كنت أظن صديقي انه من القلائل المصابين بمتلازمة الإحباط.. وكنت أظنها حالة فرديه لم تؤرقني رغم العنت في محاولات زرع بذرة للشفاء والتعافي….كم سهرت الليالي شارحا له بانه يعاني من متلازمة الإحباط وجلد الذات… وهي حالة مرضية تصيب الثوار في مراحل غياب العقل الموضوعي وسيادة العقل العاطفي..
لقد أصبح مدعاة للقلق أن أرى في كل صباح إن الجرثومة تكتسب قوة وتكتسح اراض جديده… فنرى الشرفاء يتساقطون لهجمتها… وتمتلئ الأسافير بحالات جديده.. وفي كل مجلس ترى نفس الاعراض تنتشر بتزايد مخيف… إنها بوادر تنذر بأننا ربما نستشرف إرهاصات وبوادر وباء وليست حالات فرديه يمكن تجاهلها…. إنه كورونا الإحباط… وباء إن لم نسيطر عليه فهو لامحاله سيصيب جسد الثورة في مقتل…
نرى اليوم كم… إنتشرت جرثومة الاحباط لتصبح وباء أحكم قبضته على أرواح كثير من الشرفاء تغلغل في مسامهم و أظهرت أعراضه من إرتفاع وتائر الغضب وإزدياد التوتر والألم… بين صرخات ترشح عن مشاعر الالم والتساؤلات الغاضبه عن فشل الثوره وعن البرهان و حميدتي المتآمرين… وضعف المكون المدني في مجلس السياده.. و بطء حكومة حمدوك.. وسيطرة السوق الأسود وغلاء المعيشه…. هي شكاوي لا تنتظر الفحص المعملي لتأكيد حدوثها ولكنها حتما نرى كم تتلوث بجرثومة الإحباط حين يقذفها في وجهك مرتبطة بفقدان الأمل.. متأكدا وملتحفا بعشرات التسريبات والتحليلات عن الأصابع الأجنبية والفساد والمؤامرات ومؤكدا أنها حقائق ناصعة ومؤكده… . ويختمها بتنهيدة طويلة بأنهم قد فرطوا في ثورة عظيمه… ويبدأ واثقا من إحتضارها وقبل ان يبدأ مراسم الدفن يبدأ في لبس السواد و يكتب نعيها متحسرا…..ليدخل في مرحلة الحزن وجلد الذات بأننا كشعب غير محظوظين وسنستمر في مستنقع الفقر والحرمان لأننا نستحق ذلك ولأننا قد جلبنا ذلك بأيدينا يوم جلسنا مع العسكر…ويوم فعلنا كذا ويوم تم تعيين فلان… ويوم قبلنا بذلك وغيره.. دوامة وسيلا من تشريح التاريخ وجلدا للذات و يختمها برفع الفاتحه على روح الشهداء الذين ضاعت ارواحهم سدى..
لانقول ان الشكاوي بلا أساس ولكن نقول إنها كانت تربة وستظل خصبه تغذي جرثومة الاحباط وتلون الواقع بسلبيتها… فتقود لهاوية الترهل والفشل…
إنها جرثومة رغم جبروتها لكن علاجها معلوم.. لكنه علاج مؤلم يحتاج الانتباه اليومي وأخذ جرعاته مدى الحياه..
إن علاجه في مصل الوعي الثوري الذي يشفي الفرد من العقل العاطفي الحاضن لجرثومة الإحباط وراعيها ويبني خلايا العقل الموضوعي…
إن العقل العاطفي هو الذي ينظر للواقع ويقارن مدى تطابقه مع أحلامه وعندما لا يتحقق ذلك يخلق حالة ضعف المناعه التي تعطي لجرثومة الاحباط الوضع الأمثل لكي تنمو وتنتشر وتسيطر وتفتح الباب للترهل والجمود.. وللغضب وجلد الذات..
إن العقل الموضوعي هو الشفاء والضمان ضد جرثومة الإحباط.. فهو العقل المتحرك الذي يرى الواقع وعندما يجد انه لايتطابق مع أحلامه يبحث عن الأسباب ويبدأ في صنع الحلول والعمل على تحقيقها..
إن العلاج في جرعات من مصل الوعي غذاء العقل الموضوعي وأساسه… فالعقل الموضوعي لا يتعايش مع جرثومة الاحباط لأنه يتفاعل مع المتغيرات في قوانين خطواتها الأربعه المعلومه..
1.يقبل الواقع ويتأكد من حدوثه.
2.ينظر لمسبباته والعوامل المتداخله.
3.البحث عن الحلول وكيفية تجاوز عقبات الواقع.
4.دور كل فرد في تحقيق ذلك…
أحبتي
فلنبدأ خطواتنا في دروب التعافي..
ولنبدأ التخلص من العقل العاطفي وبناء خلايا جديده للعقل الموضوعي…
ولنأخذ جرعتنا الأولى ولنستمر في تعاطي العلاج يوما بعد يوم…
1.نقرأ الواقع كما هو.. بطء في خطوات حكومتنا..الواقع المعيشي يشهد تراجعا ملحوظ.. تحالف بين العسكر والمدنيين من أبناء شعبنا به كثير من الثقوب.. خطوات السلام متعثره.. وخفافيش الظلام مازالت تحلق وتمرح وتمارس هوايتها في بث الشائعات و مص دماء شعبنا..
مجدي إسحق
شارك هذا الموضوع: