطيع مثلا ان تحافظ على قرارها الاقتصادي..وكم هي المساحه من التنازلات التي تستطيع ان تقدمها.
فريق التفاوض يعلم تفاصيل اقتصاده اليوم وما هو متوقع له بعد عشرة اعوام..يعلم انه لو سمح لفتح سوق المواصلات للدول الاخرى بنسبة 30%كم عدد الوظائف التي سيفقدها وكيف ستؤثر في مقدرة الدوله في تطوير قطاع المواصلات…وايضا اذا فتحت 50%من سوق العلاج الخاص…ماذا سيحدث لتكلفة العلاج..واذا رفعت الدعم من المزارعين..او الصناعه المحليه ما سيحدث للاسعار وكم من الوظائف ستفقد..
وقس على ذلك ما سيحدث للوطن والمواطن في كل ضروب الاقتصاد والخدمات عندما تصبح معروضة للسوق العالمي… يسيطر على نسبة منها وتفقد الدوله السيطره كليا اوجزئيا.
كعادة دولة الفساد والتخبط نجد حكومتنا تهلل وتبشر بقرب انضمامها طربا….ولا تعكس لشعبنا ما يعني الانضمام من قيود…..ولاتملك الشفافية لتحكي كمية التنازلات عن سيادتنا التي قدمتها ولا نسب ما باعت من اسواقنا لتجد هذا القبول المشروط..الذي يبيع الحاضر ويرتهن المستقبل الى ما لا نهايه..
فريقنا للتفاوض يعكس الجهل والتخبط..وغياب الرؤيه الاستراتيجيه….فقد تنقل ملف الاشتراك والتفاوض من بين وزاره وأخرى تعكس عدم الوعي والرؤيه الواضحه…فتنقل بين وزارة التجاره..ثم وزارة التعاون الدولي ثم لرئاسة الجمهوريه …هذا التنقل والتخبط يقود الى ضعف الخبره التفاوضيه التي تتوقع منها الاستقرار وتراكم المعرفه.
ان الوفود التفاوضيه في كل العالم تحضر وهي محمله بمشروع متكامل لرؤية الدوله مدعوما بدراسات تفصيليه لكل مناحي الاقتصاد تحدد ما تريد تحقيقه وتأثير ذلك على اقتصاد الدوله.مشاريع دقيقه ساهمت فيها الجامعات الوطنيه والاكاديميين المختصيين ثم بعد ذلك طرحت للنقاش المفتوح لاصحاب الاهتمام في كل مجال..لتستصحب خبرات العاملين ورؤيتهم من عمال ومزارعين وموظفين وتجار وبنوكيين وخبراء تأمين وغيرهم.
فلننظر ماذا يحمل فريقنا المفاوض المتأرجح من وزارة واخرى..لم نسمع لهم ندوه..لم نقرأ لهم مقال لم نسمع عن دراسة واحده تعكس رؤيه علميه عن ما يسعى له فريقنا التفاوضي…لم نسمع لهم بحوارات مع خبراء او مع اصحاب الاهتمام في اي مجال لمناقشة برنامج التفاوض في تلك القضيه…لذا لا نجدهم لا يعلمون مشاكل القطاع المحدد ولا مستوى تأثره بفتحه للسوق العالمي.
لاندري ما يحملون في حقائبهم من دراسات ولن نستغرب ان كانت فقط طلبات زوجاتهم من اسواق اوربا عند استلام نثريات حضورهم الغير الفاعل والهادم لمستقبل الوطن….ان الدوله هي الجسم الممثل للقطاعات المنتجه فتتفاوض للحصول على افضل فرص التنافس لها ولكن عندما يغيب اصحاب المصلحه يصبح الوفد المفاوض يمثل مصلحة افراده ومصلحة جهاز الدوله القاصر الباحث عن مكسب تشريفي ومظهري…تكون هي الكارثه وهي الطريق لهاوية بلا قرار.
تتناقل المجالس في اروقة المنظمه طرفة تعليق المندوب الامريكي قبل اعوام مضت عند استغرابه لعدم سماعه صوت اعضاء الوفد بل هو صوت رئيس الوفد يعوث في كل مجال يطرح من نقل وزراعة وتأمين وسوق المال.ولم يتحرج رئيس الوفد ان يقول انه يعلم كل التفاصيل لما حباه الله بخبرة وتنقل في المناصب السياديه…واخفى المشفقين ابتسامتهم على هذه السذاجة وهم يعلمون ان كل مجال يحتاج لعشرات من الخبراء في ذلك المجال ليناقش نظرائهم بعلميه ومعرفه تسمح لهم بكسب تنازلات لاوطانهم وحمايتهم من تقديم تنازلات تضر باوطانهم
الاعزاء
يبشر نظام الانقاذ بسرعة انضمامهم للمنظمه.. ويرقصون طربا انهم بنهاية العام سيتم قبولهم .
يسخر عالم التجارة الاقتصاد عن سبب الفرح والاستعجال الذي لا يعني الا مزيدا من التنازلات لكل الدول لشراء رضائهم ودعمهم
فلا توجد دولة سوى دولتنا التي تزغرد فقط لشكل الانضمام وليس جوهره وشروطه. تقوم الدول بالاحتفاء بالاتفاقات الثنائيه وما فيها مكاسب لاوطانهم لان هذه الاتفاقات الثنائيه هي التي تشكل الاتفاقيه النهائيه والتي تشكل القيود التي تحكم شعوبهم.
التبشير بالرغبه في سرعة الانضمام والاعلان بانهم سينضمون بنهاية هذا العام هو الغباء بعينه …وهو اعلان ساذج لانه يعكس اللهفة للانضمام مما يضعف القدره التفاوضيه ويقول للعالم سنقبل بكل شروطكم لنضمن مقعدنا قبل ذاك التاريخ…ويجعل الدول الاخرى تطالب بالكثير من المطالب والتعنت وعدم التنازل.
الاعزاء
ان الانقاذ توعدنا الفقر وديمومة المعاناه والعذاب …
ان الانقاذ لم تكفيها سرقة الوطن اليوم بل تبيع في مستقبلنا ومستقبل اطفالنا..
انها كارثة قادمه قادمه..
وهاويه نسير نحوها
ووطن يباع مستقبله امام اعيننا….
انها مسؤلية كل فرد منا….
ان نقف امام هذا النهب والاستلاب لمستقبلنا…
فلنرفع صوتنا عاليا..فلنحاصر زمرة الانقاذ…فلنطالب بالشفافيه..فلنرفض اتفاقيات ثنائيه لا نعلم مضامينها.ونسعى للضغط لتعديلها قبل ان تصبح من شروط العضويه…ولنطالب بوضع دوسيه متكامل بمعلومات وافيه برؤية واضحه للتفاوض بعد وضع دراسات يتفق عليها الاكاديميين والخبراء واصحاب الرأي..ان الانضمام للمنظمه بشروط معقوله له فوائد لا ينكرها احد..فسيادة الشفافيه…ووجود قوانين تحاصر الفساد تجعل على الاقل اقتصادنا وتجارتنا لاتعتمد على مؤمرات زمرة الانقاذ وعصبتها بل تحكمها معايير عالميه مفروض عليها الانصياع لها
فلننفض عننا غبار السنين….ولنمزق هذه القيود التي توضع على الوطن اليوم والى مدى الدهر…..ولنقوم اليوم لنكتب مستقبلنا بايدينا.. والعالم سيكون معنا سيحترم واقعنا كدولة أقل تطورا…وسيحترم وجود شفافية وارقام تعكس مصداقيتنا ورغبتنا في التطور والالتزام باتفاقاتنا
الاعزاء
لنعلم ان ليل الظلم قصير..وستذهب الانقاذ ولكننا سنجد وطنا مباع في سوق النخاسه واقتصادا مكبلا ومرهونا لدول العالم…ومواطن ليس له سوى الشكوى والفقر والمذله…..
فوقفتنا اليوم هي فرض عين لكل من يمتلك ذرة من حب الوطن..
لنمنع هذه الشرذمه من ارتهان الوطن…ولنسطر لاطفالنا مستقبلا لهم فيه حرية القرار…وليعيشوا العدل والنماء في وطن لم نحقق حلمه وليحققوا للوطن حلما يستحقه.

مجدي اسحق
2017