د.حمدوك..الحلو. هي دولة المواطنه.. وكفى

مجدي إسحق - 04-09-2020

رغم الفرح ببوادر اتفاق الحلو وإرهاصات سلام نحلم به وننتظره سنينا لكن تباشير الفرح جاءت مشوبة بالقلق بما تحمله من بذور الفتنه وجرثومة الإختلاف.
أعلم إن الإثنين في دواخلهم لايحملون للإديان الا كريم التقديس والتوقير وإن في خطوتهم يسعون ان يعيدوا للتدين صفاءه ونقاءه بعيدا من سلطة(هي لله) التي أثبتت أنها كانت تجسيد لكل موبق ولكل مفسدة والدين منها براء.
أختلف معهم.. ولهم أقول مع الاحترام والمحبه…
رغم ثقتي في دوافعكم ولكني أزعم إن التوقيع على مبدأ فصل الدين عن الدوله كان خطأ رغم إيماني بصدق النوايا ومشروعية الهدف.
أعلم أن د. حمدوك كان يسطر بأحرف من نور إلتزام حكومته بإحترام التعدد وكان الحلو يبصم على مستقبل ليس فيه إستغلال للدين لمصلحة جماعة من الأفاكين وخفافيش الظلام الذين نهبوا بإيم الدين وسرقوا بإسم الدين وجعلوا من الدين تميمة يبررون بها بطشهم وظلمهم وقناع يخفون به دولة النهب والفساد.
أعلم إن مقصدكم هو ان تكون الدولة للجميع وأن يكون جهاز الدولة واقفا من كل الأديان على مسافة واحده دون تحيز لدين… و لا ظلم أو حجر على الآخر.
إن إعتراضي على التوقيع على تعبير (فصل الدين عن الدوله) ليس إعتراضا على دوافعكم ولا على جوهر مقصدكم في إحترام حرية التدين وإحترام الأديان.
إعتراضي على إستعمال شعارا أصبح ملغوما مفتوح الباب لكثير من التأويلات والإستغلال.
لا ننكر إن كثير من الشرفاء يؤمنون إنه هو الأساس للعلمانيه التي تؤسس لدولة القانون والحريات..لكننا نجد حتى بين الشرفاء الذين يؤمنون بالعلمانيه تختلف رؤاهم ومفهوم العلمانية لديهم وحدود فصل الدين من الدوله.. وشكل العلمانيه التي يدعون لها.
إننا أيضا نجد كثيرا من الشرفاء رغم إيمانهم بحرية التعدد لكنهم يرفضون الشعار ويرفضون الدولة العلمانيه وينادون بالدولة المدنيه بدلا عنها. يؤمنون إن العلمانيه لها جذورها في مجتمعات تأثرت بسلطة الدين على الدوله ويتخوفون أن نتاج صراعهم الذي أسس لفصل الدين عن الدوله قد لا يتناسب مع واقعنا وطبيعة شعوبنا.. وفي بالهم الي أي مدى سيؤثر هذا الفصل على نمط حياتنا ومفهومنا للتدين.
للأسف هناك شريحة من الشرفاء من يختلط عليهم المفهوم فيقعون في حبائل الأشرار ويصدقون إعلامهم المسموم والمعلوم المقاصد الذي يجعل من فصل الدين عن الدوله كأنها دعوة لفصل الدين من المجتمع ونزع قيم الدين وأخلاقه من حياة الناس ومن تقاليدهم. رغم خطل هذا الخلط الذي يحمله خفافيش الظلام على أسنة الرماح وهم يصرخون (وإسلاماه) وقلوبهم تحلم بالكراسي وينشرون السموم والإفك بأنها دعوة إغلاق المساجد وفتح البارات والمواخير… لن ندخل معهم في جدل كلنا يعلم خوائه وعواره… فالمساجد مفتوحة وآمنه في أكثر دول العالم علمانية حين كان أهلنا يموتون بالرصاص في بيوت الله في زمن دولتهم الغابره وان البارات والمواخير مشرعة ابوابها في دول تحتضنهم الان ومنها ينشرون سمومهم..لكن للأسف حتما سنجد من يقع لحبائل إعلامهم المضلل ولكننا رغم سعينا لتعرية إفكهم ولكنه لن يكون سببا لرفض هذا الشعار.. فقط لأنهم لوثوه وجعلوه مطية لمصالح تنظيمهم لتمكين دولة السحل والظلم والإفساد.
نحن نزعم إن تحفظنا الأساسي إن الشعار في حد ذاته سيفتح ابوابا لمعركة في غير معترك.. وشرفة للصراعات والتشرذم والتأويلات والتفسيرات والتبريرات نحن في غنى عنها…
إن شعبنا لا يريد في مساره اليوم أن يغرق في شبر خلاف فلسفي او صراع مصطلحي.
بل يريد مبادرة سلام واتفاق تبنى على لغة واضحه تعبر عن الهدف المقصود والصيغة المحكمه التي لاتحتمل التأويل.
فلنكتب الهدف الذي لا نختلف عليه بحروف من نور موثقه بدماء نضالات شعبنا… نوثق بلا خلاف في تعبير أو لغة او صراع في تأويل مصطلح لأن الهدف واضح هو(دولة المواطنه التي تحترم الإنسان بلا تمييز نتيجة للعرق او اللون والدين).كلنا نتفق عليه.. وليس أكثر من هذا نريد… . أرضية صلبة تجمعنا وتوحدنا بلا ظلم بسبب العرق ولا خداع وإستلاب بإسم الدين… إن متفقون على الجوهر فهل نجعل من الصياغة بابا للإختلاف؟؟…
لذا ندعوكم بتجاوز وثيقة الإتفاق الأولى….. وذلك بكتابة وثيقة سلام مبدئيه أكثر وضوحا وتفصيلا… تستند على الآتي.
1.تقوم الدوله على حق المواطنه المتساوي للجميع بدون تمييز على اساس اللون او العرق او الدين.
2.التأكيد على إحترام التنوع الإثني الثقافي والديني في الوطن.
3.قيام دستور ودولة مؤسسات تحترم حرية الأديان.
4.تحديد نوع الحكم وشكل العلاقه بين الدين والدوله.. ليست مسئولية الحكومة الانتقاليه بل يحددها الشعب السوداني من خلال مؤتمر دستوري جامع.
أعزائي
ان العقبات التي أمام شعبنا والعراقيل التي تواجه بناء دولة المؤسسات لاتخفى على أحد. إن خفافيش الظلام يتربصون بقافلة الثوره فلا تعطوهم ذخيرة لحرب الكراهيه التي يجيدونها.
إن الذي يجمع الشرفاء وإتفاق مصالحهم في دولة الحريه والمؤسسات لا يختلف عليه إثنان… فلنضع الأهداف نصب أعيننا.. ونتجاوز المصطلحات والشعارات… ونرسم مستقبلا لا أختلاف عليه… دولة القانون ودولة المواطنه لا يظلم فيها انسان بسبب لونه او دينه أو عرقه يظللها دستورا يحمي التدين وكل أخلاق شعبنا النبيل…
فلنتجاوز صراع المصطلحات واختلاف التعابير فلتتشابك ايادينا وقلوبنا في طريق البناء ما دام الهدف واحد… وقوموا….
قوموا لبناء دولة المواطنه ووطن المحبه والتسامح يرحمكم الله..